قد يبدو ضرباً من الخيال أو الجنون الحديث عن نسخة ثانية من الربيع العربي الآن، خاصة وأن مخاضات وتداعيات الربيع العربي الأول لم تنتهِ بعد!
فما يسمى بالربيع العربي -وإن كان أبعد ما يكون عن مفهوم الربيع ودلالاته- مازالت نتائجه غير واضحة، ومن المستبعد أن نرى وضوحها سريعاً أو حتى قريباً. فتلك الأحداث التي ظهرت فجأة في إحدى المدن التونسية في ديسمبر 2010 لم يكن متوقعاً لها أن تكون شرارة للفوضى الخلاقة التي قادتنا إلى ما نحن عليه من فوضى الآن.
الربيع العربي لم يغيّر الأنظمة السياسية العربية بشكل كامل، بل غيّر نخبها الحاكمة، فمن نخب ثورية إلى نخب مدنية، ومن نخب عسكرية إلى نخب مدنية أيضاً، ومن نخب اعتلت سدة الحكم بالقوة إلى نخب اعتلت سدة الحكم بصناديق الاقتراع.
الربيع العربي حمل تطلعات الجماهير العربية إلى الحرية والديمقراطية والدولة المدنية التي تقوم على مبادئ المواطنة من حقوق وواجبات، والتوزيع العادل للثروة، والانطلاق نحو معدلات مرتفعة للتنمية، ولكن هل تحققت مثل هذه التطلعات؟
لا أعتقد أنه أحداً يمكن أن يجيب بنعم، فمخرجات الربيع العربي لا تتعدى الأنظمة الديمقراطية الشكلية غير المستقرة سياسياً وأمنياً. ومازالت هناك فرص لفوضى عارمة من المستبعد أن تتوقف قريباً.
«الربيع العربي ليس هدفه إيصال الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر، بل هدفه خلق بيئة متغيّرة غير مستقرة تضمن عدم عودة الاستبداد للنظام، فالقوة الآن صارت لدى الجماهير وليس عند النخب الحاكمة، وزال حاجز الخوف، ومتى ما شعرت الجماهير أنها مستهدفة بالاستبداد مرة أخرى من النخب الحاكمة سيكون لديها القدرة على تغيير النظام من جديد». هذه عبارات أحمد عادل مؤسس أكاديمية التغيير وهو يشرح لي ديناميكية تغيير الأنظمة السياسية العربية خلال الشتاء الماضي.
السؤال هنا إذاً؛ ما الحاجة لنسخة ثانية من الربيع العربي؟ وهل تختلف النسخة الأولى عن النسخة الثانية؟
لدي قناعة بأننا اليوم نعيش النسخة الثانية من الربيع العربي، والنسخة عبارة عن مرحلة جديدة من الفوضى الخلاقة التي قادت إلى تغيير النخب الحاكمة بأدوات اللاعنف.
فالربيع العربي أطاح بالنخب الحاكمة في كل من تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، ومازال المخاض معقداً في دمشق. وحتى نتعرف على الفرق بين النسخة الأولى والثانية من الربيع العربي يمكننا مقارنة مجموعة من العوامل حسب الآتي:
ـ أطراف الصراع: في النسخة الأولى شملت أطراف الصراع بين النخبة الحاكمة السابقة والجمهور، أما النسخة الثانية فهي صراع بين الجمهور والجمهور لأن النخبة الحاكمة الجديدة هي جزء من الجمهور بخلاف ما كان سائداً في النسخة الأولى.
ـ أسباب ومبررات الصراع: في النسخة الأولى كانت أسباب الصراع تقوم على إنهاء الاستبداد. أما في النسخة الثانية فإن الأسباب تقوم على خلاف حول الشرعية والمصالح.
ـ شكل الصراع: في النسخة الأولى كان شكل الصراع صفرياً حاداً يعتمد تكتيكات اللاعنف كأسلوب تسوية، أما في النسخة الثانية فإن الشكل مازال نفسه، ولكن أسلوب التسوية يقوم على العنف، وهنا تكمن الخطورة.
ـ نتيجة الصراع: في النسخة الأولى كانت النتيجة تغيير بعض النخب الحاكمة، أما في النسخة الثانية فإن النتيجة ستكون حالة من الصراع الأهلي مكلف للغاية بشرياً ومادياً.
مثل هذه العوامل تؤكد لنا أن المنطقة مقبلة أمام نسخة ثانية من الربيع العربي ستكون مكلفة جداً، وقد تكون تداعياتها أكثر مما شهدته المنطقة خلال العامين الماضيين.
فما يسمى بالربيع العربي -وإن كان أبعد ما يكون عن مفهوم الربيع ودلالاته- مازالت نتائجه غير واضحة، ومن المستبعد أن نرى وضوحها سريعاً أو حتى قريباً. فتلك الأحداث التي ظهرت فجأة في إحدى المدن التونسية في ديسمبر 2010 لم يكن متوقعاً لها أن تكون شرارة للفوضى الخلاقة التي قادتنا إلى ما نحن عليه من فوضى الآن.
الربيع العربي لم يغيّر الأنظمة السياسية العربية بشكل كامل، بل غيّر نخبها الحاكمة، فمن نخب ثورية إلى نخب مدنية، ومن نخب عسكرية إلى نخب مدنية أيضاً، ومن نخب اعتلت سدة الحكم بالقوة إلى نخب اعتلت سدة الحكم بصناديق الاقتراع.
الربيع العربي حمل تطلعات الجماهير العربية إلى الحرية والديمقراطية والدولة المدنية التي تقوم على مبادئ المواطنة من حقوق وواجبات، والتوزيع العادل للثروة، والانطلاق نحو معدلات مرتفعة للتنمية، ولكن هل تحققت مثل هذه التطلعات؟
لا أعتقد أنه أحداً يمكن أن يجيب بنعم، فمخرجات الربيع العربي لا تتعدى الأنظمة الديمقراطية الشكلية غير المستقرة سياسياً وأمنياً. ومازالت هناك فرص لفوضى عارمة من المستبعد أن تتوقف قريباً.
«الربيع العربي ليس هدفه إيصال الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر، بل هدفه خلق بيئة متغيّرة غير مستقرة تضمن عدم عودة الاستبداد للنظام، فالقوة الآن صارت لدى الجماهير وليس عند النخب الحاكمة، وزال حاجز الخوف، ومتى ما شعرت الجماهير أنها مستهدفة بالاستبداد مرة أخرى من النخب الحاكمة سيكون لديها القدرة على تغيير النظام من جديد». هذه عبارات أحمد عادل مؤسس أكاديمية التغيير وهو يشرح لي ديناميكية تغيير الأنظمة السياسية العربية خلال الشتاء الماضي.
السؤال هنا إذاً؛ ما الحاجة لنسخة ثانية من الربيع العربي؟ وهل تختلف النسخة الأولى عن النسخة الثانية؟
لدي قناعة بأننا اليوم نعيش النسخة الثانية من الربيع العربي، والنسخة عبارة عن مرحلة جديدة من الفوضى الخلاقة التي قادت إلى تغيير النخب الحاكمة بأدوات اللاعنف.
فالربيع العربي أطاح بالنخب الحاكمة في كل من تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، ومازال المخاض معقداً في دمشق. وحتى نتعرف على الفرق بين النسخة الأولى والثانية من الربيع العربي يمكننا مقارنة مجموعة من العوامل حسب الآتي:
ـ أطراف الصراع: في النسخة الأولى شملت أطراف الصراع بين النخبة الحاكمة السابقة والجمهور، أما النسخة الثانية فهي صراع بين الجمهور والجمهور لأن النخبة الحاكمة الجديدة هي جزء من الجمهور بخلاف ما كان سائداً في النسخة الأولى.
ـ أسباب ومبررات الصراع: في النسخة الأولى كانت أسباب الصراع تقوم على إنهاء الاستبداد. أما في النسخة الثانية فإن الأسباب تقوم على خلاف حول الشرعية والمصالح.
ـ شكل الصراع: في النسخة الأولى كان شكل الصراع صفرياً حاداً يعتمد تكتيكات اللاعنف كأسلوب تسوية، أما في النسخة الثانية فإن الشكل مازال نفسه، ولكن أسلوب التسوية يقوم على العنف، وهنا تكمن الخطورة.
ـ نتيجة الصراع: في النسخة الأولى كانت النتيجة تغيير بعض النخب الحاكمة، أما في النسخة الثانية فإن النتيجة ستكون حالة من الصراع الأهلي مكلف للغاية بشرياً ومادياً.
مثل هذه العوامل تؤكد لنا أن المنطقة مقبلة أمام نسخة ثانية من الربيع العربي ستكون مكلفة جداً، وقد تكون تداعياتها أكثر مما شهدته المنطقة خلال العامين الماضيين.