أتصوّر أن بناء ثقافة الديمقراطية كشرطٍ أساس ولازمٍ للمصالحة الوطنية المنشودة يتطلّب المصارحة بين الفرقاء بشأن مكوِّنات الأزمة السياسية، الأمر الذي يستوجب تواصلاً فعالاً على مستوى الجماعات والأفراد، فبدون هذا التواصل يصعب التوصّل إلى أرضية سياسية مشتركة.
ويصنِّف علماء النفس التواصل من ضمن الحاجات الأساسية التي تعتبر شرطاً ضرورياً للحفاظ على البقاء (من أكل ونوم وسكن وصحة، الخ)، وتحقيق الأمن النفسي (ضمان اجتماعي، قوانين وقائية وحمائية، الخ). فالتواصل يندرج في إطار الحاجات الاجتماعية التي تنّم عن رغبة الفرد واهتمامه بإقامة علاقات الصداقة والعطف مع الغير، نظراً لحاجته للتواصل مع غيره بمثل ما يحتاج الغير إلى التواصل معه، لذلك يعتبر أحد الأبعاد المفصليّة لشخصية الفرد.
إن التواصل ليس مجرّد عملية اتصال لغوية ولسانية، كما قد يتصوّر الكثيرون، بل هو الحياة في بعدها الوجداني الاجتماعي، ومن ثم الوجودي. فما يربطنا بالعالم وأشيائه، والمجتمع ومكوِّناته هو بالأساس وجداني؛ وحتى العلاقات النفعية التي ننسجها مع الأشياء، ومع مكوِّنات المجتمع هي في الأساس وجدانية، فالبيت الذي نسكنه، والأثاث الذي نستعمله لا يمكن إلا أن يؤثِّر فينا، فنحن نسكِنُه وجدانياً كما يؤوينا عاطفياً، لهذا يصعب فقدانه أو فقدان أشيائه، لأن ذلك يترك آثاراً من الخواء داخل النفس، وفي معمارنا الباطني، يجعلنا نشعر بالأسى لضياعه. أما المجتمع وأناسه فهما يخترقاننا؛ فنحن لا يمكن أن نكون لا مبالين إزاء غيابهما أو حضورهما المشوّه كما في الكوارث الطبيعية، والأحداث البشرية كالحروب مثلاً، وكلما اخترق الإحساس بالرحمة ثم بالمودّة والحبّ، علاقتنا بهما، كلما صرنا في انسجامٍ معهما، والعكس أيضاً صحيح.
وبإسقاط تلك الأفكار على أجواء المصالحة الوطنية التي تلوح في الأفق مع بشائر الحوار الوطني المتوقّع في القريب العاجل، يمكن القول بأن التواصل الفعال هو ديدن الديمقراطية، وخير تجسيدٍ لها على أرض الواقع، فلا يمكن للإنسان أن يكون ديمقراطياً دون أن يتسع صدره لسماع الرأي الآخر، ومناقشته علمياً وموضوعياً، مما سيفسح له المجال للمصالحة مع الذات والآخر!
{{ article.visit_count }}
ويصنِّف علماء النفس التواصل من ضمن الحاجات الأساسية التي تعتبر شرطاً ضرورياً للحفاظ على البقاء (من أكل ونوم وسكن وصحة، الخ)، وتحقيق الأمن النفسي (ضمان اجتماعي، قوانين وقائية وحمائية، الخ). فالتواصل يندرج في إطار الحاجات الاجتماعية التي تنّم عن رغبة الفرد واهتمامه بإقامة علاقات الصداقة والعطف مع الغير، نظراً لحاجته للتواصل مع غيره بمثل ما يحتاج الغير إلى التواصل معه، لذلك يعتبر أحد الأبعاد المفصليّة لشخصية الفرد.
إن التواصل ليس مجرّد عملية اتصال لغوية ولسانية، كما قد يتصوّر الكثيرون، بل هو الحياة في بعدها الوجداني الاجتماعي، ومن ثم الوجودي. فما يربطنا بالعالم وأشيائه، والمجتمع ومكوِّناته هو بالأساس وجداني؛ وحتى العلاقات النفعية التي ننسجها مع الأشياء، ومع مكوِّنات المجتمع هي في الأساس وجدانية، فالبيت الذي نسكنه، والأثاث الذي نستعمله لا يمكن إلا أن يؤثِّر فينا، فنحن نسكِنُه وجدانياً كما يؤوينا عاطفياً، لهذا يصعب فقدانه أو فقدان أشيائه، لأن ذلك يترك آثاراً من الخواء داخل النفس، وفي معمارنا الباطني، يجعلنا نشعر بالأسى لضياعه. أما المجتمع وأناسه فهما يخترقاننا؛ فنحن لا يمكن أن نكون لا مبالين إزاء غيابهما أو حضورهما المشوّه كما في الكوارث الطبيعية، والأحداث البشرية كالحروب مثلاً، وكلما اخترق الإحساس بالرحمة ثم بالمودّة والحبّ، علاقتنا بهما، كلما صرنا في انسجامٍ معهما، والعكس أيضاً صحيح.
وبإسقاط تلك الأفكار على أجواء المصالحة الوطنية التي تلوح في الأفق مع بشائر الحوار الوطني المتوقّع في القريب العاجل، يمكن القول بأن التواصل الفعال هو ديدن الديمقراطية، وخير تجسيدٍ لها على أرض الواقع، فلا يمكن للإنسان أن يكون ديمقراطياً دون أن يتسع صدره لسماع الرأي الآخر، ومناقشته علمياً وموضوعياً، مما سيفسح له المجال للمصالحة مع الذات والآخر!