قبل إكمال موضوع أمس حول كيفية توظيف الصورة في التأثير وتشكيل الرأي العام، نلفت انتباه القارئ بأن الخسائر المتتالية للوفاق تمثلت في تناقص القدرة على التحشيد الدولي والمحلي، وذلك بمقارنة حجم الاستجابة لدعواتها فتأتيها وسائل الإعلام من كل حدب وصوب، وتخرج المسيرات بعشرات الآلاف هكذا كان وضعها في مارس 2011 وطرحت حينها بين يديها مكاسب لا تحلم بها، ولكن لأن الغباء مستفحل أضاعت كل هذا وجلست على الحصيرة.
اليوم هي تستجدي الفتات الإعلامي فلا يستجاب لها، اليوم هي تتزود وقوداً لفتيلها كي تبقيه مشتعلاً من خلال التصيد لأخطاء رجال الأمن فقط هذا هو مصدرها الوحيد اليوم، تضاءلت قضيتها وانكمشت حتى اضطرت أن تقيم حفلة زار لكل خطأ على حده علّ وعسى أن تلتفت لها وسيلة إعلامية أجنبية جديدة وعلّ وعسى أن تعالج انصراف الناس عنها وعلّ وعسى أن توحد صفوفها التي تناثرت. إنه الإفلاس أجاركم الله..
نأتي لموضوع الصورة .. العديد من كوادر الوفاق الشابة ومن الجمعيات الحقوقية المرخصة وغير المرخصة أخذ دورات في التصوير عامي 2009 و2010 في دورات أقامها مركز الدراسات الأمريكية للتدرب على التصوير والتوثيق، كما استعدوا بشراء كاميرات ذات تقنية عالية شوهدت معهم في فبراير ومارس 2011 من أجل أهداف لم يكن يعلم أحد عنها في ذاك الوقت، السبعون مصوراً الذين كرمتهم الوفاق في إحدى فعاليتها معظمهم طلبة جامعيون حضروا دورات تصوير أقامها لهم مركز الدراسات الأمريكية في جامعة البحرين!!! يالهذه الصدف!! المعركة إذا كانت معركة صور .. فيديو .. ادويو .. صور ثابتة، ثم التوثيق، ثم التوظيف أي توظيف الصورة، هذا علم وله أدواته، كان أحد الأدوات التي استعدوا لها جيداً.
بالمقابل لم يخطر لرجال الأمن أن إحدى مهامه ستكون يوماً ما التصوير، لكنه اضطر الآن وفي واحدة من المفارقات التي يجب أن تروى كتجربة لشرطة البحرين وتدرس في معاهد وكليات الشرطة بأن التصوير مهارة من المهارت الضرورية التي يجب أن يتدرب عليها رجل الأمن !!
ولا أعتقد أن أي شرطة في العالم واجهت مثلما واجهت شرطة البحرين من إنكار للمتهمين للشمس وهي في وضح النهار وكم من الكذب والفبركة مثلما ما واجهت شرطة البحرين حتى اضطرت الدوريات لحمل كاميرات الفيديو وكاميرات التصوير!!
رجال الأمن يتعاملون مع هذا المتغير الجديد بحذر فللتو فقط ومنذ أشهر معدودة حصلوا على كاميرات ولم يدربوا جيداً بعد على استخدامها، وإن استخدموها فهم في حيرة في كيفية توظيفها، إذ صحيح أن الكاميرات الأمنية استطاعت التقاط أحداث لعمليات قتل وأحداث لمحاولات قتل موثقة، وصورت ضحاياها ومدى بشاعة العنف الذي ارتكب إنما تفتقد التقنية التي تساعدها على الإثبات كما –وهذا هو الأهم في نظري- مترددة في توظيف الصورة إعلامياً.
فإلى الآن تتردد وزارة الداخلية في توظيف الصورة في المعركة الإعلامية توظيفاً مضاداً كما تفعل الوفاق بالصورة التي دربت عليها تدريباً عالي المهنية فهم يملكون أحدث الكاميرات ويختارون زواياهم ولا ينسون توثيق التاريخ ولديهم قاعدة بيانات جاهزة لجهات الإرسال لقنوات تلفزيونية لمنظمات حقوقية لوكالات أنباء تم إدخالها في أجهزة الاتصالات لإرسال الصورة في الحال، فالحدث بإمكانه أن يلون ويشكل ويضخم ويحجم من خلال الصورة، والأثر على المتلقي أضعافاً مضاعفة بالصورة، ويفقد أثره بدونها، وهذه لعبة لا تعرف وزارة الداخلية أوراقها بعد ولم تحدد سياستها تجاهها، (تخيلوا أن الأمن كان لديه الصورة المفبركة التي نشرها الناشط الحقوقي والتي ادعى فيها إصابة رجل ويجري معالجتها الآن، ولكنها حين أرسلت الخبر للصحافة لم ترسل معه الصورة .. وكانت أبلغ عن ألف دليل، لماذا؟ لأنهم يريدون أن يراعوا الضوابط القانونية في النشر رغم أنها موجودة على حساب (الناشط) الكاذب، ومع ذلك الجماعة مترددون في نشرها)!!
الأمن كذلك منع تلفزيون البحرين من عرض العديد من الأشرطة والصور ويتعامل بحذر شديد ويفلتر الموضوع من الناحية القانونية ألف مرة كالذي لدغ من الحية ويخاف من جر الحبل بسبب مآخذ قانونية.
في حين أن الوفاق في مسألة توظيف الصورة، كسرت كل المحرمات خاصة حين وجدت نفسها قد خسرت مواقعها ومصداقيتها لدى المنظمات ووسائل الإعلام، وتستميت الآن من أجل إعادة الأضواء لقضيتها، فلم تترك حراماً أو خطاً أحمر إلا تجاوزته من أجل إثبات مظلوميتها، صورت الجثث والعورات والقبور والمغاسل ووضعت صوراً لأحداث في تايوان وفي المغرب وقالت إنها في البحرين، حرفت الكلمات وأنكرت وجود الضحايا ولم يردعها وازعاً دينياً أو أخلاقياً فما بالك والوازع القانوني أو المهني الإعلامي، في حين أن وزارة الداخلية خاصة بعد تقرير بسيوني حريصة أن تتمسك بالضوابط القانونية في نشر أو عدم نشر الأدلة المادية كالصور فتخسر معارك كثيرة لهذا السبب.
قد تنجح الوفاق بهذه اللعبة الإعلامية لكن الذي لا تعرفه الوفاق أن تلك اللعبة مدتها قصيرة جداً فالإعلام يسميها لعبة المفلسين فإذا لم يبقَ لدى الوفاق غير فيديو الصفعة لتستجدي به الاهتمام الإعلامي وتزيد وتعيد فيه وكتابها يخصصون له المقالات وفطحلها يعقد لها المؤتمرات و(يستنزل) في التغريدات فإن اللعبة انتهت (جيم أوفر)!! .