في الاستفتاء الذي أجرته صحيفة «الوطن» الإلكترونية حول موضوع الحوار الوطني والذي دار حول سؤال واحد وهو: هل تؤيد وقف العنف كشرط أساسي والمطلوب الإجابة من خلال خيارين نعم أو لا.
جاءت الإجابات على نحو سلبي، حيث أشارت النتائج إلى أن %92.4 من المشاركين في الاستفتاء لا يؤيدون الحوار قبل وقف العنف.
ربما يشكك البعض في هذه النتائج، وينعتها بأنها غير دقيقة وتنقصها الموضوعية ونحن نقدر هؤلاء إذا كان هدفهم بالفعل البحث عن الحقيقة، لكن من جهة أخرى نرى أن هذه النتائج تعطي بعض المؤشرات الدالة على أن الشارع البحريني بمختلف تياراته السياسية وقواه الاجتماعية ونخبه الثقافية يرفض الحوار قبل وقف دوامة العنف التي تدور رحاها منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو يتقاطع في هذا الرأي مع الدولة التي عبر مسؤولوها أكثر من مرة أن الحوار الوطني لا يستقيم مع مسلسل العنف الذي تمارسه الجماعات الراديكالية على الأرض يومياً، وهو ما يجعل الحديث عن الحوار والدعوة إليه مجرد حديث استهلاكي يراد به تحسين صورة أولئك الذين يقفون وراءه أمام الرأي العام العالمي الذي كان يعتقد حتى وقت قريب أن الدولة هي السبب وراء تعطيل انطلاق قطار الحوار وليس بعض القوى السياسية التي كانت تطالب بالحوار من أجل الخروج من الأزمة السياسية.
إذ لو أن هذه الدعوات التي تطلقها القوى السياسية صادقة في غاياتها، وتسعى بالفعل إلى الحوار البناء الهادف، لكانت هي أول من يسعى إلى إزالة كل المعوقات التي تحول دون انطلاق جلسات الحوار الوطني، ولعل أولى المبادرات التي ينبغي أن تقوم بها في هذا الاتجاه هي الدعوة صراحة إلى وقف العنف الذي أخذ في الفترة الأخيرة أشكالاً متنوعة ولا نبالغ إذا قلنا أنه وصل إلى حد الإرهاب.
ومادام أن هذه القوى السياسية لم تبادر حتى اللحظة إلى إطلاق أي مبادرة حقيقية من شأنها إسكات صوت الشارع، كان من الطبيعي جداً أن تكون ردود فعل القوى السياسية الأخرى المشاركة في العملية السياسية سلبية إزاء الحوار. إذ ترى هذه القوى أن الأجواء الحالية غير مشجعة تماماً للحوار فالعنف لايزال مستمراً في المشهد المحلي إذ كيف يمكن أن يكون هناك حوار والشوارع لاتزال مشتعلة بسبب حرق الإطارات؟ وكيف يكون هناك حوار وطني وإحدى الجماعات السياسية تريد أن تكون هي الوحيدة على مائدة الحوار دون أن ينافسها أحد في مقابل الدولة متجاهلة القوى السياسية الأخرى اعتقاداً منها أنها الممثل الشرعي والوحيد لشعب البحرين رافعة شعار «إذا حكت الوفاق الكل يأكل تبن» مع أنها تعلم علم اليقين أن هذا الشعار لا يعكس الواقع ويصطدم بالحقائق على الأرض، حيث إن الوفاق هي إحدى القوى السياسية ومهما كان حجم كتلتها الانتخابية فهذا لا يعطيها الحق التحدث باسم شعب البحرين وتكون ممثله الوحيد، وفي السياق على الوفاق أن تعي وتقتنع أنه في حالة انطلاق قطار الحوار فإنه من المفترض فيه أن يحمل بداخله كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية ولا يستثني أحداً من تلك الأطراف؛ لأن تهميش أحد الأطراف أو محاولة إقصائه من العملية السياسية سيفضي في النهاية إلى عواقب وخيمة ستؤثر حتماً في حاضر العملية السياسية ومستقبلها.
من جهة أخرى، تشير الدراسات الأكاديمية المتعلقة بهذا الموضوع إلى أن أحد مقومات النجاح لأي حوار وطني وفي أي بلاد على وجه البسيطة هو أن تشترك جميع الأطراف التي لديها تواجد في المشهد السياسي في جلسات الحوار الوطني. من هنا نقول للوفاق إنه لا يمكن للقوى السياسية الأخرى أن تقبل تغولها أو تخضع لمحاولاتها المتكررة الرامية لجر الدولة إلى الجلوس معها على طاولة واحدة وإبعاد القوى السياسية الأخرى، وقد عبرت الجمعيات السياسية عن ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، وتصريحات الشيخ الدكتور عبداللطيف آل محمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية الأخيرة تؤكد على ذلك، حيث أشار فيها إلى أن «التجمع لن يشارك في حوار حتى تنتهي مظاهر العنف وتتوقف الأعمال الإرهابية ويطمئن المواطنون والمقيمون على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم»، وكلام الشيخ آل محمود تقره أيضاً الجمعيات السياسية الأخرى التي تؤكد من جانبها أن الحوار الوطني يبدأ من توقف آلة العنف وهي في ذلك تلتقي مع الدولة في هذا التوجه وفي هذا السياق شدد أكثر من مسؤول في الحكومة على أهمية وقف العنف كبداية لاستئناف الحوار الوطني، فمن جهتها عبرت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والناطقة باسم الحكومة سميرة بنت رجب عن مقاربة الدولة لمسألة الحوار وهي أن الدولة كانت دائماً ولاتزال مع الحوار لكن ذلك مرهون بوقف دوامة العنف أو كما قالت: «إن الحوار لن ينطلق إلا بعد أن يتوقف العنف وإدانته من المعارضة». ويذهب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة في نفس الاتجاه ويشير إلى أن «تبني وثيقة اللاعنف من قبل عدد من الجمعيات السياسية يجب أن يقترن بإدانة مباشرة وحازمة ضد الأعمال الإرهابية والتبرؤ ممن يمارسونه على الأرض».
في ضوء ما سبق يمكن القول: إن هناك توافقاً بين الجمعيات السياسية والدولة وفئات كبيرة من الشعب والمشتغلين بالسياسة والإعلاميين والناشطين في حقوق الإنسان على مبدأ الحوار كآلية للخروج من الأزمة السياسية التي تسببت في إحداثه الجماعات الراديكالية لكن الحوار مرهون بوقف دوامة العنف وإدانته ومشروط باشتراك جميع القوى السياسية.
أخيراً، نقول للقوى السياسية التي تنادي بالحوار: إن كنتم جادين في طلب الحوار أوقفوا العنف أولاً وأدينوا من يمارسه على الأرض ثانياً في حينها ستكون أبواب الحوار مفتوحة لكم فهل ستفعلونها هذه المرة؟ أشك في ذلك
{{ article.visit_count }}
جاءت الإجابات على نحو سلبي، حيث أشارت النتائج إلى أن %92.4 من المشاركين في الاستفتاء لا يؤيدون الحوار قبل وقف العنف.
ربما يشكك البعض في هذه النتائج، وينعتها بأنها غير دقيقة وتنقصها الموضوعية ونحن نقدر هؤلاء إذا كان هدفهم بالفعل البحث عن الحقيقة، لكن من جهة أخرى نرى أن هذه النتائج تعطي بعض المؤشرات الدالة على أن الشارع البحريني بمختلف تياراته السياسية وقواه الاجتماعية ونخبه الثقافية يرفض الحوار قبل وقف دوامة العنف التي تدور رحاها منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو يتقاطع في هذا الرأي مع الدولة التي عبر مسؤولوها أكثر من مرة أن الحوار الوطني لا يستقيم مع مسلسل العنف الذي تمارسه الجماعات الراديكالية على الأرض يومياً، وهو ما يجعل الحديث عن الحوار والدعوة إليه مجرد حديث استهلاكي يراد به تحسين صورة أولئك الذين يقفون وراءه أمام الرأي العام العالمي الذي كان يعتقد حتى وقت قريب أن الدولة هي السبب وراء تعطيل انطلاق قطار الحوار وليس بعض القوى السياسية التي كانت تطالب بالحوار من أجل الخروج من الأزمة السياسية.
إذ لو أن هذه الدعوات التي تطلقها القوى السياسية صادقة في غاياتها، وتسعى بالفعل إلى الحوار البناء الهادف، لكانت هي أول من يسعى إلى إزالة كل المعوقات التي تحول دون انطلاق جلسات الحوار الوطني، ولعل أولى المبادرات التي ينبغي أن تقوم بها في هذا الاتجاه هي الدعوة صراحة إلى وقف العنف الذي أخذ في الفترة الأخيرة أشكالاً متنوعة ولا نبالغ إذا قلنا أنه وصل إلى حد الإرهاب.
ومادام أن هذه القوى السياسية لم تبادر حتى اللحظة إلى إطلاق أي مبادرة حقيقية من شأنها إسكات صوت الشارع، كان من الطبيعي جداً أن تكون ردود فعل القوى السياسية الأخرى المشاركة في العملية السياسية سلبية إزاء الحوار. إذ ترى هذه القوى أن الأجواء الحالية غير مشجعة تماماً للحوار فالعنف لايزال مستمراً في المشهد المحلي إذ كيف يمكن أن يكون هناك حوار والشوارع لاتزال مشتعلة بسبب حرق الإطارات؟ وكيف يكون هناك حوار وطني وإحدى الجماعات السياسية تريد أن تكون هي الوحيدة على مائدة الحوار دون أن ينافسها أحد في مقابل الدولة متجاهلة القوى السياسية الأخرى اعتقاداً منها أنها الممثل الشرعي والوحيد لشعب البحرين رافعة شعار «إذا حكت الوفاق الكل يأكل تبن» مع أنها تعلم علم اليقين أن هذا الشعار لا يعكس الواقع ويصطدم بالحقائق على الأرض، حيث إن الوفاق هي إحدى القوى السياسية ومهما كان حجم كتلتها الانتخابية فهذا لا يعطيها الحق التحدث باسم شعب البحرين وتكون ممثله الوحيد، وفي السياق على الوفاق أن تعي وتقتنع أنه في حالة انطلاق قطار الحوار فإنه من المفترض فيه أن يحمل بداخله كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية ولا يستثني أحداً من تلك الأطراف؛ لأن تهميش أحد الأطراف أو محاولة إقصائه من العملية السياسية سيفضي في النهاية إلى عواقب وخيمة ستؤثر حتماً في حاضر العملية السياسية ومستقبلها.
من جهة أخرى، تشير الدراسات الأكاديمية المتعلقة بهذا الموضوع إلى أن أحد مقومات النجاح لأي حوار وطني وفي أي بلاد على وجه البسيطة هو أن تشترك جميع الأطراف التي لديها تواجد في المشهد السياسي في جلسات الحوار الوطني. من هنا نقول للوفاق إنه لا يمكن للقوى السياسية الأخرى أن تقبل تغولها أو تخضع لمحاولاتها المتكررة الرامية لجر الدولة إلى الجلوس معها على طاولة واحدة وإبعاد القوى السياسية الأخرى، وقد عبرت الجمعيات السياسية عن ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، وتصريحات الشيخ الدكتور عبداللطيف آل محمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية الأخيرة تؤكد على ذلك، حيث أشار فيها إلى أن «التجمع لن يشارك في حوار حتى تنتهي مظاهر العنف وتتوقف الأعمال الإرهابية ويطمئن المواطنون والمقيمون على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم»، وكلام الشيخ آل محمود تقره أيضاً الجمعيات السياسية الأخرى التي تؤكد من جانبها أن الحوار الوطني يبدأ من توقف آلة العنف وهي في ذلك تلتقي مع الدولة في هذا التوجه وفي هذا السياق شدد أكثر من مسؤول في الحكومة على أهمية وقف العنف كبداية لاستئناف الحوار الوطني، فمن جهتها عبرت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والناطقة باسم الحكومة سميرة بنت رجب عن مقاربة الدولة لمسألة الحوار وهي أن الدولة كانت دائماً ولاتزال مع الحوار لكن ذلك مرهون بوقف دوامة العنف أو كما قالت: «إن الحوار لن ينطلق إلا بعد أن يتوقف العنف وإدانته من المعارضة». ويذهب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة في نفس الاتجاه ويشير إلى أن «تبني وثيقة اللاعنف من قبل عدد من الجمعيات السياسية يجب أن يقترن بإدانة مباشرة وحازمة ضد الأعمال الإرهابية والتبرؤ ممن يمارسونه على الأرض».
في ضوء ما سبق يمكن القول: إن هناك توافقاً بين الجمعيات السياسية والدولة وفئات كبيرة من الشعب والمشتغلين بالسياسة والإعلاميين والناشطين في حقوق الإنسان على مبدأ الحوار كآلية للخروج من الأزمة السياسية التي تسببت في إحداثه الجماعات الراديكالية لكن الحوار مرهون بوقف دوامة العنف وإدانته ومشروط باشتراك جميع القوى السياسية.
أخيراً، نقول للقوى السياسية التي تنادي بالحوار: إن كنتم جادين في طلب الحوار أوقفوا العنف أولاً وأدينوا من يمارسه على الأرض ثانياً في حينها ستكون أبواب الحوار مفتوحة لكم فهل ستفعلونها هذه المرة؟ أشك في ذلك