مازال الكثير من المسؤولين في الدولة غير مقتنعين تماماً بأن الشباب من أخطر الفئات التي قادتنا إلى الوضع الراهن بتداعيات الأزمة التي تمت منذ نحو عامين. فدائماً ما توجه التهم لرجال الدين، وللجماعات الراديكالية التي تمثلها بعض الجمعيات السياسية، وكذلك بعض من يسمون أنفسهم ناشطين حقوقيين في الداخل والخارج أو حتى الممارسات الحكومية لدى البعض باعتبارهم جميعاً هم الذين قادوا أحداث 2011 وما ترتب عنها.
بالتالي مازالت النظرة قاصرة عندما يتم الحديث عن تداعيات الأزمة بسبب تجاهل الفئة الأهم في الموضوع. من المنطقي أن نفهم أن الفئات الأخرى التي يمثلها رجال الدين والسياسيون وغيرهم كانت سبباً رئيساً في قيادة الأحداث، ولكن جانباً آخر مهماً وهو أن هؤلاء وجدوا بيئة خصبة في الشباب الذين لا يوجد مسؤول يتولى مهمة احتوائهم على كافة الصعد، وبالتالي في ظل غياب الاهتمام المباشر من الدولة بهذه الفئة كانت الفرص مهيأة للغاية لاستهداف الشباب واستغلالهم لاحقاً في الأعمال الإرهابية باسم التغيير السياسي والحريات والديمقراطية والحقوق.. إلخ.
قوة الجماعات الراديكالية بشخوصها وتنظيماتها في السيطرة على الشباب واستغلالهم تعكس بشكل أو بآخر ضعف الدولة في استيعاب هذه الفئة واحتوائها منعاً للتغرير بها، وهذا أمر يبدو أنه لم يتم إدراكه حتى الآن من المسؤولين في الدولة.
احتواء الشباب لا يعني أن هناك برامج وأنشطة تقام لهم على مدار العام، فهذا أسلوب تقليدي في الاحتواء ينفع تماماً لظروف البحرين خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، ولا يصلح نهائياً في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. مثال بسيط على اختلاف الظروف، ففي التسعينات الماضية مثلاً كانت الدولة تملك قدرات هائلة في السيطرة على اتجاهات الشباب واهتماماتهم بسبب سيطرتها الفائقة على وسائل الإعلام، ولكننا الآن في العام 2013 الدولة لم تعد تملك تلك المزايا السابقة، بل صارت تعاني من الانفلات الإعلامي نتيجة ثورة شبكات التواصل الاجتماعي التي لا يمكن السيطرة عليها أو حتى ترشيد استخدامها باعتباره شعاراً للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.
الظروف والبيئة المحيطة بالشباب البحريني اليوم سهلة للغاية، وتدفعهم بسهولة نحو الانسياق وراء من يقدم لهم احتياجاتهم ويلبي تطلعاتهم ورغباتهم، وإن كانت افتراضية أو شكلية. وفي ظل هذا المناخ من السهل تجنيد الشباب سياسياً بشكل افتراضي وتحويلهم لقوى سياسية راديكالية بسهولة سواءً كانوا على وعي أم لم يكونوا على ذلك.
لا يمكننا الإجابة على ما هو المطلوب في بضعة سطور بل هي حاجة على المسؤولين أن يتنبهوا لها قبل أن يأتي يوم وتنتشر الاتجاهات الراديكالية أكثر في أوساط الشباب.