في إحدى كلماته التي ألقاها مؤخراً، قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي: «إن ما حصل في دول ما يسمى بالربيع كان أغلبه اقتصادياً ومعيشياً».
وهذا المنطق يصب في عمق المشكلة التي تعاني منها الدول العربية، نعم هناك مشاكل كثيرة كانت تعاني منها تونس الشقيقة، لكن الشرارة انطلقت من المعيشة، والجميع يعرف قصة الشاب الذي أحرق نفسه.
جزء كبير من نزع فتيل أي توتر سياسي، أو أزمة سياسية، أو استغلال للشباب وللجماعات، يقع في الجانب المعيشي للناس، علينا أن نتفهم ذلك.
في الوقت الذي أصبحت فيه البحرين كريمة مع دول لا نعرف لماذا نساندهم في حروبهم، فإن هناك الكثير من المواطنين انتابه ذلك التساؤل، هل لدينا فائض أموال لذلك؟
إذا كانت الدولة تجر الميزانية العامة إلى الهلاك بدعم شركة طيران الخليج التي لا نعرف متى تقف على رجليها، ولا نعرف إلى متى تضخ الدولة الملايين وتسبب عجز الميزانية؟ أليس المواطن أولى وأحق بهذه الملايين؟ الدولة تتحمل مسؤولية الفساد في شركات كطيران الخليج وغيرها، وليس المواطن، لذلك فإن دعم ملفات معونة الغلاء وزيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص، وزيادة المتقاعدين، من أهم الملفات التي يريد أن يرى فيها المواطن تحركاً حكومياً حقيقياً.
كل الزيادات التي حصلت، ذهبت إلى القطاع العام (ويستاهلون) لكن ماذا عن المواطن في القطاع الخاص؟
هل هو لا يعاني من الغلاء؟
هل هو يعمل في دولة أخرى؟
لماذا يستثنى المواطن في القطاع الخاص من كل الزيادات التي حصلت، ألا تأخذون تجربة الكويت في هذا الجانب التي تقر الزيادة للمواطن وليس للقطاع؟
أين السادة النواب من هذا الموضوع، المعيشة والراتب والغلاء ليست حصراً على المواطن العامل في القطاع العام، الجميع يشعر بذلك.
الدولة أشغلت الناس في وقت مناقشة الميزانية العامة بتجاذبات الحوار، من سيشارك، ماذا سيتمخض، الوفاق ستشارك لتنسحب من جديد، كل ذلك أصبح يعرفه المواطن، لكن ماذا عن معيشة الناس، ماذا عن صمام أمان (الأمن الاجتماعي)..؟
خرج السادة النواب بتطمينات وكلام جميل من بعد دعوة سمو الشيخ محمد بن مبارك نائب رئيس الوزراء للاجتماع بهم، لكن حتى الساعة لم نسمع عن آلية لدعم رواتب المواطنين في القطاع الخاص، نعم المواطن في القطاع العام يستحق، لكن التفتوا ولو مرة للقطاع الخاص، حتى يصبح القطاع الخاص أيضاً جاذباً للشباب بدل التوجه للوظائف الحكومية بشكل مباشر.
في ذات السياق لا ينبغي إغفال ما يفعله بعض التجار من رفع للأسعار دون وجه حق، والسلع في أغلبها مدعومة، فبمجرد أن ينتشر خبر للزيادات، ترتفع أسعار السلع، وأسعار الإيجارات، وأسعار العيادات الخاصة، وأسعار المدارس الخاصة، وهكذا، وكأنك يا بوزيد ما غزيت، الدولة ترفع الرواتب، وتذهب الزيادة في طريقها سلفاً!.
قلنا كثيراً إن الأمن والسلم الأهلي قبل أي زيادة، هذا صحيح، لكن بفضل الله البحرين بخير، ولن يستطيع المرجفون تحقيق ما يريدون، ودعم دول الخليج أيضاً متوفر، وأسعار النفط في أفضل حال، فلماذا لا تتحقق الزيادة للقطاعين؟.
كنت أتحفظ قبل ذلك على موضوع أولوية الزيادة، لكن بعد ما نشاهده من ضخ للملايين هنا وهناك، وبعد زخرفات النحت الجميل في ديوان الرقابة المالية التي تزيد في كل عام، فإن المواطن أولى بهذه الملايين.. سامحوني..!