يقول الشيخ الجليل الإمام بدر الدين بن جماعة في كتابه الموسوم بـ (تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم) “على طالب العلم أن يعرف لأستاذه حقه ولا ينسى له فضله، وأن يعظم حرمته ويرد غيبته في أي محفل، فإن عجز عن ذلك قام وفارق المجلس، وينبغي على طالب العلم أن يدعو لأستاذه طوال حياته، ويرعى ذريته، وأقاربه وإن مات زار قبره واستغفر له، وتصدق عنه، وأن يسلك في السمت والهدي مسلكه، ويراعي في العلم والدين عادته، ويقتدي بحركاته وسكناته في عاداته وعباداته”.
ويتابع الشيخ الجليل ذكر هذه الوصايا الخالدة، فيقول “وعلى طالب العلم أن يصبر على جفوة أستاذه، وأن يبادر بالاعتذار إليه، ويجعل العتب على نفسه دون شيخه فإن ذلك أبقى لمودة الأستاذ، وأحفظ لقلبه وأنفع”.
تناولت هذه الرسالة الخالدة دقائق الصلة بين طالب العلم وأستاذه مما يبسط لكل متبصر أسس المنهج الناجح في أصل تحصيل العلم والبحث، كما يوصي المؤلف المعلمين بوصايا الإخلاص والرأفة والحكمة في تبليغ العلم، إن المنهج الراشد الذي رسمته هذه الرسالة -وأضرابها- من تراثنا العلمي حقيق أن يتبع ويقنن؛ بل ويدرس في مناهجنا التربوية والتعليمية، وتثير الرسالة شهيتنا لمزيد من عرض كنوزها، فتمضي في المسير المتأنق نحو توصية طالب العلم بالأخذ بتلك الوصايا الخالدة. فيقول الإمام ابن جماعة “على طالب العلم ألا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا باستئذان، وإن طرق الباب عليه فليطرق طرقًا خفيفا بأدب -بأظفار الأصابع- ثم بالأصابع، ثم بالحلقة قليلاً قليلاً، وعلى الطالب أن لا يدخل على أستاذه إلا وهو كامل الهيئة، متطهر البدن ومن الثياب نظيفها، وعليه أن يجلس عند شيخه وقلبه فارغ من الشواغل وذهنه صاف لا في حال نعاس أو غضب أو جوع شديد أو عطش حتى ينشرح صدره لما يقال ويعي وما يسمعه”.
لقد أوردت هذه الرسالة الموقف الراقي للحضارة العربية والإسلامية تجاه العلم وأهله شيوخا وأساتذة وطلاباً، وأوردت تفاصيل إنسانية ترسم أطراً لتلك العلاقة السامية التي تمثل إحدى الأصول الراسخة التي نشأت عليه نهضة العلم الإنساني في العصور المزدهرة، التي كان للعرب والمسلمين فيها شأن كبير، لقد كان فضل هذا الأدب التعليمي العربي الإنساني الراقي فضلاً كبيراً على حركة التحصيل والبحث العلمي في كافة ميادين المعرفة، وبلغت رتب التوقير والاحترام للعلم وأهله رتباً سامية تلقى فيها المعلمون كل ما يضمن لهم تحصيل العلم وتبليغه وهم مرفوعو الرأس، يوقرهم المجتمع ويسعى طلابهم بين أيديهم بالإجلال والتوقير والخشوع، يقول ابن جماعة في رسالته “على الطالب أن يتناول من شيخه الورق باليمين، وإن ناوله شيئاً ناوله باليمين، وألا يضع رجله أو يده على ثياب شيخه أو وسادته أو سجادته، وألا يشير بيده قرب وجهه أو صدره أو يمسها، وأن يفرش له سجادته وأورد القول السائر (أربعة لا يأنف الشريف منهن وإن كان أميراً؛ قيامه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم يتعلم منه، والسؤال عما لا يعلم، وخدمته للضيف)، وليحذر الطالب من مزاحمة أستاذه بجسده أو أي شيء آخر، وأن يؤثره بالظل في الصيف، ودفء الشمس في الشتاء إن كان في سفره ونحوه، وإن صادفه في الطريق بدأه بالسلام وإن كان بعيداً لا ينادي عليه من بعيد”.
ألا نرى جميعًا أننا في أمسِّ الحاجة إلى نشر هذه الثقافة الراقية، وأن النماذج التي استطاعت أن تحمل مشعل التقدم ما كان له أن تقوم بأداء هذه الرسالة لولا هذا التراث الغني الذي وضعه آباؤنا وأجدادنا فصار من بعدهم نبراساً للإنسانية ونهل منه الغرب والشرق، وأصبحت دولهم أمماً متقدمة ناهضة حازت السبق والرفاهية، بينما نحن في العالم العربي ما نزال في “غيبوبة” حضارية وعلمية وتربوية، حقاً؛ ما أحوج طلاب العلم إلى أخلاق العلم، فهم دونها سيظلون في مسيرتهم المضنية “كحاطب بليل”.
ويتابع الشيخ الجليل ذكر هذه الوصايا الخالدة، فيقول “وعلى طالب العلم أن يصبر على جفوة أستاذه، وأن يبادر بالاعتذار إليه، ويجعل العتب على نفسه دون شيخه فإن ذلك أبقى لمودة الأستاذ، وأحفظ لقلبه وأنفع”.
تناولت هذه الرسالة الخالدة دقائق الصلة بين طالب العلم وأستاذه مما يبسط لكل متبصر أسس المنهج الناجح في أصل تحصيل العلم والبحث، كما يوصي المؤلف المعلمين بوصايا الإخلاص والرأفة والحكمة في تبليغ العلم، إن المنهج الراشد الذي رسمته هذه الرسالة -وأضرابها- من تراثنا العلمي حقيق أن يتبع ويقنن؛ بل ويدرس في مناهجنا التربوية والتعليمية، وتثير الرسالة شهيتنا لمزيد من عرض كنوزها، فتمضي في المسير المتأنق نحو توصية طالب العلم بالأخذ بتلك الوصايا الخالدة. فيقول الإمام ابن جماعة “على طالب العلم ألا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا باستئذان، وإن طرق الباب عليه فليطرق طرقًا خفيفا بأدب -بأظفار الأصابع- ثم بالأصابع، ثم بالحلقة قليلاً قليلاً، وعلى الطالب أن لا يدخل على أستاذه إلا وهو كامل الهيئة، متطهر البدن ومن الثياب نظيفها، وعليه أن يجلس عند شيخه وقلبه فارغ من الشواغل وذهنه صاف لا في حال نعاس أو غضب أو جوع شديد أو عطش حتى ينشرح صدره لما يقال ويعي وما يسمعه”.
لقد أوردت هذه الرسالة الموقف الراقي للحضارة العربية والإسلامية تجاه العلم وأهله شيوخا وأساتذة وطلاباً، وأوردت تفاصيل إنسانية ترسم أطراً لتلك العلاقة السامية التي تمثل إحدى الأصول الراسخة التي نشأت عليه نهضة العلم الإنساني في العصور المزدهرة، التي كان للعرب والمسلمين فيها شأن كبير، لقد كان فضل هذا الأدب التعليمي العربي الإنساني الراقي فضلاً كبيراً على حركة التحصيل والبحث العلمي في كافة ميادين المعرفة، وبلغت رتب التوقير والاحترام للعلم وأهله رتباً سامية تلقى فيها المعلمون كل ما يضمن لهم تحصيل العلم وتبليغه وهم مرفوعو الرأس، يوقرهم المجتمع ويسعى طلابهم بين أيديهم بالإجلال والتوقير والخشوع، يقول ابن جماعة في رسالته “على الطالب أن يتناول من شيخه الورق باليمين، وإن ناوله شيئاً ناوله باليمين، وألا يضع رجله أو يده على ثياب شيخه أو وسادته أو سجادته، وألا يشير بيده قرب وجهه أو صدره أو يمسها، وأن يفرش له سجادته وأورد القول السائر (أربعة لا يأنف الشريف منهن وإن كان أميراً؛ قيامه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم يتعلم منه، والسؤال عما لا يعلم، وخدمته للضيف)، وليحذر الطالب من مزاحمة أستاذه بجسده أو أي شيء آخر، وأن يؤثره بالظل في الصيف، ودفء الشمس في الشتاء إن كان في سفره ونحوه، وإن صادفه في الطريق بدأه بالسلام وإن كان بعيداً لا ينادي عليه من بعيد”.
ألا نرى جميعًا أننا في أمسِّ الحاجة إلى نشر هذه الثقافة الراقية، وأن النماذج التي استطاعت أن تحمل مشعل التقدم ما كان له أن تقوم بأداء هذه الرسالة لولا هذا التراث الغني الذي وضعه آباؤنا وأجدادنا فصار من بعدهم نبراساً للإنسانية ونهل منه الغرب والشرق، وأصبحت دولهم أمماً متقدمة ناهضة حازت السبق والرفاهية، بينما نحن في العالم العربي ما نزال في “غيبوبة” حضارية وعلمية وتربوية، حقاً؛ ما أحوج طلاب العلم إلى أخلاق العلم، فهم دونها سيظلون في مسيرتهم المضنية “كحاطب بليل”.