أبدى البعض استغرابه من استدعاء بعض “التويتريين” ممن استمرؤوا سب القيادة ورموز البلاد لسؤالهم على خلفية ما يقومون بنشره من تغريدات تتضمن تجاوزات يرفضها المجتمع ديناً وأخلاقاً وعرفاً، إذ أن السب ليس من ديننا الإسلامي الحنيف وليس من أخلاق مجتمعنا والأعراف، ولا يفتح سوى باب العداوات ويتسبب في التأزيم بأنواعه.
مؤسف أن البعض صار لا يجد وسيلة للتعبير عن ضعفه وإحساسه بالهزيمة غير السب يفرغ به شحنة الغضب التي بداخله، فينسى أن الدين هو الأخلاق وأن مجتمعنا بكل تلاوينه يرفض هذا الأمر ويزدري صاحبه. والواضح أنه كلما استمرت المشكلة التي أرادوا لهذا الوطن الدخول فيها منذ الرابع عشر من فبراير العام المنصرم، كلما زادت جرعة السب والشتم، وكلما زاد الإحساس بالهزيمة و«فلت الخيط” زادت الجرعة وفلتت حتى لم يعد ممكنا استثناء أحداً منها “بدءاً ووصولاً” إلى رأس الدولة.
الشريعة الإسلامية الغراء تنهى عن السب والقذف والتجاوز على شخوص الآخرين، والتشريعات والقوانين تمنع ركوب هذه المطية وتعاقب مرتكبها، وأعراف المجتمع الإسلامي العربي الخليجي البحريني وعاداته وتقاليده تنبذ كل من يتجاوز حدوده فيسب الآخرين ويشتمهم، بل حتى أعراف السياسة تمنع تناول الآخرين بالسوء وانتقاد شخوصهم وإلا ما ظهرت الدبلوماسية ولتهدمت كل علاقة بين الدول والناس.
من المهم طبعاً التفريق بين السب والنقد، حيث النقد حق ينظمه القانون وله قواعد وأصول وهو يهتم بالموضوع وليس بالشخص سياسياً كان أم كاتباً أم تاجراً، ذلك أن من حق أي مواطن أن ينتقد سياسات الدولة والقرارات والأفعال والتصريحات وكل ما يخطر على باله لكن الدين والقانون والأعراف والعادات والتقاليد كلها تمنعه من تناول الأشخاص والمؤسسات والأديان والمذاهب، سواء كان ذلك النقد شفاهياً أم كتابياً.. عبر التويتر أو غيره.
مع هذا يبدي البعض استغرابه ودهشته من محاسبة من يمارس السب والشتم ويعتبر ذلك حقاً ينبغي ألا يحاسبه عليه القانون ولا الأعراف ولا التقاليد والعادات ولا الدين ويرى أن السياسة تستوعب هذا السلوك المريض! وبالتالي فإن مسألة سب رأس الدولة أو تناول رموز الوطن بالسوء مسألة عادية وينبغي ألا يزعل منها أحد ولا يحاسب عليها أحد!
هنا يطرح سؤال مهم، هل يحق للفرد سب الرموز الخاصة بالآخر أم أنه (حلال عليكم.. حرام علينا)؟ ترى ماذا يمكن أن يحدث لو أن أحداً “تجرأ” وسب السيد الخامنئي الشاغل لمنصب مرشد الثورة الإسلامية في إيران.. عادي يعني؟! هذا السؤال مهم وينبغي عدم التهرب من الإجابة عنه، هل يحق لي ولك ولكل شخص أن يسب هذا الرمز الذي وإن اختلفنا معه يظل رمزاً على الأقل “للموالين” للسلطة في إيران ويظل محترماً باعتباره عالم دين؟ يهمني أن أسمع الإجابة من كل من سمح لنفسه بتوجيه الشتائم لرأس الدولة ولرموز البحرين. أريد فقط تصريحاً من أي شخص مهما صغر شأنه يقول إنه لا بأس من سب السيد الخامنئي وأن سبه (عادي).
السيد الخامنئي رمز بالنسبة للبعض، ليس مهماً عند الآخر إن وصل حد التقديس، لكن الآخر أيضاً لديه رموز لا يقبل لأحد مهما علا شأنه أن يتناولهم بالسوء ويسبهم ويشتمهم. هذا لا يعني أن انتقاد السيد الخامنئي ممنوع، فهو رجل سياسة أيضاً، لكن النقد ينبغي ألا يطال شخصه وحياته الخاصة وإنما ينحصر في تصريحاته السياسية ومواقفه ودعواته.
للسيد الخامنئي مكانة دينية وعلمية عالية تفرض احترامه، وسبه يستوجب العقاب وهو في اعتقادي شديد حسب قوانين النظام الإيراني، أفلا يحق للبحرين أن تحاسب وتمنع من يتجرأ على رأس الدولة ورموزها وتضع حدا لهذا التجاوز؟