«كلمة عنف Violence مشتقة من الكلمة اللاتينية Violare تعني ينتهك أو يؤذي أو يغتصب، وهو استخدام الضغط أو القوة استخداماً غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة الفرد أو المجتمع»، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية.
يحق للناس التجمع السلمي لإعلاء شأن حقوق الإنسان وحمايتها من خلال الاحتجاج السلمي أو التعبير عن آرائهم. وتتحمل الدولة مسؤولية التأكد من تمكُّنهم من التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم دون تعرضهم للتهديد للعنف، حيث يتمتع الجميع بحق تعزيز حقوق الإنسان وتطويرها وحمايتها عبر الوسائل القانونية والسلمية، وتشمل هذه الوسائل السلمية الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقل شرط عدم الإضرار بحقوق الآخرين.
هكذا ملخص العهود الدولية، ورغم عدم إلزاميتها قانونياً، فإن الالتزام بها بات معياراً مهما على مدى تقدم الدول في الديمقراطية ومدى رشاد الحكم.
فإذا كان التعبير السلمي حق إنساني وحق دستوري لا يتنازع فيهما اثنان فإن شرط السلمية في ممارسة هذا الحق ملازم له، لذلك فإن الإخلال بشرط السلمية يفضي بالضرورة إلى تطبيق القانون على المخلين. ولن يغطي أو يخفف استخدام مصطلح السلمية على العنف المادي والفكري، فالشعار إذا لم تواكبه صدقية الممارسة يفقد معنى مطابقة الواقع، فإذا كان شعار السلمية بصبغته المستخدمة لتبرير عنف المطالبة أو عنف المغالبة، أو عنف التغيير، ليس مجرد شعار عشوائي يتم تسويقه بدون أصول، بل هو صناعة أمريكية مؤسسة على رؤية ومراجعة تم إنجازهما بعيد اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
البداية كانت مع القضية الفلسطينية التي تختزل صورة الصراع العربي الصهيوني، حيث طلبت الإدارة الأمريكية من السلطة الفلسطينية التخلِّي عن مظاهر المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فأعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية آنذاك موافقتها على وقف إطلاق النار من طرف واحد، وصرَّح الرئيس الراحل ياسر عرفات أن الفلسطينيين لن يطلقوا النار حتى إذا أُطلِقَت النارُ عليهم، وأعلن عدم شرعية الأجنحة العسكرية التابعة للفصائل كافة، كما إنه حاول استخدام الأساليب اللاعنفية.
وبغض النظر عن طبيعة نتائج هذا التكتيك فإن التحول إلى الأساليب اللاعنفية الذي بدأ مع تلك الفترة بالنسبة للقضية الفلسطينية كان إعلاناً لانتصار التوجه الأمريكي لقيادة «التغيير» في المنطقة في اتجاه معاكس للعنف اللاشرعي الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في مفارقة تترجمها احتلال العراق وأفغانستان بالقوة المسلحة دون اعتبار لسيادة الدول واختيارات شعوبها.
الغريب أن نفس السياسة العنيفة المعادية للشرعية الدولية، عملت على توليد عنفية جديدة مبرمجة هي «عنفية السلمية» حيث يكون المطلوب من الشعوب إن تعمل وفقاً لنظرية التدافع المفعل (وفقاً لنظرية الفوضى الخلاقة)، بما يؤدي إلى التغيير الداخلي بوسائل لا عنفية -أقل تكلفة وأكثر نجاعة- وغالباً ما استعملت حركات الاحتجاج المقاومة والأساليب اللاعنفية خاصة في البداية، إلا أن لغة اللاعنف وفلسفته بقيا مجهولين إلى حدٍّ كبير في المجتمع وفي الخطاب السياسي.
ورغم أن معظم نضال المعارضين في البداية كان سياسياً حيث تم استخدام أساليب لاعنفية من الاحتجاجات والتجمعات السلمية والبيانات الصحفية، والمظاهرات، والمطالبة بحقوق الإنسان، إلا أنه من الواضح أن الصوت السياسي العقلاني يتبخر صداه وسط اتساع النزعات الثورية الجذرية التي لا تعترف بشرعية السلطة ويتجه إلى تخريب أسس الدولة القائمة بما يؤدي في النهاية إلى مواجهة عنيفة، وبما يجعل الفعل المعارض العنيف يسطو على الحركة الاحتجاجية السلمية ويتغطى بها لتمرير عنفه اليوم ويورط المعارضة الشرعية بتسجيل كل هذا العنف على حسابها.
ومن الواضح أن العقبة الرئيسة التي تحول دون تبنِّي استراتيجية سلمية حقيقية على نطاق واسع هو الخلط في الثقافة السائدة في الوسط الشعبي المعارض بين السلمية، من ناحية، والسلبية والجبن والرضوخ للسلطة، من ناحية ثانية، وفي الواقع، إن السلمية الحقيقية تتطلب شجاعة أكبر، وانضباطاً وتدريباً وتضحية أكثر، ويمكن أن يكون أكثر نضالية. لذا فإن العمل العلني والصريح على رفض العنف والتنديد به وإيقاف مظاهره اليومية هو ما سيعطي للسلمية معنى ومحتوى.
يحق للناس التجمع السلمي لإعلاء شأن حقوق الإنسان وحمايتها من خلال الاحتجاج السلمي أو التعبير عن آرائهم. وتتحمل الدولة مسؤولية التأكد من تمكُّنهم من التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم دون تعرضهم للتهديد للعنف، حيث يتمتع الجميع بحق تعزيز حقوق الإنسان وتطويرها وحمايتها عبر الوسائل القانونية والسلمية، وتشمل هذه الوسائل السلمية الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقل شرط عدم الإضرار بحقوق الآخرين.
هكذا ملخص العهود الدولية، ورغم عدم إلزاميتها قانونياً، فإن الالتزام بها بات معياراً مهما على مدى تقدم الدول في الديمقراطية ومدى رشاد الحكم.
فإذا كان التعبير السلمي حق إنساني وحق دستوري لا يتنازع فيهما اثنان فإن شرط السلمية في ممارسة هذا الحق ملازم له، لذلك فإن الإخلال بشرط السلمية يفضي بالضرورة إلى تطبيق القانون على المخلين. ولن يغطي أو يخفف استخدام مصطلح السلمية على العنف المادي والفكري، فالشعار إذا لم تواكبه صدقية الممارسة يفقد معنى مطابقة الواقع، فإذا كان شعار السلمية بصبغته المستخدمة لتبرير عنف المطالبة أو عنف المغالبة، أو عنف التغيير، ليس مجرد شعار عشوائي يتم تسويقه بدون أصول، بل هو صناعة أمريكية مؤسسة على رؤية ومراجعة تم إنجازهما بعيد اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
البداية كانت مع القضية الفلسطينية التي تختزل صورة الصراع العربي الصهيوني، حيث طلبت الإدارة الأمريكية من السلطة الفلسطينية التخلِّي عن مظاهر المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فأعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية آنذاك موافقتها على وقف إطلاق النار من طرف واحد، وصرَّح الرئيس الراحل ياسر عرفات أن الفلسطينيين لن يطلقوا النار حتى إذا أُطلِقَت النارُ عليهم، وأعلن عدم شرعية الأجنحة العسكرية التابعة للفصائل كافة، كما إنه حاول استخدام الأساليب اللاعنفية.
وبغض النظر عن طبيعة نتائج هذا التكتيك فإن التحول إلى الأساليب اللاعنفية الذي بدأ مع تلك الفترة بالنسبة للقضية الفلسطينية كان إعلاناً لانتصار التوجه الأمريكي لقيادة «التغيير» في المنطقة في اتجاه معاكس للعنف اللاشرعي الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في مفارقة تترجمها احتلال العراق وأفغانستان بالقوة المسلحة دون اعتبار لسيادة الدول واختيارات شعوبها.
الغريب أن نفس السياسة العنيفة المعادية للشرعية الدولية، عملت على توليد عنفية جديدة مبرمجة هي «عنفية السلمية» حيث يكون المطلوب من الشعوب إن تعمل وفقاً لنظرية التدافع المفعل (وفقاً لنظرية الفوضى الخلاقة)، بما يؤدي إلى التغيير الداخلي بوسائل لا عنفية -أقل تكلفة وأكثر نجاعة- وغالباً ما استعملت حركات الاحتجاج المقاومة والأساليب اللاعنفية خاصة في البداية، إلا أن لغة اللاعنف وفلسفته بقيا مجهولين إلى حدٍّ كبير في المجتمع وفي الخطاب السياسي.
ورغم أن معظم نضال المعارضين في البداية كان سياسياً حيث تم استخدام أساليب لاعنفية من الاحتجاجات والتجمعات السلمية والبيانات الصحفية، والمظاهرات، والمطالبة بحقوق الإنسان، إلا أنه من الواضح أن الصوت السياسي العقلاني يتبخر صداه وسط اتساع النزعات الثورية الجذرية التي لا تعترف بشرعية السلطة ويتجه إلى تخريب أسس الدولة القائمة بما يؤدي في النهاية إلى مواجهة عنيفة، وبما يجعل الفعل المعارض العنيف يسطو على الحركة الاحتجاجية السلمية ويتغطى بها لتمرير عنفه اليوم ويورط المعارضة الشرعية بتسجيل كل هذا العنف على حسابها.
ومن الواضح أن العقبة الرئيسة التي تحول دون تبنِّي استراتيجية سلمية حقيقية على نطاق واسع هو الخلط في الثقافة السائدة في الوسط الشعبي المعارض بين السلمية، من ناحية، والسلبية والجبن والرضوخ للسلطة، من ناحية ثانية، وفي الواقع، إن السلمية الحقيقية تتطلب شجاعة أكبر، وانضباطاً وتدريباً وتضحية أكثر، ويمكن أن يكون أكثر نضالية. لذا فإن العمل العلني والصريح على رفض العنف والتنديد به وإيقاف مظاهره اليومية هو ما سيعطي للسلمية معنى ومحتوى.