مرحلة جديدة دخلتها المرأة البحرينية منذ تولي جلالة الملك مقاليد الحكم في البلاد, إذ تعيش في عهده الزاهر نهضة غير مسبوقة شملت أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية, مرتكزة في ذلك على رؤية جلالته وإيمانه بأن بناء البحرين يقوم على سواعد الجميع رجالاً ونساء.
المرأة البحرينية من جهتها تعاطت مع ذلك الاهتمام بشكل إيجابي وقامت ولاتزال بدور أساسي في مسيرة التنمية الشاملة, وتلعب دوراً محورياً ومؤثراً في تفعيل المشروع الإصلاحي في كافة الميادين، ولعل بعض مما تحقق للمرأة من نجاحات يمكن تلخيصه في الآتي:
_ وضع إطار مؤسسي ممنهج لدعم المرأة بما يراعي متطلبات المرأة من جهة, تمثل في إنشاء المجلس الأعلى للمرأة في العام 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى والذي شكل تطوراً مهماً على صعيد الاهتمام بالمرأة لما يقوم به المجلس من دور محوري باعتباره المؤسسة الرسمية المعنية بشؤون المرأة.
_ صيانة حقوق المرأة دستورياً وقانونياً, إذ عزز ميثاق العمل الوطني في عام 2001, والدستور في العام 2002, وجود المرأة البحرينية في كافة المجالات وأضفى على ذلك الوجود شرعية دستورية وقانونية جعل من المرأة اليوم شريك فعلي للرجل في كل مجالات الحياة.
تزايد دور ومساهمة المرأة البحرينية في العمل العام في كافة المواقع, ارتكازاً على ما حصلت عليه من حقوق متعددة, فخلال السنوات العشر الماضية نالت المرأة جملة من الحقوق ميزتها عن الأخريات في المنطقة في جميع الميادين, وترتب على ذلك تعيين المرأة كعضو بمجلس الشورى وانتخابها عضواً في مجلس النواب, وتعيينها كسفيرة ووزيرة ورئيسة جامعة, فضلاً عن توليها مناصب قيادية في الوزارات, ثم دخولها السلطة القضائية, وصولاً إلى تقلدها مناصب دولية رفيعة بتولي الشيخة هيا بنت محمد آل خليفة رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
_ تعزيز مكانة المرأة في المجال الاقتصادي, حيث تم إصدار العديد من التشريعات والقوانين التي تكفل حق المرأة في العمل والمشاركة الاقتصادية مما أسهم ذلك في زيادة مساهمة المرأة في القطاع التجاري.
_ نذكر أيضاً الأمر الملكي رقم (14) لسنة 2011 بإنشاء وتنظيم اللجنة الوطنية لمتابعة وتنفيذ النموذج الوطني بإدماج احتياجات المرأة في برنامج عمل الحكومة برئاسة صاحبة السمو رئيسة المجلس الأعلى للمرأة التي انبثقت منها وحدات تكافؤ الفرص, كذلك إنشاء لجنة تنسيقية بين المجلس الأعلى والسلطة التشريعية بهدف دعم احتياجات المرأة في برامج عمل الحكومة الصادر بحس القرار 2 لسنة 2012 من أجل توفير الإطار التشريعي والتنظيمي.
هذه نماذج فقط وما تحقق كثير ومازالت وتيرة العمل متصاعدة, لكن المرأة البحرينية تستحق المزيد من الحقوق التي تكفل كرامتها وتصونها, وهي في انتظار غلق ملفات مهمة وغاية في الحساسية من خلال سن التشريعات التي تكفل لها الظفر بحقوقها كاملة وتزيل كل أشكال التمييز التي قد تمارس ضدها, ولعل أهم هذه التشريعات هو المشروع بقانون بشأن حماية الأسرة البحرينية من العنف الذي أقره مجلس النواب أبريل/2010 وأحيل إلى مجلس الشورى ومازال يرابط هناك إلى يومنا هذا رغم أهميته التي لا يمكن الجدال بشأنها, إذ بلغ عدد حالات العنف الأسري التي واجهتها المرأة خلال النصف الأول من نفس العام 2010 نحو 928 حالة وذلك وفق إحصائيات عدد من الجمعيات النسائية التي استقبلت المعنفات, خاصة وأن البحرين صدقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة (السيداو) عام 2002.
من القوانين المهمة أيضاً, قانون الأحوال الشخصية, إذ أقر مجلس النواب في 14/5/2009 القسم السني من القانون في حين رفض علماء الطائفة الجعفرية قبول الشق الآخر, لكن القضايا المتراكمة ومعاناة النساء تؤكد أهمية إصدار هذا الشق رغم حساسية الموضوع, ولابد من الوصول إلى التوافق وما يحفظ الخصوصية التي يطالب بها علماء الجعفرية دون أن يسيس الملف كما هو حاصل الآن مع عدم الالتفات لمعاناة المرأة والأطفال, فلا أحد يقول بفرض القانون ولكن لا مبرر أيضاً ألا يتم إصداره مع إعطاء ضمانات بإيجاد آلية كاملة تضمن مشاركة العلماء أنفسهم في وضعه ومراجعته مع السلطة التشريعية.
وإذا ما تناولنا التشريعات الناقصة فلابد من الإشارة إلى المطالبات بقانون يجيز لأبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب الحصول على الجنسية البحرينية, نظراً إلى معاناة كثير من النساء المطلقات أو المهجورات أو الأرامل اللواتي لا يتمتع أولادهن بجنسيتهن, وكل المطلوب هو إضافة مفردة واحدة في المادة رقم 4 من قانون الجنسية الحالي للعام 1963 لتصبح بعد الإضافة كالتالي (يعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً أو (أمه بحرينية) عند ولادته).
كلها ملفات ضرورية جداً وتوجد غيرها في الإسكان والصحة والتعليم مما تستحقه المرأة البحرينية التي هي محل اعتزازنا وتقديرنا , فمتى ستشهد هذه القوانين النور؟ سؤال أتوجه به إلى أعضاء السلطة التشريعية الكرام.