إذا كنا نتحدث بواقع الأمر وبنظرة منصفه للأمور؛ فإن ما يقدم من دعم للسلع الأساسية في البحرين أمر مهم جداً يلقى بظلاله على أسعار السلع الأساسية الضرورية التي يعتمد عليها المواطن في معيشته اليومية.
نشكر الدولة على هذا الدعم والذي زادت نسبته %67 هذا العام، وللأمانه فإن أسعار اللحوم والدواجن والمحروقات في دول عربية وخليجية أعلى منها في البحرين، نعم رواتب أشقائنا في الخليج أكثر وأعلى، لكن أيضاً هم يشتكون من غلاء المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار.
قبل أن أتوجه إلى ما أنا بصدده، فإن ما نعانيه من ارتفاع في أسعار السلع الأساسية هو في أصله أننا لا نقيم مشاريع حيوية منتجة وتجارية للأمن الغذائي، او بمعنى أننا لا نملك مصيرنا في موضوع الغذاء، ولو أننا أنتجنا سلعاً بالإمكان إنتاجها في البحرين من خلال مشاريع كبيرة، لأصبحنا نصدر الغذاء للجيران بدل أن نستورده من دول بعيدة كاللحوم والدواجن، والبيض، ومزروعات كثيرة كنا ننتجها، وصرنا نستوردها.
هناك أمر في تقديري يجب بحثه على وجه السرعة، ولا ينبغي أن نترك المسألة إلى جشع بعض التجار صغاراً كانوا أو كباراً.
شغلني سؤال مهم يتعلق بمعيشة الناس، ويؤثر سلباً على القيمة الحقيقية للراتب، ألا وهو لماذا ترتفع بعض الأسعار لدى التجار، بينما الدولة تقدم دعماً لهذه السلع؟
سوف أضرب هذا المثال ويتعلق بمعيشة الناس وقوتهم، كون أكثر من نصف البحرينيين يشترون وجبة الغداء من المطاعم بسبب أن الزوج والزوجة في أعمالهما، وهناك مشكلة خدم منازل بالبحرين.
فقد قفز سعر وجبة الغداء الصغيرة ربع دجاجة (وهذا يختلف من مطعم إلى آخر) إلى ما يقارب الدينار، بينما الدواجن مدعومة، وسعر الدجاجة معروف، وأسعار الأرز قفزت قبل فترة وعادت للهبوط، فلماذا يقفز السعر من 600 فلس هذه الوجبة إلى ما يقارب الدينار وأكثر؟
أليس هناك من يراقب هذه الأسعار؟
أليس هناك من يطوف المطاعم ويفرض عليهم عدم رفع الأسعار، بينما اللحم مدعوم والدجاج مدعوم؟
أصبح صاحب المطعم يرفع سعر الوجبات بمزاجه، دون حسيب أو رقيب، جمعية حماية المستهلك في نوم عميق، والنواب أيضاً لا يطرحون مثل هذا الموضوع مع أن لها علاقة بقيمة الراتب الحقيقي، بمعنى أننا نفقد قيمة حقيقية من الراتب بسبب جشع بعض التجار.
من يراقب كل ذلك، أين وزارة الصناعة والتجارة؟
أعطي مثالاً آخر، فقد قفز سعر وجبة الكباب (على الطريقة التركية) من دينار إلى دينار و750 في بعض المطاعم أو دينارين..!
ولو أخذنا الكباب ووضعناه في الميزان لوجدنا أن وزنه لا يتعدى ربع كيلو، بينما يباع بـ دينار و750 فلماذا هذا السعر، من وضعه؟
أين الرقابة على هذه المطاعم، أليس اللحم مدعوماً من الدولة؟
كم يصبح هامش الربح في كل كيلو مدعوم لدى هذه المطاعم؟
أمثلة على ذلك كثيرة تتعلق بسندوتشات الشوارما وغيرها فما ينطبق على الوجبات ينطبق على الشوارما، فالدجاج مدعوم واللحم مدعوم وأسعارها ترتفع تدريجياً بينما سعر كيلو اللحم ثابت بسبب الدعم.
المسألة مسألة رقابة وقانون، وهذا الأمر يتعلق أيضاً بإجارات الشقق، فبمجرد أن تحصل زيادة للرواتب تزيد إيجارات الشقق ولا أعرف ما العلاقة بينهما.
جزء كبير من دعم الدولة لا يشعر به المواطن حين يأكله جشع بعض التجار، بينما لا رقابة على أسعار المطاعم.
المفترض أن تأتي لجنة وتأخذ الوجبة وتقيم سعرها قياساً بالدعم والوزن، وتضع لها سعراً من كذا إلى كذا لا يتجاوز هذا المبلغ وتفرض رقابة على من يرفع الأسعار دون أن يرجع للجهات المختصة.
نناشد الدولة التي تقدم دعماً بالملايين أن تفرض رقابة على القيمة الحقيقية للسلع والوجبات التي تتعلق بقضية مهمة وهي قوت البحرينيين، وأن نقول لصاحب المطعم بأي حق رفعت السعر إلى ما يقارب النصف بينما لم يتغير سعر اللحم ولا الأرز؟
بل أن في دول أخرى، ودول أوروبية يحال فيها هؤلاء إلى النيابة ويشهر بهم في الصحف حتى يتعظ الآخرون.
السؤال الآخر الذي نود طرحه، بأي حق يرفع صاحب المطعم السعر؟
هل أخذ ترخيصاً من وزارة الصناعة والتجارة؟
ما نطرحه هو أن القيمة الحقيقية لراتب الموظف تضيع بسبب جشع بعض التجار، ولا رقابة حقيقية على من يرفع الأسعار دون وجه حق.
غداً سترد علينا إحدى الوزارات برد متشنج متوتر يسخف من رأي الكتاب والصحافة، وتقول لنا نحن نفعل كذا وكذا، هذه الردود أكل عليها الزمان وشرب، نريد أن نعرف من يراقب ارتفاع أسعار المطاعم، لماذا يرفعون الأسعار دون وجه حق والدعم الحكومي للجميع بما فيهم المطاعم؟
أسعار البيض مثلاً شهدت ارتفاعاً مطرداً، أصبحت كارتون البيض بدينارين، وقد كانت بدينار و400، لماذا هذا الارتفاع؟
أين الدعم الحكومي، أين شركة الدواجن، لماذا لا ننتج بيضاً بقدر حاجتنا ونستورد من الخارج؟
كلها أسئلة مؤلمة للمواطن، فإذا لم تزد الدولة الرواتب، على أقل تقدير تراقب الأسعار، وتفرض رقابة على من يرفع الأسعار دون وجه حق وتحيل المخالفين للنيابة حتى نشعر أن بالبلد قانوناً.