بدا خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمناسبة تنصيبه للولاية الثانية مريباً، فالرحمة الإنسانية التي لمّع بها وعوده بانتهاء عقد من الحروب لم تلبث أن تلحقها ضرورة قيادة العالم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تمخضت سياسة المهادنة الأمريكية واللعب المستور الفاضح في الآونة الأخيرة، عن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام عقب تسعة أشهر على توليه الرئاسة الأمريكية للمرة الأولى؛ ما يستوجب وضع استراتيجية جديدة تنأى بأمريكا عن التدخلات العسكرية المباشرة والاستعانة بسياسات أخرى لطالما انتهجتها أمريكا في تاريخها الطويل، ولا سيما في العقد الأخير من الزمن. ويبدو أن النرد الأمريكي في لعبة السياسة الخارجية لا يستلذ إلاَّ الديمقراطية خياراً.. القضية الأزلية التي لطالما لعبت فيها أمريكا المتصهينة على المكشوف.
ورغم اختلاف النهج ما بين باراك أوباما وسابقه بوش الابن، إلاَّ أن الجهود كلها تلتقي في نفس المصبّ في آخر المطاف، بإضاءة كتاب «قضية الجمهورية» للمنشق السوفييتي السابق ووزير شؤون يهود الشتات الإسرائيلي «ناتان شارانسكي» والذي اتخذ منه بوش الابن منهاج عمل لإثارة ما يُسمى بـ»الفوضى الخلاّقة»، فضلاً عن مؤلفات المستشرق «برنارد لويس» صاحب أخطر مشروع لتفتيت العالم العربي والإسلامي والمؤرخ البارز للشرق الأوسط، ومن أبرز ما يُنسب إليه توفير الذخيرة الأيديولوجية لإدارة بوش الابن في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب، حتى اعتُبر المُنظّر الفعلي لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل يعني سحب أوباما للقوات الأمريكية من العراق واحتمال سحبها من أفغانستان في العام المقبل، عودة السلام في المنطقة؟ والجواب طبعاً «لا». فالرئيس الأمريكي في خطابه التاريخي وعد بدعم الديمقراطية بمعزل عن الحروب المستمرة التي قد تديرها أمريكا عسكرياً بدعوى نشر السلام في العالم. ولكن هيهات .. فما من سلام.
عندما ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في إشعال الثورات الشعبية الديمقراطية في وجه الأنظمة الاستبدادية الصهيوأمريكية الصنع، لم تجعل للسلام في الوطن العربي ثمة موطئ قدم. ثم إن السلام والديمقراطية لا يعدوان على كونهما بعضاً من أشهر وسائل أمريكا وإسرائيل في تنفيذ استراتيجيات الفكر التدميري المنسوب إلى نبوءات التوراة والإنجيل، فالدين هو الأساس الصلد الذي يكمن وراءه سر العلاقة الحميمة بين أمريكا ودولة إسرائيل الصهيونية، والقائمتين على الإيمان بالمجيء الثاني للمسيح وشعب الله المختار ومعركة هرمجدون التورية.
ومما يؤكد الريبة في خطاب أوباما ما جاء في لقاء للكاتبة الأمريكية «جريس هالسل» ذكرته في كتابها «النبوءة والسياسة» مع مواطن أمريكا من ولاية جورجيا، التقته في رحلتها إلى الأرض المقدسة في عام 1985م، قال: (إنني أعتقد أنه «عمل إثم أمام الله أن يفكر مسؤولون أمريكيون بوضع أية عملية للسلام» يمكن أن تنتزع قدماً واحداً من الأرض التي منحها الله إلى الشعب الذي يملك أقدم حق بالملكية معروف للإنسانية.!!)، مستطرداً في جانب آخر من اللقاء قوله: (إن الكتاب المقدس ينبئ لنا أن علينا أن نتوقع هجوماً يشنه على إسرائيل الروس واتحاد القادة العرب، وإننا على ثقة من أن هذا الهجوم قادم لأن كتابي دانيال وحزقيال تنبآ به). الأمر الذي يبرر إشادة أوباما بشجاعة العسكريين الأمريكيين رغم استمرار حديثه عن السلام، ثم ما لبث أن ألحقه بتأكيد الحزن الأمريكي على من فقد من الجنود والخوف من تربص الأعداء بالولايات المتحدة الأمريكية في إشارة غير مباشرة لهجوم 11 سبتمبر 2011 وأن العالم العربي والشرق أوسطي أجمع سيسدد ديون تلك الفعلة على مهل، فضلاً عن تكرار التأكيد فيما يتعلق بضرورة استرجاع القوة العسكرية.
ويدور أوباما في نفس الحلقة مُجدداً الوعد بمد يد السلام للغير، وهي إشارة غير مباشرة لحتمية استعمال القوة العسكرية في مرحلة قادمة بغية تحقيق السلام المزعوم في الشرق الأوسط، ولكن الأمر مرتهن بتعافي الجيش الأمريكي بعد الويلات التي أُلحقت به عقب الحروب التدميرية التي شنها بوش الابن، وقُدّرت خسائرها البشرية غير المُعلنة حسب وزارة شؤون المحاربين القدماء 73 ألف قتيل منذ حرب الخليج 1991 عندما كان بوش الأب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وحتى 2007 قبيل انقضاء ولاية بوش الابن، فيما كان عدد المصابين في العمليات الحربية خلال نفس الفترة 1.6 مليون مصاب، فضلاً عن 5798 قتيلاً منهم 4409 قتلة في العراق و1389 قتيلاً في أفغانستان حتى 8 نوفمبر 2010. ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي مازال أوباما بصدد معالجتها.
ولا ضير إن استعان أوباما بفكر مُنظّر سياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط «لويس» كما فعل سابقه، ولعل من أبرز ما جاء في فكر «لويس» حديث له في مقابلة أجرتها معه وكالة الإعلام في 20/5/2005، قال فيه بضرورة استعمار أمريكا للمنطقة بالاستفادة من التجربة البريطانية والفرنسية، ثم إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية. الأمر الذي تحقق فعلياً في فترة ولاية أوباما الأولى. وأضاف لويس: (يجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية –دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة).. وفي موضع آخر تحدث عن استثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها. وقد شهد العالم كل توصيات «لويس» عام 2005 في فترة الولاية الأولى لأوباما، وعزز الأخير كثير من هذا في خطابه. الأمر الذي يوجب علينا عدم التعاطي مع هكذا خطابات بسذاجة وأن نتيقظ للسياسات الخارجية المحاكة ضد الشرق الأوسط وإسلامه، من قبل أمريكا والعدو الصهيوني الذي سيكون لنا وقفات أخرى معه في «نبضات».. لكي لا يوقف الأعداء نبضنا بعد فوات الأوان.
وقد تمخضت سياسة المهادنة الأمريكية واللعب المستور الفاضح في الآونة الأخيرة، عن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام عقب تسعة أشهر على توليه الرئاسة الأمريكية للمرة الأولى؛ ما يستوجب وضع استراتيجية جديدة تنأى بأمريكا عن التدخلات العسكرية المباشرة والاستعانة بسياسات أخرى لطالما انتهجتها أمريكا في تاريخها الطويل، ولا سيما في العقد الأخير من الزمن. ويبدو أن النرد الأمريكي في لعبة السياسة الخارجية لا يستلذ إلاَّ الديمقراطية خياراً.. القضية الأزلية التي لطالما لعبت فيها أمريكا المتصهينة على المكشوف.
ورغم اختلاف النهج ما بين باراك أوباما وسابقه بوش الابن، إلاَّ أن الجهود كلها تلتقي في نفس المصبّ في آخر المطاف، بإضاءة كتاب «قضية الجمهورية» للمنشق السوفييتي السابق ووزير شؤون يهود الشتات الإسرائيلي «ناتان شارانسكي» والذي اتخذ منه بوش الابن منهاج عمل لإثارة ما يُسمى بـ»الفوضى الخلاّقة»، فضلاً عن مؤلفات المستشرق «برنارد لويس» صاحب أخطر مشروع لتفتيت العالم العربي والإسلامي والمؤرخ البارز للشرق الأوسط، ومن أبرز ما يُنسب إليه توفير الذخيرة الأيديولوجية لإدارة بوش الابن في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب، حتى اعتُبر المُنظّر الفعلي لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل يعني سحب أوباما للقوات الأمريكية من العراق واحتمال سحبها من أفغانستان في العام المقبل، عودة السلام في المنطقة؟ والجواب طبعاً «لا». فالرئيس الأمريكي في خطابه التاريخي وعد بدعم الديمقراطية بمعزل عن الحروب المستمرة التي قد تديرها أمريكا عسكرياً بدعوى نشر السلام في العالم. ولكن هيهات .. فما من سلام.
عندما ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في إشعال الثورات الشعبية الديمقراطية في وجه الأنظمة الاستبدادية الصهيوأمريكية الصنع، لم تجعل للسلام في الوطن العربي ثمة موطئ قدم. ثم إن السلام والديمقراطية لا يعدوان على كونهما بعضاً من أشهر وسائل أمريكا وإسرائيل في تنفيذ استراتيجيات الفكر التدميري المنسوب إلى نبوءات التوراة والإنجيل، فالدين هو الأساس الصلد الذي يكمن وراءه سر العلاقة الحميمة بين أمريكا ودولة إسرائيل الصهيونية، والقائمتين على الإيمان بالمجيء الثاني للمسيح وشعب الله المختار ومعركة هرمجدون التورية.
ومما يؤكد الريبة في خطاب أوباما ما جاء في لقاء للكاتبة الأمريكية «جريس هالسل» ذكرته في كتابها «النبوءة والسياسة» مع مواطن أمريكا من ولاية جورجيا، التقته في رحلتها إلى الأرض المقدسة في عام 1985م، قال: (إنني أعتقد أنه «عمل إثم أمام الله أن يفكر مسؤولون أمريكيون بوضع أية عملية للسلام» يمكن أن تنتزع قدماً واحداً من الأرض التي منحها الله إلى الشعب الذي يملك أقدم حق بالملكية معروف للإنسانية.!!)، مستطرداً في جانب آخر من اللقاء قوله: (إن الكتاب المقدس ينبئ لنا أن علينا أن نتوقع هجوماً يشنه على إسرائيل الروس واتحاد القادة العرب، وإننا على ثقة من أن هذا الهجوم قادم لأن كتابي دانيال وحزقيال تنبآ به). الأمر الذي يبرر إشادة أوباما بشجاعة العسكريين الأمريكيين رغم استمرار حديثه عن السلام، ثم ما لبث أن ألحقه بتأكيد الحزن الأمريكي على من فقد من الجنود والخوف من تربص الأعداء بالولايات المتحدة الأمريكية في إشارة غير مباشرة لهجوم 11 سبتمبر 2011 وأن العالم العربي والشرق أوسطي أجمع سيسدد ديون تلك الفعلة على مهل، فضلاً عن تكرار التأكيد فيما يتعلق بضرورة استرجاع القوة العسكرية.
ويدور أوباما في نفس الحلقة مُجدداً الوعد بمد يد السلام للغير، وهي إشارة غير مباشرة لحتمية استعمال القوة العسكرية في مرحلة قادمة بغية تحقيق السلام المزعوم في الشرق الأوسط، ولكن الأمر مرتهن بتعافي الجيش الأمريكي بعد الويلات التي أُلحقت به عقب الحروب التدميرية التي شنها بوش الابن، وقُدّرت خسائرها البشرية غير المُعلنة حسب وزارة شؤون المحاربين القدماء 73 ألف قتيل منذ حرب الخليج 1991 عندما كان بوش الأب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وحتى 2007 قبيل انقضاء ولاية بوش الابن، فيما كان عدد المصابين في العمليات الحربية خلال نفس الفترة 1.6 مليون مصاب، فضلاً عن 5798 قتيلاً منهم 4409 قتلة في العراق و1389 قتيلاً في أفغانستان حتى 8 نوفمبر 2010. ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي مازال أوباما بصدد معالجتها.
ولا ضير إن استعان أوباما بفكر مُنظّر سياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط «لويس» كما فعل سابقه، ولعل من أبرز ما جاء في فكر «لويس» حديث له في مقابلة أجرتها معه وكالة الإعلام في 20/5/2005، قال فيه بضرورة استعمار أمريكا للمنطقة بالاستفادة من التجربة البريطانية والفرنسية، ثم إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية. الأمر الذي تحقق فعلياً في فترة ولاية أوباما الأولى. وأضاف لويس: (يجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية –دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة).. وفي موضع آخر تحدث عن استثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها. وقد شهد العالم كل توصيات «لويس» عام 2005 في فترة الولاية الأولى لأوباما، وعزز الأخير كثير من هذا في خطابه. الأمر الذي يوجب علينا عدم التعاطي مع هكذا خطابات بسذاجة وأن نتيقظ للسياسات الخارجية المحاكة ضد الشرق الأوسط وإسلامه، من قبل أمريكا والعدو الصهيوني الذي سيكون لنا وقفات أخرى معه في «نبضات».. لكي لا يوقف الأعداء نبضنا بعد فوات الأوان.