تاريخ البحرين السياسي لا يقتصر على تاريخ النظام السياسي فحسب حتى نضع نقطة ومن أول السطر؛ بل كان هناك حراك شعبي منذ العشرينات نختلف على تصنيفه، نختلف أو نتفق معه، إنما هذا لا ينفي أنه كان هناك حراك شعبي ونشاط مجتمعي مفعم بالحيوية، وقصص تستحق أن تروى.
البحرين مجتمع ديناميكي تعليم مبكر واتصال بالعالم الخارجي منفتح، حرك هذا الشعب في العشرينات والخمسينات والستينات والسبعينات بمطالب المشاركة في صنع القرار، كان هناك حراك متصل بل كان متوارثاً في بعض الأحيان!
حتى جاءت الثمانينات والتسعينات لتلون الحركة باللون (الإيراني) متأثرة بثورة الخميني، حراك يحمل ذات الشعارات لكنه بعباءة دينية شيعية.
أجيالنا الحالية مواليد الثمانينات، ومن بعدها، لم يعوا على ذلك التاريخ ومصادره شحيحة، وللتاريخ ذاكرة بعضها طمس بفعل عوامل التعرية الإجبارية وبعضها مازال حياً، وهناك محاولات لتشويه ولطمس مراحل وحقب من أيامنا، حتى اعتقد هذا الجيل أن الحراك السياسي ولد معه ولم تكن البحرين موجودة قبل ولادته!!
التاريخ أمانة نقلها أجدادنا لنا ومسؤوليتنا كبيرة في نقلها لأبنائنا وأحفادنا، فالحراك السياسي في البحرين لم يولد من فراغ.
وللبحرين ذاكرة سياسية يعتلي أجزاء كثيرة منها الغبار، ومسؤوليتنا استنطاق هذا التاريخ وإزالة بعض مما طمس، فمازال في الوقت متسع ربما.. ربما.. تنفع الذكرى بعض المؤمنين.
في ستينات القرن الماضي وسبعيناته كان هناك حراك سياسي في البحرين، حينها لم يكن وصف (ناشط سياسي) متداولاً، بل كان وصف (مناضل سياسي) هو المتداول، ورغم أن الاثنين يدوران في فلك السياسة ومجرتها؛ إلا أن المسافة التي تفصل بين الاثنين شاسعة وكبيرة في العديد من المفاصل؛ في المفاهيم والقيم والمبادئ، هذه ثوابت لكنها تغيرت وجرى عليها تعديل في آليات العمل والحراك المشروع والذي أصبح مقنناً من بعدما كان محرماً. جرت أنهر وجداول وشلالات ومياه تحت الجسور جعلت من العديد من المناضلين السياسيين يعيشون غربة وانقطاعاً عن فلكهم السياسي، رغم أنهم وضعوا حجر الأساس له. من باب الأمانة التاريخية ومن باب المسؤولية دورنا هو إعطاء الفرصة لآباء النشاط السياسي ولمؤسسي حراكه أن يتكلموا وعلينا الإصغاء.. يعقوب جناحي، مؤسس من مؤسسي جمعية المنبر التقدمي، سيكون ضيفاً على تلفزيون البحرين ليضع قطعة صغيرة من فسيفساء التاريخ البحريني الموازي، أتشرف باستضافته في برنامج كلمة أخيرة الليلة مع زميلي سعيد الحمد.