لطالما ردد الآباء ما طرحه الأجداد الإيجابيون “إن الضحك يطيل العمر”، في نفس الوقت الذي ردد فيه السلبيون “إن الضحك بلا سبب من قلة الأدب”. ربما بهذه المقولة يحاولون إبعادنا عن الضحك في مكان لا يصح فيه الضحك، لكننا من خلال ممارستنا العملية وتجاربنا الحياتية نتوصل يومياً إلى أن الضحك من أهم الأسباب التي تؤدي، كما قال الآباء والأجداد، إلى طول العمر، خصوصاً بالنسبة لمجتمع وصلت معاناته اليومية إلى عنق الزجاجة المغلق.
الضحك إذاً له سر وعلينا اكتشاف هذا السر من أجل التعرف عليه وبالتالي تطبيقه، للوصول إلى مرحلة الصحة التامة والسعادة والرضا.
فقد أثبتت دراسة علمية بريطانية قبل فترة أن الضحك يمكن أن يزيد من تحمل الشخص للألم، حيث إن الضحك مع الأصدقاء يزيد من إفراز المخ للمادة التي تحسن من مزاج الشخص، والتي دائماً ما يفرزها المخ عند ممارسة الرياضة، وأشار كاتب الدراسة روبين دنبار، أستاذ علم النفس بجامعة أكسفورد وفقًا لموقع “العربية.نت”، إلى أن الضحك يساعد الشخص عندما يتعرض للأذى، كما إن الضحك من القلب يمثل تمريناً جيداً لعضلات الصدر والرئتين، إضافة لكونه يحث المخ على إفراز مادة تعمل على التغلب على الألم.
وقام الباحثون في هذه الدراسة بسلسلة من التجارب المختلفة في المعمل، حيث إن دراسة سابقة أوضحت أن الضحك يكون أكثر حدوثاً في مواقف اجتماعية وليس مع شخص منعزل. وفي بعض الدراسات شاهد نصف أفراد العينة فيديو كوميدي، بينما شاهد الآخرون مادة مملة مثل تعليمات لرياضة الجولف أو تدريبات الحيوانات الأليفة. وقد تم اختبار حدة الألم عند كل شخص مشارك قبل بدء الاختبارات وبعد مشاهدة شرائط الفيديو، وذلك باستخدام تقنيات حث الألم مثل؛ تضييق قيد حول أعلى الذراع مثل ذلك المستخدم في قياس ضغط الدم، كما قدر الباحثون الوقت الذي قضاه المشاركون في الضحك.
وقد تبين أن تحمل الألم كان أعلى عند الرجال والنساء الذين شاهدوا أفلاماً مضحكة، بينما كانت كما هي عند الأشخاص الذين شاهدوا أشياء مملة.
كما توصل الباحثون إلى أن قدرة الشخص على تحمل الألم أكثر يرجع للضحك نفسه، وليس فقط وضع الشخص في حالة مزاجية أفضل، وأضافوا “بالتأكيد الضحك يعد من أفضل العلاجات للألم، لهذا فإن حث المخ على إفراز هذه المادة من خلال الضحك، يساعد الشخص على الشفاء من الأمراض، ويساعد الجسم على مقاومة العدوى”.
وخلصت الدراسة إلى أنه كلما شارك الشخص في مواقف اجتماعية تبعث على الضحك، زادت قدرته على تحمل الألم، وهو الأمر الذي قد لا يعجب شركات الأدوية، إلا أنه قد يكون أحد الوسائل الناجحة لتقليل الكلفة العلاجية بالمستشفيات.
الآن؛ إن كنت تشعر بأي نوع من الإحباطات السياسية أو الاجتماعية أو النفسية أو الزوجية، ما عليك سوى أن تشتري مجموعة من المسرحيات الكوميدية، وتبدأ بمشاهدتها لمدة أسبوعين وأكثر، في نفس الوقت عليك أن تبتعد عن مشاهدة الأخبار، وبالذات الأخبار التي تعرض عليك المجاعات والمجازر والكوارث والحروب الأهلية، وتبتعد عن التعامل مع تغريدات التويتر والبلاك بيري ومتابعة الصراخ في الفيسبوك.
وأريد أن أهمس في أذنك؛ من أجل ألا يتصور أحد من أفراد البيت أنك قد أصبت بلوثة من الجنون، أغلق عليك الباب واضحك من قمة قلبك، حتى تشعر أن الدموع تفيض من عينك، اضحك كأنك تغسل قلبك بصابون الضحك. اضحك كأنك تتحول إلى ضحكة لا تنتهي..
هل بدأت الآن؛ تعالوا نضحك على أخطائنا وعلى أخطاء العالم من حولنا.