بعد أن فتحت صفحتي على “فيسبوك” بدأ يكاتبني صديق جديد من بلد عربي وبعد قليل توجه لي بسؤالين؛ هل أنت سني أم شيعي؟ وهل أنت أحوازي أم أهوازي؟
أجبته أنا مسلم وعربي، وكل التسميتين الأحواز والأهواز يدلان على بلد عربي واحد يرضخ تحت نير الاحتلال الإيراني، والخلاف على التسمية شأن أحوازي يرجع إلى الأحوازيين أنفسهم، ولا يعدو إلا خلاف بسيط سوف ينتهي.
لم يمتد النقاش معه كثيراً، لكن تبادر لي أن أفهم لماذا يعتقد هذا الشخص أن الأحوازيين يشغلهم موضوع المذهب أو التسمية وغيرها، وتفاجأت حينها، حيث فهمت من نفس الشخص وبمتابعتي أشخاص آخرين أن هناك بعض الجهات وعدد من النشطاء الأحوازيين على ساحة الإنترنت يعملون على تعبئة هذه المفاهيم في أدمغة من يلتقون بهم هنا وهناك وعلى الإنترنت، حيث يحدث ذلك من خلال علاقات فردية وتنظيمية.
أريد أن أتوجه إلى هؤلاء الذين، بوعي أو دون وعي، يعملون على خلق هذه المفاهيم التي لا تخدم نضال الشعب الأحوازي، فالأحواز غنية عن هذه المشاكل، ومن الواضح أن هذه المفاهيم قد تعرقل المسيرة، ومع فائق الأسف يعملون على تطويرها، حيث يعتقدون أن هذه الأعمال تحمل في فحواها (الوطنية)! وأتوجه هنا برسالة واضحة يعتقدون أن (الوطنية) في ساحة النضال الأحوازي مفردة تباع وتشترى بثمن بخس، حيث كل من تحدث عن نفسه أو عن التنظيم الذي ينتمي له ويحاول أن يقدم رأيه للآخر ملفوفاً بالوطنيات. الوطنية لها قدسيتها في النضال السياسي، خصوصاً فيما يتعلق بنضال الشعوب الذي تتطلع إلى بزوغ شمس الحرية وطرد الاستعمار.
في التعريف شبه المتفق عليه لدى المفكرين أن (الوطنية) ورمزيتها تكمن في رفع الروح المعنوية لأبناء الوطن الواحد، وتعبيراً عن واجب الإنسان نحو وطنه، فهل يمكن تصنيف العمل على انشقاق المجتمع العربي الأحوازي إلى شيعي- سني وأحوازي- أهوازي، ضمن العمل الوطني؟
وإن كان هناك خلاف سياسي لدى هذه الجماعات أو التنظيمات مع جهات أحوازية أخرى (مع أني لا أؤمن بهذا الخلاف فهو ينشأ من الأنانيات الفردية ليس إلا) فيما يتعلق ببعض المفاهيم والخطط السياسية والمشاريع، هل هذا الخلاف يجب تعميمه على كافة الشعب وتعبئته في الشارع السياسي، بل وتصديره إلى الأسواق العربية؟ هل هذا العمل يعتبر جزءًا من الحراك السياسي ويساعد على إيجاد حل لمعضلة القضية الأحوازية أم أن الانشقاق سيصبح المشكلة بأم عينها؟
هنا تحديداً؛ هل تشويه سمعة بعض الأشخاص والتنظيمات التي نختلف معها في الطرح السياسي يعتبر جزءاً من النضال الوطني؟ هل محاولة اختطاف التمثيل باسم الشعب العربي الأحوازي وقضيته الحقة، والتي ذهب في سبيل تحقيق أهدافها السامية آلاف من الشهداء وهدمت البيوت وشردت العوائل وانتهكت الأعراض ودمرت البيئة على يد أزلام الدولة الفارسية، ويصب هذا في مربع (الوطنية)؟
في ذات السياق؛ إن كانت هذه الجماعات جزءًا من النضال الوطني لتحرير الأحواز وتدفع بالروح الوطنية وترفع معنويات الشعب؛ فلماذا لا تنشر تصريحات وبيانات وتقارير تتعلق بالشأن الأحوازي، مثل تلك التي صدرت من قِبل أكبر مراكز صنع القرار العالمي كالأمم المتحدة وغيرها من منظمات دولية، بحجة أن هذه المواقع سبق وأن نشرت هذه المادة لذلك لا يهمنا الأمر!! كيف يمكن للإنسان السياسي أن يجمع بين هذه الأعمال والتناقضات؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
نظراً لتجربتنا المريرة مع النظام الفارسي الفاشي ودعمه لبعض القبائل والشيوخ ضد البعض الآخر، وامتطائه سياسة فرق تسد، نتساءل؛ هل العمل في إطار ضيق وعائلي، والذي أصبح ظاهرة تجتاح كافة التكتلات والمواقع الأحوازية على شبكة الإنترنت، وكذلك العمل على تحجيم تسميات خاصة وإعطاء البعض دوراً أكبر من قدرهم على المستوى الفكري والسياسي يحتسب كجزء من العمل الوطني المنتظم ويصب في مربع الوطنية لطرد الاحتلال؟ أم أن هذه الأعمال تعتبر أعمالاً فردية وأنانية منطلقة من الروح (القبلية) التي تخدم إطالة عمر الاحتلال الإيراني، وتساهم في إنشاء الدكتاتوريات في إطار العمل النضالي والكفاح ضد المحتل؟
وهنا لا بد أن أطالب بإعادة النظر فيما تعملون بغية كسر هيبة النظام الفارسي واستعادة الحق التاريخي للشعب العربي الأحوازي، والمتمثل بطرد الاستعمار..
أولاً: إن القضية الأحوازية، منذ الانفلات الأمني في العراق، فقدت التمثيل على الساحة الدولية، وجاء ذلك عبر تأثير هذا الانفلات على عمل (الجبهة العربية لتحرير الأحواز) التي كانت تنشط على الأراضي العراقية وتمثل القضية الأحوازية حتى ذلك التاريخ. أما اليوم فلا يوجد للقضية الأحوازية أي ممثل شرعي، لذلك لا يحق لأي طرف من التنظيمات السياسية أن يعمل على خطف هذا الدور وينفرد به ويتلاعب بمستقبل الشعب حسب انتماءاته السياسية، خصوصاً وإن كانت هذه الانتماءات ممزوجة بالقبلية أو الطائفية أو الفئوية أو المناطقية أو العائلية. وهنا يمكن لأي مواطن أو تنظيم أحوازي أن يلعب دور (السفير) عبر حسن سلوكه ومواقفه السياسية التي تصب لصالح القضية وتهدف إلى تحرير الإنسان والأرض، حتى تجتمع كافة التنظيمات والنشطاء المستقلين لانتخاب هيئة تمثل الشعب الأحوازي بشكل شرعي وترعى مصالحه.
ثانياً: أن ما يوجد اليوم من ثمار سياسية جاءت بعد عمل دؤوب لكافة النشطاء الأحوازيين بشتى توجهاتهم وانتماءاتهم التنظيمية والمستقلين، وذلك عبر نشر الحقائق وتزويد المنظمات الدولية المعنية بما يحدث في الأحواز، وكذلك الحراك السياسي على الساحة الدولية والعمل النضالي في الداخل، وإيمانكم الكبير بالنصر المحتم لشعبنا الأعزل، ولكن من العقلانية أن يكون لديكم انفتاح سياسي على مستوى فردي وتنظيمي لحلحلة بعض المشاكل الصغيرة، والتي لا تأتي إلا بالتنازلات الأخوية من أجل الوطن.
ثالثاً: لا أدعوا أحداً منكم إلى الوحدة والاندماج أو الانصهار، إذ إن هذا حلم كبير يعيق تحقيقه بنية (العقل القبلي) الأحوازي، وهذا أمر يتحقق ويجتاز العوائق عبر تحقيق إحدى الحالتين؛ أولهما أن الواقع السياسي والتطورات تجرفنا نحو الاتحاد، والثاني يأتي عبر إصلاح الفكر والعقل، وهذا الأمر يأخذ زمناً وطاقات كبيرة ولن يتحقق بسهولة، لكن هناك طرقاً أقل كلفة مثل تدوين برنامج سياسي مشترك يمثل الخطوط العريضة، ويطبق بشكل تام من قبل كافة التنظيمات وليس على شاكلة ما نشر في السنين القليلة الماضية من مواثيق وبيانات وغيرها.
رابعاً: ما يوجد لدى كافة التنظيمات الأحوازية في خارج البلاد ليس بعمل سياسي متواصل ودقيق، بغض النظر عما يحدث من أحداث سياسية، إضافة إلى الحراك الداخلي، أما في الخارج فيوجد حراك إعلامي متواصل لكنه ظل مستمراً بشكل غير مهني وغير هادف، وفي بعض الأحيان يضر القضية بأكملها عبر إثارة نعرات قبلية أو طائفية أو فئوية ومناطقية أو التطرق إلى الشخصنة، إذ إن المطلوب إصلاح الساحة الإعلامية وبأسرع وقت ممكن حتى ينتهي الأمر بكسب الرأي العام العالمي.
أخيراً وليس بآخر؛ تتحكم بعقلية إدارة بعض التنظيمات نظرة سوداوية وفكرة (مع) أو (ضد)، بمعنى أن (من) لم يفكر كما أفكر (أنا كتنظيم) يبقى خارج التغطية! وخارج الإطار الوطني! ويصنف (لا أحوازي)! وقد جاءت هذه النظرة من خلايا الفكر القبلي والتخلف السياسي ومدعومة بعنف لا مثيل له، ويعمل هذا العنف على شق الصف الأحوازي وإيجاد عدة عراقيل أمام الحراك السياسي الهادف إلى تحرير الأحواز عبر صياغة مفاهيم تصنع الفوضى في العمل والعلاقات الأحوازية – الأحوازية، وقد يكون هذا العمل غير مقصود، لذلك لابد من إصلاح هذه النظرة وإن جاء الإصلاح بتغيير بعض كوادر التنظيمات وفسح المجال لأفكار الجيل الجديد وكذلك تفعيل وتنشيط الأقسام التعليمية ومراكز البحوث في التنظيمات.
أناشدكم أيتها الأخوة الأعزاء في دائرة التيار التحرري دون استثناء؛ أنتم تعلمون جيداً أن الوطنية هي الإحساس السامي والرائع الذي يشعر به المواطن، وحيث المواطن قد وقف معكم، وكثير من المواطنين سبقوكم، فهناك من استشهد وهناك ممن يريد الالتحاق بساحة الصراع الكبيرة كي يقف أمام هذا العدو المتمرس بالإرهاب، والذي يطمح لضم بلدان أكثر لـ (إمبراطورية فارس) بعدما ابتلع الأحواز، في النهاية علينا أن نكرس طاقاتنا ونوظف كافة جهودنا ونرفع أصواتنا لاستعادة الأحواز وحق شعبها التاريخي، وكذلك ألا نعمل على تشويه مفهوم الوطنية وتلويث المفاهيم الأخرى أو صناعة مفاهيم معينة وفقاً لمآربنا الخاصة، إذ إننا بشر؛ والبشر قد يخطئ، لكن الخطأ بحق الوطن له كلفة كبيرة لا يمكن أن تسد بكلمة وكتاب.
{{ article.visit_count }}
أجبته أنا مسلم وعربي، وكل التسميتين الأحواز والأهواز يدلان على بلد عربي واحد يرضخ تحت نير الاحتلال الإيراني، والخلاف على التسمية شأن أحوازي يرجع إلى الأحوازيين أنفسهم، ولا يعدو إلا خلاف بسيط سوف ينتهي.
لم يمتد النقاش معه كثيراً، لكن تبادر لي أن أفهم لماذا يعتقد هذا الشخص أن الأحوازيين يشغلهم موضوع المذهب أو التسمية وغيرها، وتفاجأت حينها، حيث فهمت من نفس الشخص وبمتابعتي أشخاص آخرين أن هناك بعض الجهات وعدد من النشطاء الأحوازيين على ساحة الإنترنت يعملون على تعبئة هذه المفاهيم في أدمغة من يلتقون بهم هنا وهناك وعلى الإنترنت، حيث يحدث ذلك من خلال علاقات فردية وتنظيمية.
أريد أن أتوجه إلى هؤلاء الذين، بوعي أو دون وعي، يعملون على خلق هذه المفاهيم التي لا تخدم نضال الشعب الأحوازي، فالأحواز غنية عن هذه المشاكل، ومن الواضح أن هذه المفاهيم قد تعرقل المسيرة، ومع فائق الأسف يعملون على تطويرها، حيث يعتقدون أن هذه الأعمال تحمل في فحواها (الوطنية)! وأتوجه هنا برسالة واضحة يعتقدون أن (الوطنية) في ساحة النضال الأحوازي مفردة تباع وتشترى بثمن بخس، حيث كل من تحدث عن نفسه أو عن التنظيم الذي ينتمي له ويحاول أن يقدم رأيه للآخر ملفوفاً بالوطنيات. الوطنية لها قدسيتها في النضال السياسي، خصوصاً فيما يتعلق بنضال الشعوب الذي تتطلع إلى بزوغ شمس الحرية وطرد الاستعمار.
في التعريف شبه المتفق عليه لدى المفكرين أن (الوطنية) ورمزيتها تكمن في رفع الروح المعنوية لأبناء الوطن الواحد، وتعبيراً عن واجب الإنسان نحو وطنه، فهل يمكن تصنيف العمل على انشقاق المجتمع العربي الأحوازي إلى شيعي- سني وأحوازي- أهوازي، ضمن العمل الوطني؟
وإن كان هناك خلاف سياسي لدى هذه الجماعات أو التنظيمات مع جهات أحوازية أخرى (مع أني لا أؤمن بهذا الخلاف فهو ينشأ من الأنانيات الفردية ليس إلا) فيما يتعلق ببعض المفاهيم والخطط السياسية والمشاريع، هل هذا الخلاف يجب تعميمه على كافة الشعب وتعبئته في الشارع السياسي، بل وتصديره إلى الأسواق العربية؟ هل هذا العمل يعتبر جزءًا من الحراك السياسي ويساعد على إيجاد حل لمعضلة القضية الأحوازية أم أن الانشقاق سيصبح المشكلة بأم عينها؟
هنا تحديداً؛ هل تشويه سمعة بعض الأشخاص والتنظيمات التي نختلف معها في الطرح السياسي يعتبر جزءاً من النضال الوطني؟ هل محاولة اختطاف التمثيل باسم الشعب العربي الأحوازي وقضيته الحقة، والتي ذهب في سبيل تحقيق أهدافها السامية آلاف من الشهداء وهدمت البيوت وشردت العوائل وانتهكت الأعراض ودمرت البيئة على يد أزلام الدولة الفارسية، ويصب هذا في مربع (الوطنية)؟
في ذات السياق؛ إن كانت هذه الجماعات جزءًا من النضال الوطني لتحرير الأحواز وتدفع بالروح الوطنية وترفع معنويات الشعب؛ فلماذا لا تنشر تصريحات وبيانات وتقارير تتعلق بالشأن الأحوازي، مثل تلك التي صدرت من قِبل أكبر مراكز صنع القرار العالمي كالأمم المتحدة وغيرها من منظمات دولية، بحجة أن هذه المواقع سبق وأن نشرت هذه المادة لذلك لا يهمنا الأمر!! كيف يمكن للإنسان السياسي أن يجمع بين هذه الأعمال والتناقضات؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
نظراً لتجربتنا المريرة مع النظام الفارسي الفاشي ودعمه لبعض القبائل والشيوخ ضد البعض الآخر، وامتطائه سياسة فرق تسد، نتساءل؛ هل العمل في إطار ضيق وعائلي، والذي أصبح ظاهرة تجتاح كافة التكتلات والمواقع الأحوازية على شبكة الإنترنت، وكذلك العمل على تحجيم تسميات خاصة وإعطاء البعض دوراً أكبر من قدرهم على المستوى الفكري والسياسي يحتسب كجزء من العمل الوطني المنتظم ويصب في مربع الوطنية لطرد الاحتلال؟ أم أن هذه الأعمال تعتبر أعمالاً فردية وأنانية منطلقة من الروح (القبلية) التي تخدم إطالة عمر الاحتلال الإيراني، وتساهم في إنشاء الدكتاتوريات في إطار العمل النضالي والكفاح ضد المحتل؟
وهنا لا بد أن أطالب بإعادة النظر فيما تعملون بغية كسر هيبة النظام الفارسي واستعادة الحق التاريخي للشعب العربي الأحوازي، والمتمثل بطرد الاستعمار..
أولاً: إن القضية الأحوازية، منذ الانفلات الأمني في العراق، فقدت التمثيل على الساحة الدولية، وجاء ذلك عبر تأثير هذا الانفلات على عمل (الجبهة العربية لتحرير الأحواز) التي كانت تنشط على الأراضي العراقية وتمثل القضية الأحوازية حتى ذلك التاريخ. أما اليوم فلا يوجد للقضية الأحوازية أي ممثل شرعي، لذلك لا يحق لأي طرف من التنظيمات السياسية أن يعمل على خطف هذا الدور وينفرد به ويتلاعب بمستقبل الشعب حسب انتماءاته السياسية، خصوصاً وإن كانت هذه الانتماءات ممزوجة بالقبلية أو الطائفية أو الفئوية أو المناطقية أو العائلية. وهنا يمكن لأي مواطن أو تنظيم أحوازي أن يلعب دور (السفير) عبر حسن سلوكه ومواقفه السياسية التي تصب لصالح القضية وتهدف إلى تحرير الإنسان والأرض، حتى تجتمع كافة التنظيمات والنشطاء المستقلين لانتخاب هيئة تمثل الشعب الأحوازي بشكل شرعي وترعى مصالحه.
ثانياً: أن ما يوجد اليوم من ثمار سياسية جاءت بعد عمل دؤوب لكافة النشطاء الأحوازيين بشتى توجهاتهم وانتماءاتهم التنظيمية والمستقلين، وذلك عبر نشر الحقائق وتزويد المنظمات الدولية المعنية بما يحدث في الأحواز، وكذلك الحراك السياسي على الساحة الدولية والعمل النضالي في الداخل، وإيمانكم الكبير بالنصر المحتم لشعبنا الأعزل، ولكن من العقلانية أن يكون لديكم انفتاح سياسي على مستوى فردي وتنظيمي لحلحلة بعض المشاكل الصغيرة، والتي لا تأتي إلا بالتنازلات الأخوية من أجل الوطن.
ثالثاً: لا أدعوا أحداً منكم إلى الوحدة والاندماج أو الانصهار، إذ إن هذا حلم كبير يعيق تحقيقه بنية (العقل القبلي) الأحوازي، وهذا أمر يتحقق ويجتاز العوائق عبر تحقيق إحدى الحالتين؛ أولهما أن الواقع السياسي والتطورات تجرفنا نحو الاتحاد، والثاني يأتي عبر إصلاح الفكر والعقل، وهذا الأمر يأخذ زمناً وطاقات كبيرة ولن يتحقق بسهولة، لكن هناك طرقاً أقل كلفة مثل تدوين برنامج سياسي مشترك يمثل الخطوط العريضة، ويطبق بشكل تام من قبل كافة التنظيمات وليس على شاكلة ما نشر في السنين القليلة الماضية من مواثيق وبيانات وغيرها.
رابعاً: ما يوجد لدى كافة التنظيمات الأحوازية في خارج البلاد ليس بعمل سياسي متواصل ودقيق، بغض النظر عما يحدث من أحداث سياسية، إضافة إلى الحراك الداخلي، أما في الخارج فيوجد حراك إعلامي متواصل لكنه ظل مستمراً بشكل غير مهني وغير هادف، وفي بعض الأحيان يضر القضية بأكملها عبر إثارة نعرات قبلية أو طائفية أو فئوية ومناطقية أو التطرق إلى الشخصنة، إذ إن المطلوب إصلاح الساحة الإعلامية وبأسرع وقت ممكن حتى ينتهي الأمر بكسب الرأي العام العالمي.
أخيراً وليس بآخر؛ تتحكم بعقلية إدارة بعض التنظيمات نظرة سوداوية وفكرة (مع) أو (ضد)، بمعنى أن (من) لم يفكر كما أفكر (أنا كتنظيم) يبقى خارج التغطية! وخارج الإطار الوطني! ويصنف (لا أحوازي)! وقد جاءت هذه النظرة من خلايا الفكر القبلي والتخلف السياسي ومدعومة بعنف لا مثيل له، ويعمل هذا العنف على شق الصف الأحوازي وإيجاد عدة عراقيل أمام الحراك السياسي الهادف إلى تحرير الأحواز عبر صياغة مفاهيم تصنع الفوضى في العمل والعلاقات الأحوازية – الأحوازية، وقد يكون هذا العمل غير مقصود، لذلك لابد من إصلاح هذه النظرة وإن جاء الإصلاح بتغيير بعض كوادر التنظيمات وفسح المجال لأفكار الجيل الجديد وكذلك تفعيل وتنشيط الأقسام التعليمية ومراكز البحوث في التنظيمات.
أناشدكم أيتها الأخوة الأعزاء في دائرة التيار التحرري دون استثناء؛ أنتم تعلمون جيداً أن الوطنية هي الإحساس السامي والرائع الذي يشعر به المواطن، وحيث المواطن قد وقف معكم، وكثير من المواطنين سبقوكم، فهناك من استشهد وهناك ممن يريد الالتحاق بساحة الصراع الكبيرة كي يقف أمام هذا العدو المتمرس بالإرهاب، والذي يطمح لضم بلدان أكثر لـ (إمبراطورية فارس) بعدما ابتلع الأحواز، في النهاية علينا أن نكرس طاقاتنا ونوظف كافة جهودنا ونرفع أصواتنا لاستعادة الأحواز وحق شعبها التاريخي، وكذلك ألا نعمل على تشويه مفهوم الوطنية وتلويث المفاهيم الأخرى أو صناعة مفاهيم معينة وفقاً لمآربنا الخاصة، إذ إننا بشر؛ والبشر قد يخطئ، لكن الخطأ بحق الوطن له كلفة كبيرة لا يمكن أن تسد بكلمة وكتاب.