سأتوسم هنا خيراً وأقول بأن المواطن البحريني المخلص لأرضه ولقيادته “قلبه أبيض”، وهو شخص “طيب” في نواياه، بالتالي سيقول هذا المواطن معلقاً على خبر زيادة رواتب الإخوة الكرام القضاة بنسبة 50%: “مبروك ويستاهلون ما جاءهم من خير”! ولكنه سيعقب كلامه بالتمني أن تطال بقية الوظائف في المملكة مثل هذه النسب من الزيادة.
المواطن البحريني ليس “حسوداً” أو “حقوداً” حتى “يغير” من غيره! أليس كذلك؟! لكنه “منهك” و«محبط” بالتالي بات “يغبط” غيره في كل شيء! وعليه فإن تحركه إزاء مثل هذه الأخبار، زيادة لهذه الفئة وتلك، وبغض النظر عن الملابسات والظروف التي جعلت هذه الزيادات تقر، فإن المواطن أيضاً يتطلع لزيادة راتبه مهما كان موقعه في خريطة العمل الحكومي. وهذا طبعاً حق مشروع له وطموح نزيه بريء.
إن كنا ننظر للمسألة بنظرة تفاؤلية، فقد نقول بأنها إن شاء الله بداية خير، فاليوم زيادة للقضاة، وقبلها زيادة لرجال الجيش والشرطة البواسل الذين يرابطون لأجل الوطن، وقبلها زيادات للموظفين رغم أن النسبة لم ترضي السواد الأعظم، وغداً قد تكون هناك زيادات “مماثلة” للمدرسين والممرضين وغيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى، بالأخص من “تحتاج رواتبهم لزيادة مؤثرة”.
مبلغ “المارشال” الخليجي يمكن اقتطاع جزء منه لتحقيق طموح المواطنين، مع إعادة ضبط مصروفات الدولة، وتعديل لائحة الأولويات بحيث يستفيد المواطن بشكل أساسي.
هناك بعض المزايا لبعض الوظائف، وقد تكون لها أسباب مقنعة تستوجبها، بيد أن المواطن -من كثرة الضغط المعيشي- لا يمكنه تفهم هذه الأمور بشكل صحيح إن لم يتولد لديه إحساس بأنه هناك اهتماماً “مشابهاً” من قبل الدولة بحيث يحصل هو أيضاً على زيادات شبيهة ومزايا تكفيه شر “النظر” يمنة ويسرة.
أرجو ألا يفهم من كلامنا عدم الرضا عن تحسين وضع أي مواطن بغض النظر عن موقعه ووظيفته، فكما قلت البحريني الأصيل يحب الخير لأخوه المواطن، لكنه أيضاً في نفس الوقت يطمع ويأمل أن يطاله الخير أيضاً، بالأخص لو كان في حاجة أشد، ولو كان وضعه أصعب من غيره.
كل طموح المواطنين أن يأتي يوم يستيقظون فيه على خبر زيادة كبيرة (50% مثلاً، ليش لا؟) تفرحهم وتجعلهم يتنفسون الصعداء بشأن تحسين وضعهم المعيشي في ظل موجة الغلاء ومشقة العيش.
هنيئاً لكل بحريني مخلص طاله الخير، و«الفال” للبقية إن شاء الله، ولعلها بداية “الغيث”، أو هكذا نأمل.
في جانب آخر، تبرز قضية “طيران الخليج” ناقلتنا الوطنية إلى الواجهة، إذ بعد المساعي لـ«سحب” مبلغ يصل إلى 664 مليون دينار من موازنة الدولة لدعم الشركة في وقت سابق من العام قبل الماضي، انتهت المسألة بمنح الشركة مبلغاً قدره 185 مليون دينار بشرط أن توجه لعملية “إعادة الهيكلة”.
دعم طيران الخليج بأي مبلغ كان واضحاً بأنه نهاية السيناريو الذي أثير، وتحول إلى سجال بين القائمين على الشركة وأعضاء البرلمان، بالتالي اليوم العملية انتقلت من مسألة ضخ مزيد من الأموال لتسيير أمور الشركة، إلى تخصيص مبلغ لإعادة الهيكلة.
ما يفهم من تحديد الهدف من صرف المبلغ ونعني “إعادة الهيكلة”، بأن الشركة وضعت تصوراً مؤثراً بعد دراسة مستفيضة لتعديل وضع الشركة من خلال تصحيح الأخطاء الموجودة وتخفيض النفقات عبر قطع المصاريف التي يمكن الاستعاضة منها والتي تستنزف موازنتها، مع تعهد بإنجاح الخطة، هذا ما يفهم من المشهد.
الزميلة “جلف ديلي نيوز” نشرت قبل أيام في تقرير لها بأن شركة طيران الخليج تسعى من خلال إعادة الهيكلة إلى تقليص خسائرها من 95 مليون دينار إلى 58 مليوناً بحلول عام 2017، وبأن هذه الخطوة ستبدأ عبر تقليص عدد الوظائف إلى النصف إضافة لتخفيض الأسطول إلى نسبة 50%.
الرقم الذي تم تحديده لتخفيض الوظائف يشير إلى الاستغناء عن قرابة 1800 عامل في الشركة، وهنا نأمل بألا يتضرر أي موظف بحريني من جراء إعادة الهيكلة لمحاولة تحسين وضع الشركة، مع ضرورة التركيز على إعادة النظر في بعض الوظائف العليا التي تستنزف الكثير من الرواتب والبدلات شريطة التمكن من الاستعاضة عنها بوظائف أخرى يشغلها بحرينيون أكفاء. إذ الصورة التي قدمت فيها طيران الخليج نفسها طوال سنوات عديدة وعلى امتداد تعاقب مجالس الإدارات بينت بأن أكثر المستفيدين من الشركة هم الأجانب ذوو الرواتب الضخمة.
ما نراه بأن هذا المبلغ الجديد لإعادة الهيكلة، يأتي بصورة محاولة أخيرة من الدولة لمساعدة الناقلة الوطنية لتعديل وضعها وضمان استمرار تشغيلها، باعتبار أن المبالغ الضخمة التي قدمت في السابق لم تنجح في تعديل المسار، وعليه فإن التحدي جداً كبير هنا، إذ قد يكون مبلغ الدعم “الأخير” بالفعل.
يبقى الحديث عن نجاعة الخطة الموضوعة لإعادة الهيكلة وضمان عدم تضرر البحرينيين مرهون بمن سينفذ هذه الخطة بحيث يتم إنقاذ طيران الخليج “فعلياً” وبشكل نهائي، حتى لا نعود لتكرار نفس الكلام، وحتى لا نعود للطلب مجدداً من الدولة بأن تضخ مزيداً من الأموال، إذ بحسبة بسيطة نجد أن الأموال التي ضخت في الشركة حتى الآن كانت كفيلة بحل مشكلة الإسكان في البحرين على سبيل المثال.
نريد لطيران الخليج أن تحلق بشكل صحيح حاملة اسم البحرين، لكن لا نريدها أن تتحول إلى جهة لا يعرف لسان حالها إلا قول: “ألا هل من مزيد؟!”.
بالتوفيق لجميع المخلصين.
المواطن البحريني ليس “حسوداً” أو “حقوداً” حتى “يغير” من غيره! أليس كذلك؟! لكنه “منهك” و«محبط” بالتالي بات “يغبط” غيره في كل شيء! وعليه فإن تحركه إزاء مثل هذه الأخبار، زيادة لهذه الفئة وتلك، وبغض النظر عن الملابسات والظروف التي جعلت هذه الزيادات تقر، فإن المواطن أيضاً يتطلع لزيادة راتبه مهما كان موقعه في خريطة العمل الحكومي. وهذا طبعاً حق مشروع له وطموح نزيه بريء.
إن كنا ننظر للمسألة بنظرة تفاؤلية، فقد نقول بأنها إن شاء الله بداية خير، فاليوم زيادة للقضاة، وقبلها زيادة لرجال الجيش والشرطة البواسل الذين يرابطون لأجل الوطن، وقبلها زيادات للموظفين رغم أن النسبة لم ترضي السواد الأعظم، وغداً قد تكون هناك زيادات “مماثلة” للمدرسين والممرضين وغيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى، بالأخص من “تحتاج رواتبهم لزيادة مؤثرة”.
مبلغ “المارشال” الخليجي يمكن اقتطاع جزء منه لتحقيق طموح المواطنين، مع إعادة ضبط مصروفات الدولة، وتعديل لائحة الأولويات بحيث يستفيد المواطن بشكل أساسي.
هناك بعض المزايا لبعض الوظائف، وقد تكون لها أسباب مقنعة تستوجبها، بيد أن المواطن -من كثرة الضغط المعيشي- لا يمكنه تفهم هذه الأمور بشكل صحيح إن لم يتولد لديه إحساس بأنه هناك اهتماماً “مشابهاً” من قبل الدولة بحيث يحصل هو أيضاً على زيادات شبيهة ومزايا تكفيه شر “النظر” يمنة ويسرة.
أرجو ألا يفهم من كلامنا عدم الرضا عن تحسين وضع أي مواطن بغض النظر عن موقعه ووظيفته، فكما قلت البحريني الأصيل يحب الخير لأخوه المواطن، لكنه أيضاً في نفس الوقت يطمع ويأمل أن يطاله الخير أيضاً، بالأخص لو كان في حاجة أشد، ولو كان وضعه أصعب من غيره.
كل طموح المواطنين أن يأتي يوم يستيقظون فيه على خبر زيادة كبيرة (50% مثلاً، ليش لا؟) تفرحهم وتجعلهم يتنفسون الصعداء بشأن تحسين وضعهم المعيشي في ظل موجة الغلاء ومشقة العيش.
هنيئاً لكل بحريني مخلص طاله الخير، و«الفال” للبقية إن شاء الله، ولعلها بداية “الغيث”، أو هكذا نأمل.
في جانب آخر، تبرز قضية “طيران الخليج” ناقلتنا الوطنية إلى الواجهة، إذ بعد المساعي لـ«سحب” مبلغ يصل إلى 664 مليون دينار من موازنة الدولة لدعم الشركة في وقت سابق من العام قبل الماضي، انتهت المسألة بمنح الشركة مبلغاً قدره 185 مليون دينار بشرط أن توجه لعملية “إعادة الهيكلة”.
دعم طيران الخليج بأي مبلغ كان واضحاً بأنه نهاية السيناريو الذي أثير، وتحول إلى سجال بين القائمين على الشركة وأعضاء البرلمان، بالتالي اليوم العملية انتقلت من مسألة ضخ مزيد من الأموال لتسيير أمور الشركة، إلى تخصيص مبلغ لإعادة الهيكلة.
ما يفهم من تحديد الهدف من صرف المبلغ ونعني “إعادة الهيكلة”، بأن الشركة وضعت تصوراً مؤثراً بعد دراسة مستفيضة لتعديل وضع الشركة من خلال تصحيح الأخطاء الموجودة وتخفيض النفقات عبر قطع المصاريف التي يمكن الاستعاضة منها والتي تستنزف موازنتها، مع تعهد بإنجاح الخطة، هذا ما يفهم من المشهد.
الزميلة “جلف ديلي نيوز” نشرت قبل أيام في تقرير لها بأن شركة طيران الخليج تسعى من خلال إعادة الهيكلة إلى تقليص خسائرها من 95 مليون دينار إلى 58 مليوناً بحلول عام 2017، وبأن هذه الخطوة ستبدأ عبر تقليص عدد الوظائف إلى النصف إضافة لتخفيض الأسطول إلى نسبة 50%.
الرقم الذي تم تحديده لتخفيض الوظائف يشير إلى الاستغناء عن قرابة 1800 عامل في الشركة، وهنا نأمل بألا يتضرر أي موظف بحريني من جراء إعادة الهيكلة لمحاولة تحسين وضع الشركة، مع ضرورة التركيز على إعادة النظر في بعض الوظائف العليا التي تستنزف الكثير من الرواتب والبدلات شريطة التمكن من الاستعاضة عنها بوظائف أخرى يشغلها بحرينيون أكفاء. إذ الصورة التي قدمت فيها طيران الخليج نفسها طوال سنوات عديدة وعلى امتداد تعاقب مجالس الإدارات بينت بأن أكثر المستفيدين من الشركة هم الأجانب ذوو الرواتب الضخمة.
ما نراه بأن هذا المبلغ الجديد لإعادة الهيكلة، يأتي بصورة محاولة أخيرة من الدولة لمساعدة الناقلة الوطنية لتعديل وضعها وضمان استمرار تشغيلها، باعتبار أن المبالغ الضخمة التي قدمت في السابق لم تنجح في تعديل المسار، وعليه فإن التحدي جداً كبير هنا، إذ قد يكون مبلغ الدعم “الأخير” بالفعل.
يبقى الحديث عن نجاعة الخطة الموضوعة لإعادة الهيكلة وضمان عدم تضرر البحرينيين مرهون بمن سينفذ هذه الخطة بحيث يتم إنقاذ طيران الخليج “فعلياً” وبشكل نهائي، حتى لا نعود لتكرار نفس الكلام، وحتى لا نعود للطلب مجدداً من الدولة بأن تضخ مزيداً من الأموال، إذ بحسبة بسيطة نجد أن الأموال التي ضخت في الشركة حتى الآن كانت كفيلة بحل مشكلة الإسكان في البحرين على سبيل المثال.
نريد لطيران الخليج أن تحلق بشكل صحيح حاملة اسم البحرين، لكن لا نريدها أن تتحول إلى جهة لا يعرف لسان حالها إلا قول: “ألا هل من مزيد؟!”.
بالتوفيق لجميع المخلصين.