ذات مرة كنت وآخرون في جلسة خاصة، بيننا أحد أساتذة الجامعة، الذي قال إن طالبة جامعية قدمت لإحدى الأستاذات قصيدة على أنها من “إبداعها”، كان البيت الأول فيها هو (الحمد الله على السلامة.. يوم وصّلنا المنامة). كان الدكتور الذي يروي الحكاية يريد أن يبيِّن مقدار ما وصل إليه البعض من استسهال فعل الإبداع.. هذا “الإبداع” الذي بدأ ببيت هزيل.. ومسروق، فقد سمعته شخصياً -وهذا قولي- وأنا صغير (أي قبل بضع سنوات)! على شكل أغنية شعبية. لكن يبدو أن فعل “الإبداع” الذي تحدث عنه الأستاذ الجامعي لا يقتصر على قول “.. يوم وصلنا المنامة”، لكنه تجاوز إلى اعتبار الوصول إلى المنامة -عبر رفع شعار مفاده أن التظاهر في المنامة حق وأنها الوجهة المقصودة- إبداعاً ما بعده إبداع، وهو ما تكرر الجمعة الفائتة عندما تداعى البعض وقرروا ممارسة أفعال تعطيل الحياة في العاصمة، وذلك بعد سلسلة من مسيرات “التصخين” التي حدثت خلالها بعض المواجهات.. “استعداداً” لهذه التظاهرة التي يعلمون مسبقاً أن السلطة لن تسمح بها وأن مواجهات ستحدث بسببها ربما سقط فيها أبرياء.
على مدى الأسبوع الماضي امتلأت الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى التوجه إلى المنامة يوم الجمعة، فالمنامة “وجهتنا.. زحفاً إلى الكرامة”.. فهذا هو “شعب الزعامة “الذي يتصف بـ “الصبر والشهامة”.. وما إلى ذلك من كلمات كان الهدف منها التحشيد لمظاهرة يوم الجمعة.
قبل الوصول إلى المنامة خرجت مسيرة في إحدى القرى احتوت “إبداعاً” جديداً، فقوام تلك المسيرة التحشيدية كان الدراجات الهوائية، ولعل أساليب تحشيد أخرى جديدة شهدتها مناطق أخرى تزامنت مع دعوات لا تخلو من إبداع للتوجه إلى الصلاة خلف الشيخ عيسى قاسم في الجمعة نفسها مرتدين الأكفان! (حفظاً للدين.. وحقناً للدم.. ونصرة للإسلام). ولم تخل تلك الدعوات المثيرة من التأكيد على أن (المساس بالقائد قاسم ليست له أي مساحة للسياسيين بل سيفتح باب الاستشهاديين)! ناقلاً صاحب الدعوة بدعوته المتطرفة تلك الحراك السياسي إلى مرحلة جديدة عنوانها العنف والدم.. والأكفان.
ما حدث في المنامة الجمعة الماضية يستوجب التوقف عنده والتفاهم من أجل الوصول إلى حل يحفظ للناس أمانهم في هذا اليوم العظيم، ويوفر لهم الظروف المناسبة للاستمتاع بعطلتهم الأسبوعية. ما حدث الجمعة الفائتة هو أن الحياة توقفت ومصالح الناس تعطلت دون أن يصل المتظاهرون إلى كسب أي نقطة تسجل لصالحهم.. إلاَّ، إن كانوا يعتبرون المواجهات التي حدثت كسباً وانتصاراً.
لا أحد يقول إن التظاهر ممنوع؛ فهو حق مكفول في الدستور ومسموح به قانونياً، حيث التظاهر وسيلة مهمة للتعبير، الهدف منه إيصال الصوت إلى المعنيين في الدولة وتقديم المطالب. لكن الفارق بين مظاهرة يريد منظموها إيصال الصوت والتعبير عن موقف ما، تلتزم بالقانون ويحرص المشاركون فيها على البلد، وبين أخرى لا ينتج عنها إلا الخراب. فارق ينبغي الانتباه إليه، فما حدث الجمعة الفائتة لم يكن الهدف منه إيصال الصوت ولفت انتباه السلطة إلى المطالب، لكنه كان تحدياً وعناداً ومحاولة واضحة لإحراج السلطة بتعطيل حياة الناس وتخويف التجار الذين لم يعودوا يفرطون في يوم الجمعة الذي يستغله العمال الآسيويون بشكل خاص لقضاء حوائجهم.
ما حدث في الجمعة الفائتة لم يكن للتأكيد على الحق في التظاهر -الذي يؤكده الدستور والقانون- لكن كانت له أهدافاً أخرى، حيث الواضح أنه كان مهماً الوصول إلى المنامة بأي شكل والتظاهر فيها وتعطيلها.
{{ article.visit_count }}
على مدى الأسبوع الماضي امتلأت الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى التوجه إلى المنامة يوم الجمعة، فالمنامة “وجهتنا.. زحفاً إلى الكرامة”.. فهذا هو “شعب الزعامة “الذي يتصف بـ “الصبر والشهامة”.. وما إلى ذلك من كلمات كان الهدف منها التحشيد لمظاهرة يوم الجمعة.
قبل الوصول إلى المنامة خرجت مسيرة في إحدى القرى احتوت “إبداعاً” جديداً، فقوام تلك المسيرة التحشيدية كان الدراجات الهوائية، ولعل أساليب تحشيد أخرى جديدة شهدتها مناطق أخرى تزامنت مع دعوات لا تخلو من إبداع للتوجه إلى الصلاة خلف الشيخ عيسى قاسم في الجمعة نفسها مرتدين الأكفان! (حفظاً للدين.. وحقناً للدم.. ونصرة للإسلام). ولم تخل تلك الدعوات المثيرة من التأكيد على أن (المساس بالقائد قاسم ليست له أي مساحة للسياسيين بل سيفتح باب الاستشهاديين)! ناقلاً صاحب الدعوة بدعوته المتطرفة تلك الحراك السياسي إلى مرحلة جديدة عنوانها العنف والدم.. والأكفان.
ما حدث في المنامة الجمعة الماضية يستوجب التوقف عنده والتفاهم من أجل الوصول إلى حل يحفظ للناس أمانهم في هذا اليوم العظيم، ويوفر لهم الظروف المناسبة للاستمتاع بعطلتهم الأسبوعية. ما حدث الجمعة الفائتة هو أن الحياة توقفت ومصالح الناس تعطلت دون أن يصل المتظاهرون إلى كسب أي نقطة تسجل لصالحهم.. إلاَّ، إن كانوا يعتبرون المواجهات التي حدثت كسباً وانتصاراً.
لا أحد يقول إن التظاهر ممنوع؛ فهو حق مكفول في الدستور ومسموح به قانونياً، حيث التظاهر وسيلة مهمة للتعبير، الهدف منه إيصال الصوت إلى المعنيين في الدولة وتقديم المطالب. لكن الفارق بين مظاهرة يريد منظموها إيصال الصوت والتعبير عن موقف ما، تلتزم بالقانون ويحرص المشاركون فيها على البلد، وبين أخرى لا ينتج عنها إلا الخراب. فارق ينبغي الانتباه إليه، فما حدث الجمعة الفائتة لم يكن الهدف منه إيصال الصوت ولفت انتباه السلطة إلى المطالب، لكنه كان تحدياً وعناداً ومحاولة واضحة لإحراج السلطة بتعطيل حياة الناس وتخويف التجار الذين لم يعودوا يفرطون في يوم الجمعة الذي يستغله العمال الآسيويون بشكل خاص لقضاء حوائجهم.
ما حدث في الجمعة الفائتة لم يكن للتأكيد على الحق في التظاهر -الذي يؤكده الدستور والقانون- لكن كانت له أهدافاً أخرى، حيث الواضح أنه كان مهماً الوصول إلى المنامة بأي شكل والتظاهر فيها وتعطيلها.