مشكلتنا في العالم العربي بشكل عام أننا نطالب بالقانون وبدولة القانون ونبذل الغالي والنفيس ونقدم الكثير من التضحيات كي نصل إلى هذا المبتغى، ثم ننقلب عليه ونرفضه لا لشيء إلا لأننا اكتشفنا أنه يقيدنا ويسحب من بين أيدينا امتيازات كنا نتمتع بها.
هنا في البحرين تبدو القصة أكثر وضوحاً، فالقانون الذي نريده أن يحكمنا وينظم حياتنا نقتله في أول لقاء يجمعنا به. نقول إننا نريد قانوناً يحارب الفساد ونسعى جاهدين لإقراره لكننا نرفضه ونحاربه بمجرد أن يمس أحداً من المحسوبين علينا، حيث نبدأ في إبراز عيوبه “عيوب القانون وليس الفاسد” ونحارب كي نلغيه.
على مدى السنتين الأخيرتين تم ترديد كلمة القانون ودولة القانون ملايين المرات، واعتبر البعض هذا الأمر على رأس الأهداف التي يقولون إنهم يسعون إليها في التغيير المنشود. وخلال العامين تم تعديل الكثير من القوانين وإيجاد أخرى جديدة، صفقوا لها وطالبوا بالمزيد فتم كثير مما يريدون، لكنهم عندما “اكتشفوا” أن القانون الذي حاربوا لإيجاده سـ«يقرضهم” قالوا “ما يصير.. مو قبول”!
هذا يعني أمراً مهماً، هو أنهم يريدون القانون ودولة القانون لكن بشرط ألا يطبق عليهم أو يطبق فقط على الفقراء من العامة، فإن كان كذلك قالوا عنه إنه قانون عادل و«خوش شي” لكن إن وجدوا أنه سيطبق عليهم أسبغوا عليه من الصفات الرذيلة الكثير وقالوا إنه لا يصلح لبلادنا.
باختصار؛ هؤلاء يريدون من القانون سيفاً مسلطاً ولكن لهم حق تفسيره بطريقتهم وتطبيقه على من يوافقون تطبيقه عليه، لكن القانون نفسه ينبغي ألا يمس أسماء بعينها وإلا اعتبر -القانون- خارجاً على القانون! هنا بعض الأمثلة.
عندما سعى وزير العدل ذات مرة لتطبيق القانون الذي ينظم ويحكم الخطابة ويمنعها من الانحراف عن مسارها رفض الشيخ عيسى قاسم الامتثال للقرار وهاج أنصاره وماجوا وكالوا على الوزير والحكومة مليون تهمة وتهمة، وعندما سعت وزارة الداخلية إلى تطبيق القانون على من يعتدي على الأملاك العامة والخاصة كان نصيبها “التفلع” بزجاجات المولوتوف الحارقة والحجارة وما إلى ذلك.. والحال نفسه مع مختلف الجهات التي تستند في قراراتها إلى القانون حيث تفاجأ بسلسلة اتهامات هدفها النهائي تعطيل القانون الذي سعى إليه الجميع.
الأسبوع الماضي توجه وفد من بعض الجمعيات السياسية إلى القاهرة ومارسوا نشاطاً تمثل في الالتقاء بأحزاب سياسية وسياسيين، عندما عادوا تم استدعاء أمين عام “الوفاق” الشيخ علي سلمان من قبل الداخلية، الأكيد أن هذا الاستدعاء تم استناداً إلى القانون؛ فماذا حدث؟ أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، انتقدوا خطوة الداخلية، عبّروا عن تعاطفهم مع أمين عام “الوفاق”، اعتصموا في مقر “الوفاق” بعد انتهاء التحقيق وعودة الأمين العام و«ما خلّوا ولا بقّوا عن الداخلية والحكومة” وعن القانون الذي استندت إليه الداخلية في ممارستها لمهمتها وحقها، وقالوا إن على الحكومة أن تفعل كذا وكذا وألا تفعل كذا وكذا وأن تستجوب فلاناً وتحقق مع علان وليس مع أمين عام “الوفاق”.
ترى أي قانون هذا الذي يسعون إلى دولته وهم أول من يركب ظهر القانون ويرفضه ويسيء إليه؟ إذا كان هؤلاء يرفضون الامتثال إلى القانون الذي ربما كانوا بعض مشرّعيه فكيف لهم أن يعدوا الناس بدولة القانون التي يريدون؟
القانون إن طبق على البعض ولم يطبق على البعض الآخر فلا قيمة له، والقانون إن استثنى فلاناً أو علاناً فلا قيمة له، القانون قانون يطبق على الجميع، وهو موجود لتستفيد منه الدولة في تنظيم أمور الحياة كافة.
{{ article.visit_count }}
هنا في البحرين تبدو القصة أكثر وضوحاً، فالقانون الذي نريده أن يحكمنا وينظم حياتنا نقتله في أول لقاء يجمعنا به. نقول إننا نريد قانوناً يحارب الفساد ونسعى جاهدين لإقراره لكننا نرفضه ونحاربه بمجرد أن يمس أحداً من المحسوبين علينا، حيث نبدأ في إبراز عيوبه “عيوب القانون وليس الفاسد” ونحارب كي نلغيه.
على مدى السنتين الأخيرتين تم ترديد كلمة القانون ودولة القانون ملايين المرات، واعتبر البعض هذا الأمر على رأس الأهداف التي يقولون إنهم يسعون إليها في التغيير المنشود. وخلال العامين تم تعديل الكثير من القوانين وإيجاد أخرى جديدة، صفقوا لها وطالبوا بالمزيد فتم كثير مما يريدون، لكنهم عندما “اكتشفوا” أن القانون الذي حاربوا لإيجاده سـ«يقرضهم” قالوا “ما يصير.. مو قبول”!
هذا يعني أمراً مهماً، هو أنهم يريدون القانون ودولة القانون لكن بشرط ألا يطبق عليهم أو يطبق فقط على الفقراء من العامة، فإن كان كذلك قالوا عنه إنه قانون عادل و«خوش شي” لكن إن وجدوا أنه سيطبق عليهم أسبغوا عليه من الصفات الرذيلة الكثير وقالوا إنه لا يصلح لبلادنا.
باختصار؛ هؤلاء يريدون من القانون سيفاً مسلطاً ولكن لهم حق تفسيره بطريقتهم وتطبيقه على من يوافقون تطبيقه عليه، لكن القانون نفسه ينبغي ألا يمس أسماء بعينها وإلا اعتبر -القانون- خارجاً على القانون! هنا بعض الأمثلة.
عندما سعى وزير العدل ذات مرة لتطبيق القانون الذي ينظم ويحكم الخطابة ويمنعها من الانحراف عن مسارها رفض الشيخ عيسى قاسم الامتثال للقرار وهاج أنصاره وماجوا وكالوا على الوزير والحكومة مليون تهمة وتهمة، وعندما سعت وزارة الداخلية إلى تطبيق القانون على من يعتدي على الأملاك العامة والخاصة كان نصيبها “التفلع” بزجاجات المولوتوف الحارقة والحجارة وما إلى ذلك.. والحال نفسه مع مختلف الجهات التي تستند في قراراتها إلى القانون حيث تفاجأ بسلسلة اتهامات هدفها النهائي تعطيل القانون الذي سعى إليه الجميع.
الأسبوع الماضي توجه وفد من بعض الجمعيات السياسية إلى القاهرة ومارسوا نشاطاً تمثل في الالتقاء بأحزاب سياسية وسياسيين، عندما عادوا تم استدعاء أمين عام “الوفاق” الشيخ علي سلمان من قبل الداخلية، الأكيد أن هذا الاستدعاء تم استناداً إلى القانون؛ فماذا حدث؟ أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، انتقدوا خطوة الداخلية، عبّروا عن تعاطفهم مع أمين عام “الوفاق”، اعتصموا في مقر “الوفاق” بعد انتهاء التحقيق وعودة الأمين العام و«ما خلّوا ولا بقّوا عن الداخلية والحكومة” وعن القانون الذي استندت إليه الداخلية في ممارستها لمهمتها وحقها، وقالوا إن على الحكومة أن تفعل كذا وكذا وألا تفعل كذا وكذا وأن تستجوب فلاناً وتحقق مع علان وليس مع أمين عام “الوفاق”.
ترى أي قانون هذا الذي يسعون إلى دولته وهم أول من يركب ظهر القانون ويرفضه ويسيء إليه؟ إذا كان هؤلاء يرفضون الامتثال إلى القانون الذي ربما كانوا بعض مشرّعيه فكيف لهم أن يعدوا الناس بدولة القانون التي يريدون؟
القانون إن طبق على البعض ولم يطبق على البعض الآخر فلا قيمة له، والقانون إن استثنى فلاناً أو علاناً فلا قيمة له، القانون قانون يطبق على الجميع، وهو موجود لتستفيد منه الدولة في تنظيم أمور الحياة كافة.