في منتصف سبتمبر الماضي؛ فاجأت إيران الجميع باعترافها بوجودها العسكري في سوريا حين أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أن أعضاء في الحرس الثوري موجودون في سوريا لتقديم الاستشارات والعون غير العسكري، وأن إيران ربما تنخرط عسكرياً هناك في حالة تعرض سوريا لهجوم، المفاجأة ليست في مضمون الخبر بحد ذاته؛ إذ إن الجميع كان يعلم بقيام إيران بتزويد النظام السوري بالسلاح والخبرة، بل وبوجود عسكري إيراني ميداني داخل سوريا، المفاجأة كانت بالاعتراف بحد ذاته؛ إذ كانت إيران قبل ذلك تمارس مسلسل الكذب المتواتر وتنفي وجودها جملة وتفصيلاً، وحينها طرح المراقبون أسئلة من قبيل؛ لماذا هذا الاعتراف؟ ولماذا الآن؟ وما هي تبعاته؟ ولماذا اختارت إيران اللعب على المكشوف؟!. لم تمض سوى فترة قصيرة حتى بدأت التهديدات والتحركات الإيرانية تتوالي، فوجهت تهديداً مباشراً بالتدخل عسكرياً في الكويت، مؤكدة أن فيلق بدر وفيلق القدس التابعين للحرس الثوري موجودان بالقرب من الحدود العراقية - الكويتية ولديهما من الاستعداد العسكري ما يكفي للتدخل خلال ساعات إلى مواقع متقدمة في الكويت والدول المجاورة!! وأعلنت أنها لن تسمح بتكرار ما حدث في البحرين ودخول درع الجزيرة!! كانت تلك مجرد صورة من صور المشهد والتطورات البارزة على المستوى الإقليمي والخليجي، فالوجود والأطماع الإيرانية والعمل السري وغير السري مستمر ومعلوم، وسياسة العداء الإيرانية لدول الخليج ثابتة ومتكررة، وهي عملت دائماً على تصعيد مواقفها ولهجتها من خلال مسؤولين كبار في نظامها، ووجهت ذلك بشكل خاص للمملكة العربية السعودية من خلال تصريحات ومحاولات اغتيال، كما لم تسلم منها الإمارات ومن ممارساتها الاستفزازية على جزرها المحتلة، كذلك عمدت إلى تحريك خلاياها في الكويت عن طريق أتباعها وأدوار سفارتها المشبوهة هناك، ولا ننسى التصريح الذي بثته وكالة أنباء فارس الإيرانية عندما نقلت عن العضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني محمد أحمدي بقاش قوله «إن السعودية ستنهار قريباً»، وهو ما حمل تهديداً صريحاً، والأمثلة عديدة ومتكررة. أما في البحرين؛ فنعلم جميعاً الأطماع الإيرانية ووجود تهديدات مبطنة قديمة وحديثة، منها ادعاءاتها أن البحرين هي المحافظة الإيرانية رقم 14، والتصريحات المتكررة لممثل علي خامنئي في مؤسسة كيهان علي شريعتمداري الذي يعتبر واهماً أن البحرين ولاية إيرانية اقتطعت بالقوة من الجسد الإيراني، وهلوسات رئيس مجلس الشورى علي لارجاني الذي صرح ذات مرة في معرض رده على مطالبة أحد النواب باتخاذ إجراء جاد فيما يتعلق بزعمه وجود خطة سعودية لضم البحرين!! فقال لارجاني: «إن البحرين ليست لقمة سائغة تبتلعها السعودية»، أضف إلى ذلك الهجوم المسعور الذي تشنه القنوات الإيرانية وأتباعها في الداخل وفي كل مكان. كل ذلك ليس بجديد؛ لكن الجديد في البحرين (ولاحظوا التوقيت!!) هو الانتقال أيضاً إلى مرحلة اللعب على المكشوف، مما يؤكد تناغم تلك الجبهات وأنها تخرج جميعها من مصدر واحد، إذ لا يمكن أن تكون مصادفة!! فجماعات محسوبة على من يسمون أنفسهم بالمعارضة البحرينية بدأوا يصرحون ويؤكدون بكل سماجة انتماءهم وولاءهم لإيران، فكانت البداية عندما رأينا منسق (المعارضة البحرينية) قاسم الهاشمي وهو يقبل رأس أحمدي نجاد ويقول «إنه يستحق أكثر من ذلك!!»، بعدها جاءت تصريحات علي مشيمع «بأن روحية الجهاد لدى الشعب البحريني مستلهمة من أفكار الخميني وإرشادات قائد الثورة الإسلامية علي خامنئي!!»، كما شارك العشرات وعلى الملأ في ما عرف بأسبوع تضامن الشعب الإيراني مع سجناء البحرين، الذي حمل شعار (القادة في السجون) وأقيم في مدن قم وطهران وأهواز وشيراز ومشهد، وشارك فيه المتحدث باسم ما يسمى ائتلاف 14 فبراير عبدالرؤوف الشايب وعباس العمران مسؤول قسم حقوق الإنسان في حركة الأحرار، وإبراهيم المدهون مدير شبكة اللؤلؤ وسعيد الشهابي رئيس حركة أحرار البحرين وآخرون. هم كما كنا نعلم سابقاً مرتبطون بإيران تابعون لها، كانوا ينكرون واختاروا أن يصرحوا بذلك قولاً وعملاً في نفس التوقيت الذي اختارت فيه إيران أن تصرح بوجودها في سوريا!! بقي أن يعلموا أن ذلك لم يفاجئنا فتبعيتهم السياسية للفقيه الإيراني تحتم عليهم الطاعة وتخرجهم من رحم أوطانهم إلى حضن من يكنون العداء لحكامهم وشعوبهم وأوطانهم، فلا تقولوا إنكم تبحثون عن إصلاحات سياسية أو غيرها؛ بل وكل من لا ينكر عليكم فعلكم ممن يصفون أنفسهم بمعارضين هم شركاء لكم بغض النظر عن مذهبهم أو أيدلوجيتهم. ^ شريط إخباري.. لهؤلاء نقول؛ إن كنتم ترضون بما فعلوا فأنتم شركاء لهم، وإن كنتم ترفضون تبعيتهم لإيران فأعلنوا ذلك صراحة واشجبوا أفعالهم وتبرؤا منهم ومنها، وأعلنوا رفضكم للتخريب في الشارع، وبعدها تحدثوا عن معارضة وطنية ومطالب سياسية مشروعة وديمقراطية وغيرها، إذ لا يوجد في أي عرف ديمقراطي ما يسمى بالتبعية أو تقبل التبعية لدولة خارجية معادية لأوطانكم، ولا مجال لأنصاف المواقف في زمن اللعب على المكشوف.