الحياة دائماً تخضع لمن يملك الأحلام الواقعية، تخضع لمن يريد أن يكون له رصيد جيد من النجاح والسعادة والرضا في الفترة الممتدة بين الولادة والموت، الحياة تفتح أبوابها لكل من يريد أن يصنع فارقاً له ولغيره من أبناء جلده، وحكايتنا لهذا اليوم هي إحدى حكايات الرجال العصاميين الذين نقرأ عنهم في الصحف وفي مواقع الإنترنت في العالم، لكن هذه المرة عن شخصية عصامية بحرينية عرفها الكثير من الناس وجالسوها وتمتعوا بالحديث معها، هي شخصية التاجر البحريني المعروف راشد الزياني، والذين لا يعرفون الواقع ظنوا أنه ورث الكثير من الأعمال، أو واحداً من الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من الذهب.لكن القصة التي طرحت في مواقع الإنترنت عن أسرار الناجحين في العالم مختلفة؛ فقد قرأت في أحد المواقع أن عائلة راشد الزياني كانت تعمل في مهنة الاتجار باللؤلؤ، وفي النهاية لم يرث راشد اللؤلؤ بل ورث ديوناً كثيرة متراكمة. وكان مطالب بتسديدها ومطالب بإعالة عائلته التي يزيد عدد أفرادها عن 30 فرداً. في نفس الوقت لم يكن يمتلك الأموال الخاصة به يسدد منها ديون والده. إذاً فهذا الشخص الفقير مطالب بثلاثة أمور؛ إعالة أفراد عائلته، تسديد ديون والده، الحفاظ على اسم العائلة.كان راشد متقناً لمهنة العائلة، وكان يجول البحار وحيداً في قارب صغير لشراء اللؤلؤ، وذلك بعدما باع والده السفن والعقار لتسديد بعض من ديونه. بحث راشد عن مصدر يدر عليه دخلاً ثابتاً؛ فعمل كمدرس لمادة الرياضيات لمدة سنة بأجر يقدر بـ5 دنانير أو دولار ونصف في الشهر. ولكن بعد انتهاء العام قرر العودة إلى عام التجارة، وقام بوضع ميزانية ضعيفة لعائلته التي اعتادت على العيش في رخاء وذلك من أجل توفير المال وتسديد الديون.عمل راشد بجد حتى أصبح يعمل صباحاً في ديوان الحكومة كسكرتير ويعمل مساءً في عمله التجاري، تعلم الطباعة والترجمة باللغتين الإنجليزية والعربية حتى زاد راتبه إلى 12 ديناراً. وبقي على هذه الحال حتى استطاع توفير مبلغ 80 ديناراً قرر الدخول بها في صفقة تجارية. وربحت الصفقة وتحول مبلغ الـ80 ديناراً إلى 200 دينار. وبعد مرور سنة واحدة أصبح المبلغ 1200 دينار. حينها قرر القرار المصيري الذي غير مجرى حياته؛ وهو الاستقالة من الوظيفة الحكومية والتفرع لأعماله التجارية تاركاً وراءه كل مميزات الوظيفة والاتجاه إلى مغامرة المكسب والخسارة.تطور العمل بعد مرور السنين متنقلاً من تجارة إلى أخرى. فبعد التجارة في الأدوات المكتبية اتجه إلى تجارة الأثاث والأحذية ثم إلى مجال السيارات ليصبح وكيلاً لشركات عملاقة مثل (رولزرويس، كريسلر، بي ام دبليو، روفرز، ميتسوبيشى، اوستن)، وامتلك فروعاً في الدول الخليجية، وزاد النشاط وامتلك فنادق ومصانع وازدادت الأرباح إلى الملايين كل سنة، وأصبح رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الشورى البحريني، وأسس نادي البحرين الرياضي وكثيراً من المستشفيات وبعض المدارس وأسس الغرفة التجارية والصناعية بالبحرين والبورصة البحرينية والكثير من المشاريع الصناعية والخدمية، كل هذا بعد أن كان صاحب مركب صغير وعليه الكثير من الديون.إن أساس كل تجارة ليس سوى فكرة اشتعلت في الرأس، فحولت صاحبها إلى كتلة من الطاقة والنشاط والحيوية والمغامرة في الوصول إلى ما يريد الوصول، ومن الطبيعي أن يمر بالكثير من المصاعب والعراقيل، لكن هذه المصاعب ليست إلا غذاء الطريق للوصول إلى الحلم الذي حلم والحياة التي يريد، الظروف لا يمكن أن توقف أصحاب العزائم عن المضي في الطريق، ومن لا يصدق عليه أن يقرأ شيئاً من سيرة التاجر البحريني المعروف راشد الزياني.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90