التكبير هو رفع الصوت بـ “الله أكبر” وهو تعبير للدلالة على أن الله أعظم وأكبر من أي شيء . والتكبير يكون في الصلاة وفي الحج عند رمي الجمرات، ويكون أيضاً عند ذبح الذبائح.. الذبائح التي هي حيوانات أحل الله سبحانه وتعالى ذبحها ووضع لذلك ضوابط أبرزها أن تسقى الماء قبل ذبحها والتسمية عليها والتكبير ليكون الذبح بذلك ذبحاً إسلامياً. ولأن موضوع الذبح الإسلامي مهم بالنسبة للمسلمين لذا تقوم هيئات شرعية متخصصة بزيارة الجهات التي تصدّر إلينا اللحوم المجمدة سواء كانت لحوم أبقار أو أغنام أو دجاج للتأكد من أن طريقة الذبح إسلامية. لكن الذبح الإسلامي اليوم غير مقتصر على الأبقار والأغنام والطيور فقد امتد إلى.. البشر!
اليوم من “المسلمين” من يصرخ بأعلى صوته قائلاً “الله أكبر” مباشرة بعد أن يطلق النار بدم بارد على أسرى وقعوا في يده من دون أي اعتبار إلى أنهم مسلمون مثله أو أنهم بشر، ويردد عبارة “الله أكبر” وهو يبطح ضحيته أرضاً ويجز رقبته بسكين كما صرنا نرى عبر الفضائيات التي تغطي جوانب كهذه لأسباب خاصة بها، ما يجعل الذبائح تمتاز عنهم في التسمية وسقيها الماء “ولو أن نية “التقرب إلى الله” متوفرة في الحالتين!”. هذا الأمر يتكرر اليوم في سوريا، حيث يشهد العالم مرة في الأسبوع على الأقل مجموعة من المسلحين وهم يقتلون مخالفين لهم تم تجريدهم من السلاح وتقييدهم.. ثم التكبير فرحاً بأنهم ذبحوا ضحاياهم “ذبحاً إسلامياً”!
سؤال ورد غطاه.. هل يقبل الله عز وجل من هؤلاء الذين لم يرحموا ضعيفاً وقع في أيديهم -بغض النظر عن أنه يقف في صف الفريق الآخر- هذه “الأضحية” ويدخلهم بذلك الجنة التي “وعد المتقون”؟ هل يجيز الإسلام مثل هذا الأمر؟ وهل يمكن أن يكون فعل قبيح كهذا مدعاة للتفاخر والإحساس بالنصر وختمه بعبارة الله أكبر؟ هل يسمح الدين التكبير بصوت عالٍ وبفرح غامر مباشرة بعد قتل أسرى ضعاف لا حول لهم ولا قوة؟!
الفضائيات التي تساند مناوئي النظام السوري تبث لقطات يفهم منها أن جنوداً نظاميين يطلقون النار على مجموعة من الثوار وهم يصرخون “الله أكبر”، والفضائيات التي تساند النظام تبث لقطات مماثلة وتقول إن “الشبيحة أو المتمردين” أطلقت النار بدم بارد على مجموعة من الجنود النظاميين وقعوا في كمين نصب لهم وهم يصرخون “الله أكبر”. ليس مهماً بيان أو معرفة التفاصيل، الأهم هو أن الضحايا يقعون مضرجين بدمائهم وبعد ذلك مباشرة يتم التكبير للتأكيد على أن ما جرى تم بموجب الشريعة الإسلامية وأنهم ذبحوا ضحاياهم ذبحاً إسلامياً!
هذا الأمر يشبه فعل أولئك الذين يرتدون الأحزمة الناسفة ويفجرون أنفسهم وسط الحشود الذين إن لم يكونوا شركاء معهم في المذهب أو الدين فإنهم شركاء في الإنسانية، ويعتقدون أنهم بفعلهم هذا سيتغدون أو يتعشون مع النبي عليه الصلاة والسلام طالما أنهم صرخوا في الأثناء بـ«الله أكبر” ومارسوا ذلك بطريقة إسلامية معتمدة!
الله أكبر.. ما أعظمها وأجلّها من عبارة نبدأ بها الصلاة استرخصها البعض حد رفع الصوت بها عند ذبح البشر. هل هذا معقول؟ هل وصل العنف بنا إلى هذا الحد الذي دسنا فيه على كل القيم وصرنا نستهزئ بكل الشرائع وليس القوانين فقط؟
... طبعاً بالمقارنة مع هذا فإن ما يحدث في البحرين من تعطيل لحياة الناس بحجز الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات يعتبر لا شيء.. ولو ماثله في ترديد عبارة “الله أكبر” عند ارتكاب تلك الحماقة.. وفي الحالتين “الذبح إسلامي”!