تصريح خطير يكرر الإدلاء به لبعض الفضائيات وعلى رأسها السوسة «فضائية العالم الإيرانية» أحد «قادة الثوار» من الذين اختاروا الإقامة في الخارج ونشره أخيراً على شكل تغريدة عبر التويتر ملخصه أن «شعبنا يزداد قوة وصموداً، والمشكلة أنهم لا يفهمون معنى أن هذا الشعب يستمد صموده من كربلاء.. لأنهم لم يقرؤوا كربلاء».
أما خطورة التصريح فتكمن في أنه اعتراف أن ما يحدث من مشكلات في البحرين يقوم بها الشيعة فقط لأنهم هم فقط من قرؤوا كربلاء بالصورة التي يتحدث عنها صاحب التصريح، وفي أنه لا يقوم بالثورة كل الشعب لأن نصف الشعب -بعيداً عن الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية- ليسوا من الشيعة.. ولم يقرؤوا أيضاً كربلاء بالكيفية التي يعنيها!
هذا تصريح خطير وهو ليس في صالح من يمارس الحراك «الثوري» أبداً، فهو إضافة إلى أنه يقسم الشعب إلى طائفتين «سنفترض أن كل طائفة قوامها 50% من عدد السكان» فإنه يقسم الشيعة إلى قسمين؛ أحدهما قرأ كربلاء والآخر لم يقرأ كربلاء، ويقسم من قرأ كربلاء إلى قسمين أحدهما فهم كربلاء والآخر لم يفهم كربلاء، فإذا تبين أنه ليس كل الشيعة مع الحراك الثوري، خصوصاً العائلات الشيعية الثرية، وتلك التي يتبوأ بعض أبنائها مناصب في الدولة وتبين أن بين الشيعة من هم غير كربلائيين من الأساس كونهم تأثروا بالأفكار الأخرى «اليسارية تحديداً»، فإن هذا يعني أن إطلاق كلمة الشعب على من يقوم بـ»الثورة»غير واقعي أبداً وفيه تهور، فعندما يتم حذف السنة «النصف اعتباطاً» من الشعب وحذف العائلات الشيعية الميسورة وحذف الشيعة المتأثرين بالفكر اليساري منه؛ فهذا يعني أن المتبقي من الشعب لا يعبر عن هذه الكلمة، وبالتالي صار من غير المعقول إطلاق اسم الشعب عليه.
هذا يعني باختصار أن الذي يمارس «الثورة» ليسوا إلا مجموعة صغيرة من المواطنين تمكنت بما تمتلكه من قدرات كلامية وخيال أن تسيطر على مجموعات شبابية تفتقر إلى الخبرة والمعرفة، ولم تبخل عليهم بصفة ثوار وتطلق على ما يقومون به من سلوكيات قوامها تعطيل حياة الناس وإزعاج السلطة «ثورة».
ما لم ينتبه إليه من أدلى بذلك التصريح هو أنه حذف بتصريحه أكثر من ثلاثة أرباع الشعب «السنة وأثرياء الشيعة والمتأثرين بغير الأفكار الكربلائية» فعمل على تحجيم «الثوار» وقلل من شأن «الثورة»، في وقت كان يريد أن يعلي من شأنهما ويؤكد إصرار وثبات هذه الفئة التي أطلق عليها اسم «شعبنا». وما لم ينتبه إليه أيضاً هو أنه ربط الحراك السياسي في البحرين بالشيعة الكربلائيين؛ فاعترف أنه حراك ديني بحت يعتمد الفكر الراديكالي، وأخرج في الوقت نفسه الجمعيات السياسية مثل وعد والوحدوي والقومي من الحراك، واعتبر مشاركتهم ودورهم تحصيل حاصل، وهذا يعني أنه لو حدث وحقق الحراك تقدماً وإن كان بسيطاً فإنه سيقال لغير «الكربلائيين» مشكورين.. ما قصرتوا.. وروونا عرض اكتفاكم!
تصريح «القيادي» هذا أدى إلى تحجيم أولئك الذين يمارسون عمليات تعطيل حياة الناس مستظلين بشعارات ثورية، وأخرج الآخرين من اللعبة واعتبرهم غير ذي قيمة، فالقيمة محصورة فقط في من قرأ كربلاء وفهم كربلاء وعمل تحت هذه المظلة المذهبية الضيقة.
كان ينبغي من «القادة» الآخرين أن يصوبوا الأخطاء التي ارتكبها صاحب هذا التصريح ويبينوا للعالم أن «ثورتهم» التي يصفونها بالسلمية ليست حكراً على فئة دون فئة وأنه لا علاقة لكربلاء بهذا الذي يمارسونه، حيث السكوت عنه يعني تأكيد ما قاله ويعد اعترافاً على أن المسألة مسألة فئة من الشيعة يسعون إلى قلب نظام الحكم ويقسمون الناس إلى فسطاطين أو معسكرين.. معسكر الحسين ومعسكر يزيد!