أهم دلالات انعقاد منتدى حوار المنامة الثامن تكمن في إبراز حقيقة وضع البحرين اليوم وسط موجة عارمة من محاولات تشويه صورة المملكة في الإعلام الخارجي.
يأتي انعقاد المؤتمر وسط حضور عدد كبير من كبار مسؤولي الدول الأجنبية والعربية ليدحض الأكاذيب التي تروج في الخارج بشأن الوضع غير المستقر للمملكة، ويكشف كيف أن ما يحصل من قلاقل مصدره فئة مازالت تجاهد لتحقق حلمها في الانقلاب على نظام البلد وتعمل ليلاً ونهاراً لتقسيم هذا الشعب وفق منهج طائفي عنصري.
كلمة الأمير سلمان لخصت الوضع البحريني بشكل واضح وشفاف، رغم أن الإعلام المفبرك تعامل مع كلمة سموه بأسلوب «تنقية العيش» عبر تقديم جمل معينة والتركيز عليها وتغييب جمل لها الأهمية القصوى وهي في الأساس الدعائم الرئيسة في كلمته تبرز حجم الضرر الذي لحق بالبحرين من خلال استغلال التغييرات التي شهدتها المنطقة وظاهرة الربيع العربي التي سعوا لإقحام البحرين فيها إقحاماً قسرياً.
حينما يحاول البعض اليوم التركيز على كلمة «الحوار» في كلام الأمير سلمان، يعمدون لتغييب حقيقة هامة ذكرها البروفيسور بسيوني نفسه في تقرير لجنة تقصي الحقائق، حينما أشار للمسؤولية التاريخية التي تتحملها الوفاق حينما ماطلت في قبول الحوار الأول الذي دعا له ولي العهد نفسه، ووضعت له اثني عشر شرطاً بهدف تعجيز الدولة، وكلنا نعرف أن أسباب ذلك كانت مبنية على رهان القوى الانقلابية بإسقاط النظام والاستيلاء على الدولة.
حوار المنامة يأتي في وقت بدأت فيه كثير من المجتمعات الغربية استيعاب حقيقة ما حصل في البحرين، وفي وقت بدأت تتكشف فيه محاولات تشويه صورة البلد وتصويرها على أنها بقعة متوترة وأنها بلد تحكم بالديكتاتورية والقبضة الحديدية. كلمة ولي العهد ومضامينها وأسلوبه فيها تكشف تماماً عن نوعية قادة البلد وتفضح التناقضات في كلام من يدعي ويتبلى على البحرين بالفبركات والأكاذيب، فهؤلاء هم قادة هذا البلد وهذا هو فكرهم المتقدم الذي قدمه جلالة الملك حفظه الله في أرقى صوره حينما كان رائداً في المنطقة العربية في مجال إحداث التغيير وتدشين الإصلاح وتعزيز الديمقراطية.
البحرين لم تكن تستحق ما حصل لها، هي ليست دولة ذات نظام مشابه لنظام بن علي أو مبارك أو القذافي أو بشار، بل هي الدولة التي بادرت بنفسها لكسر أية قيود على الحريات وقدمت تجربة ديمقراطية طموحة لم يعكر صفوها إلا جماعات أرادت أن تستغل هذه الديمقراطية لأجل فرض أجندتها وتحقيق مآربها المرتبطة باختطاف البلد. كنتم ترونهم كيف يتشدقون سابقاً في الديمقراطية وحرية التعبير واليوم كيف يناقضون أنفسهم وينفون كل ما تحقق رغم استفادتهم القصوى منه.
لو كانت البحرين لا تمتلك قضية عادلة لما تعاطت معها الدول بالأسلوب الذي استوجب الأمير سلمان تقديم الشكر إزاءه، لو كانت البحرين تعاملت مع معارضيها وحتى المنقلبين على شرعية نظامها بنفس أسلوب بشار الأسد الذي سفك دماء شعبه، لما وجدنا بريطانيا تدعم البحرين، ولما وجدنا جيراننا دول الخليج يهبون لنصرة البحرين، ولما رأينا اليوم العدد الكبير من وفود الدول المشاركة في حوار المنامة، طبعاً باستثناء إيران التي لم تشارك، وكيف تشارك في مؤتمر يحمل اسم دولة تعتبرها إيران ولاية تابعة لها؟! وهذا الموضوع بحد ذاته كان سؤالاً اهتم به الإعلام الانقلابي المفبرك عبر ملاحقة المسؤولين البحرينيين لسؤالهم عن إيران ومشاركتها! واضح تماماً اهتمامكم بإيران لدرجة بحثكم عنها في حوار المنامة! المحبون والعشاق يبحثون عن بعض دائماً!
عموماً، حوار المنامة يتواصل في البحرين بوجود دول العالم، وقبل هذا الحوار الدولي شهدت البحرين فعاليات ومهرجانات عديدة كشفت عن وجود إرادة غالبة لغالبية الشعب البحريني الذي يريد لحياته أن تستمر باستقرار وأن تعود لهدوئها الذي كانت عليه بمعزل عن فئات التأزيم ومجموعات التخريب التي لن تهدأ إلا حين تحقق حلمها بالاستيلاء على البلد.
كلام الأمير سلمان نتفق عليه جميعنا، سنة وشيعة يمثلون البحرينيين «المخلصين» نكرر «المخلصين»، وأجزم بأن من سعى لبيان هذا التوصيف «التكويني» للشعب في كلام ولي العهد يفترض به أيضاً أن يبرز على قدر المساواة دعوته الواضحة لحاضني العنف ومبرريه بمختلف مواقعهم ومراتبهم حتى المرجعيات الدينية ومن ضمنهم من قال «اسحقوهم» بأن يدينوا هذه التصرفات ليثبتوا أن أمن البلد ومستقبل ناسه يهمهم. أبرزوا هذه الدعوة الإصلاحية لولي العهد وطبقوها إن كنتم قادرين، أم هي مجرد تقية إعلامية كالعادة؟!
حوار المنامة يأتي ليكون ضربة أخرى موجعة لمن بات هوسه وهمه وشغله الشاغل اليوم «تشريح» بلده في الخارج وتشويه صورته والدعاء عليه بالكوارث والنوازل. واضح ذلك تماماً من أسلوب تعاطي الإعلام الانقلابي والبحث عن إيران و»تنقية» الكلام حسب الرغبة ووفقاً للأهواء والتصورات.