لم تقم النهضة العربية صرحها القديم على جعجعة دون طحن، لكنها اهتمت بالقيم العليا التي تضمن للعلم مكانة لا تقل عن مكانة الدين، فرفعت من شأن العلماء والمعلمين والمتعلمين ومؤسساتهم على حد سواء، وأجزلت العطاء لهم، وجعلت درجة اعتكافهم في محراب العلم كدرجة المجاهدين في ساحة الوغى والنزال، ثم أنها ضمنت لهم كرامتهم المعنوية والمادية، فأصبح العالم كالقاضي في المكانة والاستقلال، حتى إن الأمراء والخلفاء وأبناءهم كانوا يذهبون إلى بيت العالم لتلقي العلم في مجلسه دون كبر أو غرور، كما أبدعت هذه النهضة الغاربة بيئة خصبة جاذبة غير طاردة للإبداع والبحث، فأثمرت إنتاجاً علمياً خلاقاً أعطى أكله في زمن قصير، وشمل كافة مجالات الحياة، وفتح الباب لكل أجناس الأرض في حينه، فغرفت منه بلا حدود ودانت الدنيا لهذه الإمبراطورية الإسلامية العربية فتعلمت منها علوم الفلك والحساب والفلسفة واللغة والكيمياء وغيرها من العلوم التي لم تقتصر على مجرد ترف علمي أو منتج استهلاكي، لكنها تركت أثراً بالغاً في قوة الأمة ومكانتها أبان ذلك بين الأمم ناهيك عن المستحدثات العلمية التي جعلت حياة البشر، داخل وخارج الدولة الإسلامية، أكثر يسراً وسهولة، تماماً كما نشاهد اليوم من تكنولوجيا أجنبية تلامس احتياجات البشر في هذا العصر.
إن المنصفين من الباحثين يشهدون لجانب العقل العربي والإسلامي الذي كان صاحب السبق والفضل في نزوعه لخدمة البشرية دون تمييز، وأنه كان الرائد في ابتكار المنهج التجريبي العملي خروجاً على المنهج الأرسطي الوصفي، الذي ظل ردحاً من الزمن يرهن العقل والنظر الإنساني، لقد أكد كثير من المستشرقين والعلماء الذين تلقوا تعليمهم في الجامعات الإسلامية الزاهرة في العصور الوسطي أن مؤسساتنا العلمية كانت أفضل كثيراً من المؤسسات العربية والإسلامية المعاصرة، فأسماء مثل أولاد موسى والكندي والفارابي وابن الهيثم وابن سينا ومدارس بغداد والقاهرة ودمشق والزيتونة وقرطبة وغيرها، كانت مثلاً يحتذي لكثير من المدارس الغربية التي اقترضت العديد من نظمها ومناهجها وكتبها لتحقيق تفوقها وانطلاقها عقب انكفاء المدارس العربية والإسلامية.
إن من أخطر الحقائق التي تذكرها المصادر العلمية عن هذه النهضة حقيقة وجود (وعي علمي عام) بدور العلم في بناء الدولة والمجتمع، لهذا بادر المجتمع المدني في حينه ممثلاً في التجار وأصحاب رؤوس الأموال وحتى البسطاء من الناس للمشاركة الطوعية في رفد الباحثين والعلماء بدعم كبير وتجلي ذلك في الوقف الخيري على المشروعات الصناعية والزراعية وكفالة طلبة العلم وبناء المدارس والجامعات ونحوه.
إن المقارنة لا يمكن بحال أن تنصف واقعنا في الوعي الاجتماعي الغائب بضرورة الإنفاق والاهتمام بصورة أكبر بالبحث العلمي إذا ما قارناها بما كان يسلكه أسلافنا من موقف ما يزال الغرب والشرق يحتذي به حتي اليوم، حتى سبقنا في مضمار التقدم بقرون عدة، إن الأرقام تقول لنا أن الباحث في الغرب المعاصر يتكلف في المتوسط سنوياً ما قيمته 400 دولار، وفي المقابل يتكلف الباحث العربي ثلاثة دولارات فقط، ونسبة الإنفاق متوسطها في الدول المتقدمة تبلغ من (4-5%) من الدخل القومي بينما لا تجاوز هذه النسبة لدينا عن (05.).
كما إن انتشار الجهل والأمية في الدول العربية ساهم في زيادة تخلف النظرة إلى البحث العلمي، كما إن وعي الطبقة الغنية وخاصة رجال الأعمال والصناعة وأصحاب الشركات ذات العلاقة لا يختلف كثيراً، فهذا الوعي متدن بدرجة كبيرة، مما جعل هذه الفئة تفضل التوجه إلى الاستيراد والاستعانة ببيوت الخبرة الأجنبية، وعدم تشجيع البحث العلمي في المؤسسات العلمية العربية، والحقيقة المرة انه ما من سبيل إلى تحقيق نهضة علمية حقيقية إلا بعودة البيئة العلمية الجاذبة إلى مؤسساتنا العلمية والتعليمية، وعودة الوعي العلمي الغائب -قيماً وبحثاً وتعليماً وتعلماً- وعودة المجتمع -بكافة قطاعاته- إلى دعم المؤسسات العلمية ومنتسبيها بسخاء، هذا ما يمكن به تحقيق نقطة تحول فارقه في تاريخ المجتمع العربي المعاصر أسوة بغيره من الشعوب التي نفضت عن كاهلها غبار الجهل وقامت تكتب لنفسها تاريخا من جديد.
إن المنصفين من الباحثين يشهدون لجانب العقل العربي والإسلامي الذي كان صاحب السبق والفضل في نزوعه لخدمة البشرية دون تمييز، وأنه كان الرائد في ابتكار المنهج التجريبي العملي خروجاً على المنهج الأرسطي الوصفي، الذي ظل ردحاً من الزمن يرهن العقل والنظر الإنساني، لقد أكد كثير من المستشرقين والعلماء الذين تلقوا تعليمهم في الجامعات الإسلامية الزاهرة في العصور الوسطي أن مؤسساتنا العلمية كانت أفضل كثيراً من المؤسسات العربية والإسلامية المعاصرة، فأسماء مثل أولاد موسى والكندي والفارابي وابن الهيثم وابن سينا ومدارس بغداد والقاهرة ودمشق والزيتونة وقرطبة وغيرها، كانت مثلاً يحتذي لكثير من المدارس الغربية التي اقترضت العديد من نظمها ومناهجها وكتبها لتحقيق تفوقها وانطلاقها عقب انكفاء المدارس العربية والإسلامية.
إن من أخطر الحقائق التي تذكرها المصادر العلمية عن هذه النهضة حقيقة وجود (وعي علمي عام) بدور العلم في بناء الدولة والمجتمع، لهذا بادر المجتمع المدني في حينه ممثلاً في التجار وأصحاب رؤوس الأموال وحتى البسطاء من الناس للمشاركة الطوعية في رفد الباحثين والعلماء بدعم كبير وتجلي ذلك في الوقف الخيري على المشروعات الصناعية والزراعية وكفالة طلبة العلم وبناء المدارس والجامعات ونحوه.
إن المقارنة لا يمكن بحال أن تنصف واقعنا في الوعي الاجتماعي الغائب بضرورة الإنفاق والاهتمام بصورة أكبر بالبحث العلمي إذا ما قارناها بما كان يسلكه أسلافنا من موقف ما يزال الغرب والشرق يحتذي به حتي اليوم، حتى سبقنا في مضمار التقدم بقرون عدة، إن الأرقام تقول لنا أن الباحث في الغرب المعاصر يتكلف في المتوسط سنوياً ما قيمته 400 دولار، وفي المقابل يتكلف الباحث العربي ثلاثة دولارات فقط، ونسبة الإنفاق متوسطها في الدول المتقدمة تبلغ من (4-5%) من الدخل القومي بينما لا تجاوز هذه النسبة لدينا عن (05.).
كما إن انتشار الجهل والأمية في الدول العربية ساهم في زيادة تخلف النظرة إلى البحث العلمي، كما إن وعي الطبقة الغنية وخاصة رجال الأعمال والصناعة وأصحاب الشركات ذات العلاقة لا يختلف كثيراً، فهذا الوعي متدن بدرجة كبيرة، مما جعل هذه الفئة تفضل التوجه إلى الاستيراد والاستعانة ببيوت الخبرة الأجنبية، وعدم تشجيع البحث العلمي في المؤسسات العلمية العربية، والحقيقة المرة انه ما من سبيل إلى تحقيق نهضة علمية حقيقية إلا بعودة البيئة العلمية الجاذبة إلى مؤسساتنا العلمية والتعليمية، وعودة الوعي العلمي الغائب -قيماً وبحثاً وتعليماً وتعلماً- وعودة المجتمع -بكافة قطاعاته- إلى دعم المؤسسات العلمية ومنتسبيها بسخاء، هذا ما يمكن به تحقيق نقطة تحول فارقه في تاريخ المجتمع العربي المعاصر أسوة بغيره من الشعوب التي نفضت عن كاهلها غبار الجهل وقامت تكتب لنفسها تاريخا من جديد.