لا وجود لحياة تسير بصورة أفقية دون مطبات وحواجز وعراقيل وجبال وصحاري، طبيعة الحياة أن تكون محتوية على كل شي؛ السعادة والمرح، الإحباط والمغامرة نحو الأجمل، الصعود والهبوط، الأمراض والتمتع بالصحة التامة، فقد الأحباب والأقارب والأصدقاء. والالتقاء بآخرين يضيئون غرف الحياة المظلمة، وكما نعرف جميعاً أنه من الموت تكون الحياة، وفي كل حالة من حالات السقوط بداية لحالة ارتفاع إذا عرف الإنسان كيف ينهض، السقوط في المرض والخسارة والألم والإعاقة هو جزء من طبيعة التعلم التي تفتح لنا شبابيك الأمل في فضاء لا يتوقف عن التوسع، تقول الكاتبة روندا بايرن، مؤلفة كتاب السر عن سبب تأليفها لهذا الكتاب..
منذ عام تحطمت حياتي من حولي فعملت حتى الإنهاك، وتوفي أبي واضطربت علاقاتي مع من حولي حتى الأعزاء!! في ذلك الحين لم أكن أعلم أن أعظم هبة سأحصل عليها كانت ستولد من رحم أكبر محنة في حياتي، وبدت لي لمحة من سر عظيم! إنه سر الحياة! ورحت أتتبع مسار السر عبر التاريخ، لم أكن أصدق أن كل هؤلاء الأشخاص كانوا مطلعين عليه، كانوا عظماء التاريخ؛ أفلاطون وشكسبـير ونيوتن وإديسون وأينشتاين، إذاً كلنا معرضون للمحن، ليس فقط كأفراد إنما كشعوب وأمم، كمجتمعات لا يهم إن كانت في أعلى الرقي أو أسفلها.
وقد ذكر د. سمير يونس في مقال له في أحد المواقع تحت عنوان «كيف تحول المحنة إلى منحة؟»، إنه (جاء في كتاب «دع القلق» للمؤلف الأمريكي المشهور دايل كارينجي أن أحد الأشخاص في مدينة بروكين بالولايات المتحدة قد أصيب بقرحة شديدة في الاثنا عشر، وقد تورمت واشتدت، حتى أشار عليه الأطباء بكتابة وصيته استعداداً للرحيل من الدنيا إلى الآخرة، فترك الرجل وظيفته الكبيرة التي كان يشغلها، وقبع في بيته ينتظر الموت!! وبينما هو يفكر في أمره، إذا به يتخذ قراراً أدهش مَنْ حوله.. لقد قرر أن يحقق ما كان يتمناه طوال حياته، وهو أن يطوف العالم، وقال: ما دمت سأعيش شهوراً معدودة كما قال الأطباء.. فلماذا لا أحقق ما أتمناه؟ وقام فعلاً بالحجز على أول رحلة بحرية حول العالم، بعد أن اصطحب معه الوصية والتابوت، كما قرر أن يأكل ويشرب كل ما يحبه ويتمناه، وما كان محروماً منه في أثناء مرضه، ثم سافر الرجل واستمتع برحلته حول العالم، وقد استغرقت رحلته شهرين، عاد بعدها معافى من مرضه، وقد استعاد وظيفته وعاش بعد ذلك حقبة من الزمن سعيداً مستقراً).
إن كل واحد منا معرّض لكل الظروف السيئة والأحداث المرعبة والأشخاص المزعجين، لكن إذا كنا نرى الأمور من منظار إيجابي، وأن كل ما نمر به مؤقتاً مهما كانت حدة الظرف الصعب الذي يحاصرنا، فالنظرة الإيجابية للحياة هي ما يجعلنا نرى الشمعة تفتت ظلام الليل، ونرى الجانب الممتلئ من الكأس، وكما نقول (الحي أبدى من الميّت)؛ بمعنى علينا أن ننظر إلى الحياة بحركتها، بتغيرها، بتوسعها، إن أصبت بمصيبة ما قل لنفسك، إنها مؤقتة، زائلة، قل إنها بداية لشيء أجمل وأروع.
إن أفكارك الإيجابية وحدها قادرة على تحويل السيئ إلى جيد والبعيد إلى قريب، عليك أن تنشرها في ذهنك، في جسدك، وثق أنها ستدور في الفضاء، وستغير كل ما حولك وتتحول المحن التي تظنها باقية إلى منح مباركة، وستشكر هذه المحن التي أوصلتك إلى ما أنت عليه من نعيم.
القصص السابقة نماذج ليست إلا، فهناك آلاف القصص التي مر بها الناس والتي حولتهم من تعساء إلى سعداء، هل يمكن أن نقرأ هذه التجارب لتحولنا من سلبيين إلى إيجابيين نساهم في صنع فارق في حياتنا وحياة الآخرين، لنجرب ونمارس التفاؤل الدائم بحياة أكثر غنى وأكثر إبداعاً.