سؤال تبادر إلى ذهني وأنا أتابع خبر اتفاق الكتل النيابية على تعديل أوضاع المتقاعدين وإقرار زيادة عامة في مرتبات القطاع العام وإيجاد آلية لدعم مرتبات العاملين في القطاع الخاص من أجل إقرار الميزانية العامة للدولة، وهي بلا شك أهم مطالب الناس حالياً، لكن إلى أي مدى يستطيع النواب تحقيق هذه المطالب أو جزء منها؟ وإلى أي مدى ستتجاوب الحكومة في ظل وجود عجز في موازنة الدولة للعامين القادمين بحوالي 662 مليون دينار للسنة المالية 2013 و753 مليون دينار للسنة المالية 2014، وبذلك قد يصل الدين العام للدولة لما يفوق 5 مليار دينار.
كما إن الحكومة أحالت إلى السلطة التشريعية مشروع قانون باعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2013-2014 دون أن تشمل وجود أي زيادة لا للموظفين ولا للمتقاعدين، وفي الغالب، بحسب بعض المراقبين والاقتصاديين، فإن الحكومة قد ترفض هذه الزيادة التي تدعو لها السلطة التشريعية (بتوافق الشورى والنواب) بذريعة أنها ستزيد من عجز المزانية، وهو ما يعني زيادة في الدين العام، إذ قدرت إيرادات الدولة في الموازنة الجديدة بمبلغ 5.57 مليار دينار، فيما قدرت المصروفات العامة بـ 6.99 مليار دينار، وقد وضعت عدة أهداف لهذه الميزانية منها؛ تحسين نظام خدمات الإسكان، والإبقاء على معدلات البطالة في مستويات متدنية، وإيجاد فرص عمل جديدة والاستثمار في مشاريع، وبرامج الأمن الغذائي، ودعم القطاعات المحفزة للنمو الاقتصادي كتطوير وإنشاء الخط السادس لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) وصيانة وتوسعة مطار البحرين الدولي وغيرها، لكنها لم تشمل أي زيادة في الرواتب.
من البديهي أن أي مواطن لا يرغب في زيادة الدين العام للدولة، وأعتقد أن غالبية الناس ممن هم ليسوا متخصصين في الاقتصاد ولا يعرفون واقعاً ماذا يعني العجز في الموازنة والدين العام والحساب الختامي وما الى ذلك، لكنهم على الأقل لا يريدون أن يروا وطنهم يعاني من عجز مالي أو من دين بالمليارات!! هذا لا شك فيه؛ ولكن يبقى المواطن أيضا ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار بشكل عام، بل شح حتى السلع الغذائية الأساسية مما أدى إلى زيادة أسعارها، وهي أيضاً مرشحة للزيادة قريباً بحكم قانون العرض والطلب البديهي، ونظراً لنمط الحياة الاستهلاكي الغالب على الجميع، فإنه كذلك يطالب بزيادة تطال المرتبات في القطاع العام وحتى الخاص وشريحة المتقاعدين، وتحديدا هذه الشريحة المغبونة الى حد كبير، خصوصا أن آلاف المتقاعدين يستلمون رواتب تقاعدية في حدود 200 دينار، وهي في زمننا هذا لا تكفي حتى لتوفير المأكل والمشرب وأبسط مستلزمات العيش الضرورية!!
أضف لكل ذلك حين يرى المواطن مئات الملايين من ميزانيات الوزارات والهيئات الحكومية لا يتم انفاقها في المشاريع التي رصدت لأجلها فإنه يشعر بمزيد من الاستياء، فعلى سبيل المثال وبحسب أرقام رسمية لم تفلح الوزارات والهيئات الحكومية في التجاوب مع توجهات الدولة لزيادة حجم الانفاق خلال العام الماضي، بعدما فشلت في صرف 52% من الميزانية المخصصة للمشروعات، إذ توضح أرقام الحساب الختامي للمملكة عن العام 2011 رصد الحكومة نحو 926 مليون دينار لمصروفات المشاريع فيما بلغت نسبة الاستخدام الفعلي لهذه الميزانية نحو 440.8 مليون دينار فقط بما نسبته 48% من المبلغ المرصود أي أنه هناك 485.2 مليون دينار لم يتم استخدامها!!
قد يبدو الكلام مبهماً؛ فالأرقام والنسب صعبة الفهم غالبا، لكن سأضرب أمثلة لتوضيح الأمر؛ لو كان لديك عزيزي القارئ طلب إسكان يعود لسنة 92 أو 97 ومازلت تنتظر الوحدة السكنية، وقد ضاقت بك الدنيا وأنت تراجع الإسكان لسنوات، وتكتشف أن وزارة الاسكان انفقت 68% من مصروفات المشروعات المخصص لها والبالغة 188.6 مليون دينار تقريباً، حيث بلغت حجم الاستهلاك الفعلي 127.9 مليون دينار؛ أي أن الوزارة أعادت الى خزينة الدولة 60 مليون دينار لم تنجح في تنفيذ المشاريع التي رصدت لها، حسننا هل اتضحت الصورة؟ الآن اسأل نفسك؛ كم وحدة سكنية يمكن أن تبنى بهذا المبلغ؟ ألم يكن بالإمكان أن تسكن اليوم أنت وعائلتك في إحداها؟!
مع ذلك فوزارة الإسكان تعد من أكثر الوزارت إنجازا!! إذ أن وزارة الصحة مثلا صرفت 37% من ميزانيتها في إنجاز المشاريع وبما قيمته 10.9 مليون دينار، ولم تنجح في صرف المبالغ الأخرى وإنجاز ما رصدت له!! والأشغال بلغت نسبة التنفيذ فيها نحو 56%، أما المؤسسة العامة للموانئ البحرية فقد حطمت الجميع بـ 3%!!، في حين صرفت التربية 20% في 2010!! أضف لكل ذلك مئات الملايين التي طارت بفعل الفساد بحسب تقرير ديوان الرقابة!!
شريط إخباري..
لكل ما تقدم، فإن الناس يضعون الكرة الآن في ملعب السادة النواب ولسان حالهم جميعاً يطالب بمحاسبة المفسدين والتمسك بزيادة المرتبات وتحسين أوضاع المتقاعدين والقطاع الخاص والفئات المحتاجة، وكلنا ثقة أن حكومتنا الرشيدة لن تقف في وجه مطالب الشعب إذا وجدت هناك إجماع على ذلك.
{{ article.visit_count }}
كما إن الحكومة أحالت إلى السلطة التشريعية مشروع قانون باعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2013-2014 دون أن تشمل وجود أي زيادة لا للموظفين ولا للمتقاعدين، وفي الغالب، بحسب بعض المراقبين والاقتصاديين، فإن الحكومة قد ترفض هذه الزيادة التي تدعو لها السلطة التشريعية (بتوافق الشورى والنواب) بذريعة أنها ستزيد من عجز المزانية، وهو ما يعني زيادة في الدين العام، إذ قدرت إيرادات الدولة في الموازنة الجديدة بمبلغ 5.57 مليار دينار، فيما قدرت المصروفات العامة بـ 6.99 مليار دينار، وقد وضعت عدة أهداف لهذه الميزانية منها؛ تحسين نظام خدمات الإسكان، والإبقاء على معدلات البطالة في مستويات متدنية، وإيجاد فرص عمل جديدة والاستثمار في مشاريع، وبرامج الأمن الغذائي، ودعم القطاعات المحفزة للنمو الاقتصادي كتطوير وإنشاء الخط السادس لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) وصيانة وتوسعة مطار البحرين الدولي وغيرها، لكنها لم تشمل أي زيادة في الرواتب.
من البديهي أن أي مواطن لا يرغب في زيادة الدين العام للدولة، وأعتقد أن غالبية الناس ممن هم ليسوا متخصصين في الاقتصاد ولا يعرفون واقعاً ماذا يعني العجز في الموازنة والدين العام والحساب الختامي وما الى ذلك، لكنهم على الأقل لا يريدون أن يروا وطنهم يعاني من عجز مالي أو من دين بالمليارات!! هذا لا شك فيه؛ ولكن يبقى المواطن أيضا ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار بشكل عام، بل شح حتى السلع الغذائية الأساسية مما أدى إلى زيادة أسعارها، وهي أيضاً مرشحة للزيادة قريباً بحكم قانون العرض والطلب البديهي، ونظراً لنمط الحياة الاستهلاكي الغالب على الجميع، فإنه كذلك يطالب بزيادة تطال المرتبات في القطاع العام وحتى الخاص وشريحة المتقاعدين، وتحديدا هذه الشريحة المغبونة الى حد كبير، خصوصا أن آلاف المتقاعدين يستلمون رواتب تقاعدية في حدود 200 دينار، وهي في زمننا هذا لا تكفي حتى لتوفير المأكل والمشرب وأبسط مستلزمات العيش الضرورية!!
أضف لكل ذلك حين يرى المواطن مئات الملايين من ميزانيات الوزارات والهيئات الحكومية لا يتم انفاقها في المشاريع التي رصدت لأجلها فإنه يشعر بمزيد من الاستياء، فعلى سبيل المثال وبحسب أرقام رسمية لم تفلح الوزارات والهيئات الحكومية في التجاوب مع توجهات الدولة لزيادة حجم الانفاق خلال العام الماضي، بعدما فشلت في صرف 52% من الميزانية المخصصة للمشروعات، إذ توضح أرقام الحساب الختامي للمملكة عن العام 2011 رصد الحكومة نحو 926 مليون دينار لمصروفات المشاريع فيما بلغت نسبة الاستخدام الفعلي لهذه الميزانية نحو 440.8 مليون دينار فقط بما نسبته 48% من المبلغ المرصود أي أنه هناك 485.2 مليون دينار لم يتم استخدامها!!
قد يبدو الكلام مبهماً؛ فالأرقام والنسب صعبة الفهم غالبا، لكن سأضرب أمثلة لتوضيح الأمر؛ لو كان لديك عزيزي القارئ طلب إسكان يعود لسنة 92 أو 97 ومازلت تنتظر الوحدة السكنية، وقد ضاقت بك الدنيا وأنت تراجع الإسكان لسنوات، وتكتشف أن وزارة الاسكان انفقت 68% من مصروفات المشروعات المخصص لها والبالغة 188.6 مليون دينار تقريباً، حيث بلغت حجم الاستهلاك الفعلي 127.9 مليون دينار؛ أي أن الوزارة أعادت الى خزينة الدولة 60 مليون دينار لم تنجح في تنفيذ المشاريع التي رصدت لها، حسننا هل اتضحت الصورة؟ الآن اسأل نفسك؛ كم وحدة سكنية يمكن أن تبنى بهذا المبلغ؟ ألم يكن بالإمكان أن تسكن اليوم أنت وعائلتك في إحداها؟!
مع ذلك فوزارة الإسكان تعد من أكثر الوزارت إنجازا!! إذ أن وزارة الصحة مثلا صرفت 37% من ميزانيتها في إنجاز المشاريع وبما قيمته 10.9 مليون دينار، ولم تنجح في صرف المبالغ الأخرى وإنجاز ما رصدت له!! والأشغال بلغت نسبة التنفيذ فيها نحو 56%، أما المؤسسة العامة للموانئ البحرية فقد حطمت الجميع بـ 3%!!، في حين صرفت التربية 20% في 2010!! أضف لكل ذلك مئات الملايين التي طارت بفعل الفساد بحسب تقرير ديوان الرقابة!!
شريط إخباري..
لكل ما تقدم، فإن الناس يضعون الكرة الآن في ملعب السادة النواب ولسان حالهم جميعاً يطالب بمحاسبة المفسدين والتمسك بزيادة المرتبات وتحسين أوضاع المتقاعدين والقطاع الخاص والفئات المحتاجة، وكلنا ثقة أن حكومتنا الرشيدة لن تقف في وجه مطالب الشعب إذا وجدت هناك إجماع على ذلك.