منذ اندلاع الأزمة في فبراير 2011 كان موقف سمو ولي العهد «المترجم لرؤية جلالة الملك» واضحاً وثابتاً بشأن موضوع «الحوار»، رغم كل التقلبات التي شهدته المواقف حوله من النخب وقيادات الفكر والمجتمع التي مرت كغيرها بأصعب اختبار تشهده البحرين، فاجتهدوا لجهة ما يرون أنه في صالح الوطن ودفاع عنه، لذلك نادوا بالحوار أحياناً وبعدم إمكانيته في أحيان أخرى تبعاً لما يسوقهم له فهمهم وتحليلهم لكل مرحلة ومتغيرات معطياتها.
من جانبها اتخذت «ما تعرف المعارضة» من الحوار مواقف متباينة أيضاً؛ فحيناً عطلته و»تغلت» عليه، وحيناً حاولت إدخال وساطات لطرح ورقته من جديد، ثم وبعد أن انطلق رفضت المشاركة فيه!!
هكذا كانت تقلبات مختلف الأطراف من موضوع الحوار، وكانوا يجرون وراءهم من يتبعهم إلى التخندق في نفس المواقف!! قلة قليلة فقط منذ البداية ورغم كل التحولات والتغيرات رأت ألا بديل للخروج من الأزمة إلا الجلوس على طاولة الحوار، وكان سمو ولي العهد بثباته على هذا الموقف يمثل لتلك القلة رمزاً ودافعاً للاستمرار في الإيمان بهذا النهج والتمسك به.
لذلك حينما كنا في كل الفترات متمسكين بمبدأ وقيمة الحوار، كنا نقصد الحوار بغير شروط مسبقة تفرضها فئة على الأخرى وتحاول أن تستبق بها الأحداث لتحقق أهدافاً ومصالح فئوية على حساب مصلحة الجميع، فلا شروط تفرض في حوار يراد منه التوافق، لا شروط تفرض ممن يريد أن يصل إلى بر الأمان مع الآخرين، الشروط تفرض حينما تظن أي جماعة أنها أقوى أو منتصرة على الطرف الآخر أو أنها فوق الجميع أو أحق منهم بشيء، لذلك نتمنى أن تكون «المعارضة» هذه المرة جادة فعلاً في ترحيبها بالحوار الذي أعلنت استعدادها للمشاركة فيه، وألا يكون ذلك فقط للترويج الخارجي أو مراوغة سياسية أخرى!!
كما ولا يجب أن تعيقنا ما ذهبت إليه بعض التحليلات من أن «المعارضة» اليوم هي من تقع في مأزق وتحتاج للحوار أكثر من غيرها، وأن هذه الدعوة جاءتها على طبق من ذهب، وأن الحوار سيكون مخرجاً لها من حالة الجمود التي وصلت إليه بعدما اتضحت للعالم حقيقة الأزمة، فرغم أن هذا الكلام قد يكون صحيحاً لكن الحقيقة الأكثر وضوحاً والأهم؛ أن البحرين بكل مكوناتها وأطيافها وأطرافها وفئاتها، البحرين وطناً وقيادة وشعباً تحتاج الخروج من هذه الأزمة والدفع بالمسيرة من جديد إلى سكة العمل الوطني الجاد والجامع، ولا مناص لها للوصول لذلك إلا الحوار رغم كل التحديات.
إننا اليوم أمام فرصة جديدة لكي نمنع المزيد من الانزلاق إلى الهاوية التي تهدد جميع المصالح الوطنية، وهو ما أكد عليه سمو ولي العهد خلال افتتاح «حوار المنامة»، وأكد أيضاً أن الحلول الأمنية لا يمكن أن تشكل بديلاً للحوار القادر على تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة لكل الأطراف، بعد أن قاربنا فعلاً «الوقوع في خانة الطائفية الخطرة والانتماءات القومية الخاطئة والانعزالية» التي أشار إليها سموه وحذر من أن «التاريخ يعلمنا بأن الفشل لن يكون بعيداً».
ومازالت الفقرة التي تكلم فيها سموه بكل وضوح وجرأة عن أن الغالبية من الناس اليوم لا تعيش بأمن وأمان حقيقيين، تتردد في أذني لأنها تعكس واقع الحال دون مراوغات أو محاولات لتجميل الحقيقة، وأعتقدها أكثر ما لامس قلوب وعقول عامة الناس، فسموه قال «هناك أغلبية صامتة هنا في مملكة البحرين يشعرون بأن صوتهم غير مسموع، هم الذين يذهبون للنوم في الليل بدون وجود حراسة على أبوابهم، وهم الذين يعيشون في مجتمعات مختلطة، التي تمثل مختلف الطوائف والإثنيات والمعتقدات السياسية، إنهم هم الذين يجب عليهم أن يعيشوا بشكل يومي مع الخوف من اندلاع نزاع طائفي قد يضر بهم وبمصالحهم ومستقبلهم أو مستقبل أبنائهم في أي وقت ولا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك»، وهنا أسأل الجميع أليس ذلك صحيحاً وصادقاً وواقعياً؟!
لذلك يجب أن تعي جميع الأطراف ألا مجال للمزايدات، وأول الخطوات التي لابد أن تتخذ هي إدانة العنف في الشارع بوضوح تام دون مراوغة أو محاولة لتبريره أو إعطائه أي غطاء، ولا يمكن حتى الصمت عنه أو عن مرتكبيه، الصمت ليس خياراً مطروحاً في هذه المرحلة!! فلابد لقوى «المعارضة ورموزها» أن تبادر إلى إدانة العنف وتسعى لإيقافه، ويجب على كل الأطراف تقنين الخطاب وتوجيهه لما يمهد الطريق نحو توفير متطلبات بدء هذا الحوار، ومن المهم كذلك أن تقود النخب «السياسية والدينية والاجتماعية» الشارع وتتصدي للراديكاليين ومراهقي السياسة وأبطال المواقع الاجتماعية الوهميين والعابثين، ولابد أن نفطن إلى أن الأزمة خلقت فرصاً للمستفيدين وأصحاب المصالح الفئوية ودعاة الطائفية ويجب أن نقطع الطريق أمامهم كي لا يضعوا المتاريس في العجلة مرة أخرى.
شريط إخباري..
كل ذلك مهم؛ لكن الأهم أن تعي «المعارضة» أنها تتحمل الوزر الأكبر لكل ما حدث، وأنها أضاعت العديد من الفرص الثمينة وأن عليها ألا تضيع المزيــد منهــا.
من جانبها اتخذت «ما تعرف المعارضة» من الحوار مواقف متباينة أيضاً؛ فحيناً عطلته و»تغلت» عليه، وحيناً حاولت إدخال وساطات لطرح ورقته من جديد، ثم وبعد أن انطلق رفضت المشاركة فيه!!
هكذا كانت تقلبات مختلف الأطراف من موضوع الحوار، وكانوا يجرون وراءهم من يتبعهم إلى التخندق في نفس المواقف!! قلة قليلة فقط منذ البداية ورغم كل التحولات والتغيرات رأت ألا بديل للخروج من الأزمة إلا الجلوس على طاولة الحوار، وكان سمو ولي العهد بثباته على هذا الموقف يمثل لتلك القلة رمزاً ودافعاً للاستمرار في الإيمان بهذا النهج والتمسك به.
لذلك حينما كنا في كل الفترات متمسكين بمبدأ وقيمة الحوار، كنا نقصد الحوار بغير شروط مسبقة تفرضها فئة على الأخرى وتحاول أن تستبق بها الأحداث لتحقق أهدافاً ومصالح فئوية على حساب مصلحة الجميع، فلا شروط تفرض في حوار يراد منه التوافق، لا شروط تفرض ممن يريد أن يصل إلى بر الأمان مع الآخرين، الشروط تفرض حينما تظن أي جماعة أنها أقوى أو منتصرة على الطرف الآخر أو أنها فوق الجميع أو أحق منهم بشيء، لذلك نتمنى أن تكون «المعارضة» هذه المرة جادة فعلاً في ترحيبها بالحوار الذي أعلنت استعدادها للمشاركة فيه، وألا يكون ذلك فقط للترويج الخارجي أو مراوغة سياسية أخرى!!
كما ولا يجب أن تعيقنا ما ذهبت إليه بعض التحليلات من أن «المعارضة» اليوم هي من تقع في مأزق وتحتاج للحوار أكثر من غيرها، وأن هذه الدعوة جاءتها على طبق من ذهب، وأن الحوار سيكون مخرجاً لها من حالة الجمود التي وصلت إليه بعدما اتضحت للعالم حقيقة الأزمة، فرغم أن هذا الكلام قد يكون صحيحاً لكن الحقيقة الأكثر وضوحاً والأهم؛ أن البحرين بكل مكوناتها وأطيافها وأطرافها وفئاتها، البحرين وطناً وقيادة وشعباً تحتاج الخروج من هذه الأزمة والدفع بالمسيرة من جديد إلى سكة العمل الوطني الجاد والجامع، ولا مناص لها للوصول لذلك إلا الحوار رغم كل التحديات.
إننا اليوم أمام فرصة جديدة لكي نمنع المزيد من الانزلاق إلى الهاوية التي تهدد جميع المصالح الوطنية، وهو ما أكد عليه سمو ولي العهد خلال افتتاح «حوار المنامة»، وأكد أيضاً أن الحلول الأمنية لا يمكن أن تشكل بديلاً للحوار القادر على تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة لكل الأطراف، بعد أن قاربنا فعلاً «الوقوع في خانة الطائفية الخطرة والانتماءات القومية الخاطئة والانعزالية» التي أشار إليها سموه وحذر من أن «التاريخ يعلمنا بأن الفشل لن يكون بعيداً».
ومازالت الفقرة التي تكلم فيها سموه بكل وضوح وجرأة عن أن الغالبية من الناس اليوم لا تعيش بأمن وأمان حقيقيين، تتردد في أذني لأنها تعكس واقع الحال دون مراوغات أو محاولات لتجميل الحقيقة، وأعتقدها أكثر ما لامس قلوب وعقول عامة الناس، فسموه قال «هناك أغلبية صامتة هنا في مملكة البحرين يشعرون بأن صوتهم غير مسموع، هم الذين يذهبون للنوم في الليل بدون وجود حراسة على أبوابهم، وهم الذين يعيشون في مجتمعات مختلطة، التي تمثل مختلف الطوائف والإثنيات والمعتقدات السياسية، إنهم هم الذين يجب عليهم أن يعيشوا بشكل يومي مع الخوف من اندلاع نزاع طائفي قد يضر بهم وبمصالحهم ومستقبلهم أو مستقبل أبنائهم في أي وقت ولا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك»، وهنا أسأل الجميع أليس ذلك صحيحاً وصادقاً وواقعياً؟!
لذلك يجب أن تعي جميع الأطراف ألا مجال للمزايدات، وأول الخطوات التي لابد أن تتخذ هي إدانة العنف في الشارع بوضوح تام دون مراوغة أو محاولة لتبريره أو إعطائه أي غطاء، ولا يمكن حتى الصمت عنه أو عن مرتكبيه، الصمت ليس خياراً مطروحاً في هذه المرحلة!! فلابد لقوى «المعارضة ورموزها» أن تبادر إلى إدانة العنف وتسعى لإيقافه، ويجب على كل الأطراف تقنين الخطاب وتوجيهه لما يمهد الطريق نحو توفير متطلبات بدء هذا الحوار، ومن المهم كذلك أن تقود النخب «السياسية والدينية والاجتماعية» الشارع وتتصدي للراديكاليين ومراهقي السياسة وأبطال المواقع الاجتماعية الوهميين والعابثين، ولابد أن نفطن إلى أن الأزمة خلقت فرصاً للمستفيدين وأصحاب المصالح الفئوية ودعاة الطائفية ويجب أن نقطع الطريق أمامهم كي لا يضعوا المتاريس في العجلة مرة أخرى.
شريط إخباري..
كل ذلك مهم؛ لكن الأهم أن تعي «المعارضة» أنها تتحمل الوزر الأكبر لكل ما حدث، وأنها أضاعت العديد من الفرص الثمينة وأن عليها ألا تضيع المزيــد منهــا.