للأسف نعم ، ففي البحرين اليوم يسقط قتلى، يطلق عليهم أهلوهم وأحباؤهم صفة شهداء، ويسقط جرحى، ولعله بات غريباً أن يمر يوم دون حوادث هنا أو هناك، بسبب مواجهات بين متظاهرين يرفعون مطالب معينة، ورجال أمن يسعون إلى فرض النظام وتوفير الحماية للجميع، حيث يتعرض المنتمون للطرفين، ويتعرض من أوجدته الصدفة في المكان، ولا علاقة له بما يدور فيه، لإصابات يحدث أن يكون بعضها قاتل.
للأسف الشديد، فإن هذا يحدث اليوم في بحريننا، التي ظلت طويلاً هادئة آمنة، وأهلها مسالمون يستوعبون الآخر، قريباً كان أم بعيداً، ويتعايشون رغم كل الاختلافات في الأصول والأعراق والأديان والمذاهب والمعتقدات والتفكير السياسي.
لكن ما الغريب في سقوط ضحايا في وضع كالذي صرنا فيه؟ الأمر الطبيعي هو أن يحدث ذلك. في مشاجرة عادية بين اثنين اختلفا على أمر بسيط يمكن أن يسقط جرحى، وقد تحدث وفاة لأحد الطرفين «المتهاوشين» أو كليهما أو بعض المتواجدين في المكان، ممن قرروا أن يفكوا بينهما أو يتدخلوا أو حتى توقفوا ليتابعوا فصول المشاجرة. فإذا كان من الطبيعي سقوط ضحايا في مشاجرة عادية كهذه، فكيف لا يسقط ضحايا في مواجهات يومية عنوانها العنف وتحكمها الانفعالات ويشارك فيها المئات؟
استعراض سريع لأفلام الفيديو القصيرة التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بتبين مدى العنف الذي يمارس في الشارع، ويعرّض حياة الجميع من دون استثناء للخطر، بمن فيهم أولئك الشباب الذين يبالغون في استخدام زجاجات المولوتوف، والتي يقذفون بالمئات منها في الهجمة الواحدة على رجال الأمن وسياراتهم.
في وضع كهذا، من الطبيعي سقوط ضحايا، جرحى وقتلى، ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك آلام، بعضها قد يبرأ بعد حين، كونه متعلقاً بالجسد، وبعضه قد لا يبرأ أبداً كونه نفسياً، فالأخير هذا من الآلام التي يصعب أن يبرأ منها من أصيب بها، ولا تولّد إلا الأحقاد التي تنتقل في كل الأحوال للأجيال المقبلة.
نعم ، لسنا في حرب، ولكن ما يجري في الشارع اليوم في بحريننا لا ينتج سوى الألم وسوى المآسي، التي لا تليق بشعب متحضر كشعب البحرين. حتى الحوار الذي توقعنا أن يصاحبه هدوء في الشارع، وتوقف عن أعمال العنف، يكاد أن يلفظ أنفاسه، بسبب انسحابات من هذا الطرف أو ذاك، وبسبب ضغوط كبيرة يمارسها البعض غير المؤمن بالحوار على بعض المشاركين، لينسحبوا منه وليتواصل مشوار العنف الذي لم يتوقف وليزداد.
لعل البعض يقول إن على رجال الأمن أن يتوقفوا عن التعامل مع المتظاهرين، وهذا قول طيب ولكنه غير ممكن، فكما إنه غير ممكن في كل بلدان العالم، لذلك فإنه غير ممكن في البحرين أيضاً، بل هو غير ممكن حتى في الدول التي اختارها البعض نموذجاً يفاخر به، كما إنه ليس من المنطق وقوف رجال الأمن سلبيين أمام شباب لا يترددون عن قذفهم بكل ما تصله أيديهم من أدوات قد تفضي إلى الموت.
ما ينبغي أيضاً أخذه في الحسبان هو أن رجال الأمن في كل الأحوال بشر ينفعلون كما ينفعل الآخرون، وتختلف ردود أفعالهم باختلاف شخصياتهم، وباختلاف المواقف التي يصيرون فيها، وبالتالي قد يحدث أن يتصرف بعضهم تصرفاً شخصياً، هو نتيجة تقديره اللحظي للتعامل مع الموقف، فيؤدي تصرفه ذلك إلى تجاوز القانون وتجاوز الأوامر. ليس هذا تبريراً لتصرفات بعض رجال الأمن، ولكنه واقع تفرضه ظروف الموقف، وهذا يعني أنه ليس بالضرورة توفر نية القتل أو إحداث الإصابة المفضية إلى الموت.
حقيقة ينبغي أن ندركها جيداً، لن يتغير الحال إلا عبر طاولة الحوار والهدوء، فهل يمكن ذلك؟
{{ article.visit_count }}
للأسف الشديد، فإن هذا يحدث اليوم في بحريننا، التي ظلت طويلاً هادئة آمنة، وأهلها مسالمون يستوعبون الآخر، قريباً كان أم بعيداً، ويتعايشون رغم كل الاختلافات في الأصول والأعراق والأديان والمذاهب والمعتقدات والتفكير السياسي.
لكن ما الغريب في سقوط ضحايا في وضع كالذي صرنا فيه؟ الأمر الطبيعي هو أن يحدث ذلك. في مشاجرة عادية بين اثنين اختلفا على أمر بسيط يمكن أن يسقط جرحى، وقد تحدث وفاة لأحد الطرفين «المتهاوشين» أو كليهما أو بعض المتواجدين في المكان، ممن قرروا أن يفكوا بينهما أو يتدخلوا أو حتى توقفوا ليتابعوا فصول المشاجرة. فإذا كان من الطبيعي سقوط ضحايا في مشاجرة عادية كهذه، فكيف لا يسقط ضحايا في مواجهات يومية عنوانها العنف وتحكمها الانفعالات ويشارك فيها المئات؟
استعراض سريع لأفلام الفيديو القصيرة التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بتبين مدى العنف الذي يمارس في الشارع، ويعرّض حياة الجميع من دون استثناء للخطر، بمن فيهم أولئك الشباب الذين يبالغون في استخدام زجاجات المولوتوف، والتي يقذفون بالمئات منها في الهجمة الواحدة على رجال الأمن وسياراتهم.
في وضع كهذا، من الطبيعي سقوط ضحايا، جرحى وقتلى، ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك آلام، بعضها قد يبرأ بعد حين، كونه متعلقاً بالجسد، وبعضه قد لا يبرأ أبداً كونه نفسياً، فالأخير هذا من الآلام التي يصعب أن يبرأ منها من أصيب بها، ولا تولّد إلا الأحقاد التي تنتقل في كل الأحوال للأجيال المقبلة.
نعم ، لسنا في حرب، ولكن ما يجري في الشارع اليوم في بحريننا لا ينتج سوى الألم وسوى المآسي، التي لا تليق بشعب متحضر كشعب البحرين. حتى الحوار الذي توقعنا أن يصاحبه هدوء في الشارع، وتوقف عن أعمال العنف، يكاد أن يلفظ أنفاسه، بسبب انسحابات من هذا الطرف أو ذاك، وبسبب ضغوط كبيرة يمارسها البعض غير المؤمن بالحوار على بعض المشاركين، لينسحبوا منه وليتواصل مشوار العنف الذي لم يتوقف وليزداد.
لعل البعض يقول إن على رجال الأمن أن يتوقفوا عن التعامل مع المتظاهرين، وهذا قول طيب ولكنه غير ممكن، فكما إنه غير ممكن في كل بلدان العالم، لذلك فإنه غير ممكن في البحرين أيضاً، بل هو غير ممكن حتى في الدول التي اختارها البعض نموذجاً يفاخر به، كما إنه ليس من المنطق وقوف رجال الأمن سلبيين أمام شباب لا يترددون عن قذفهم بكل ما تصله أيديهم من أدوات قد تفضي إلى الموت.
ما ينبغي أيضاً أخذه في الحسبان هو أن رجال الأمن في كل الأحوال بشر ينفعلون كما ينفعل الآخرون، وتختلف ردود أفعالهم باختلاف شخصياتهم، وباختلاف المواقف التي يصيرون فيها، وبالتالي قد يحدث أن يتصرف بعضهم تصرفاً شخصياً، هو نتيجة تقديره اللحظي للتعامل مع الموقف، فيؤدي تصرفه ذلك إلى تجاوز القانون وتجاوز الأوامر. ليس هذا تبريراً لتصرفات بعض رجال الأمن، ولكنه واقع تفرضه ظروف الموقف، وهذا يعني أنه ليس بالضرورة توفر نية القتل أو إحداث الإصابة المفضية إلى الموت.
حقيقة ينبغي أن ندركها جيداً، لن يتغير الحال إلا عبر طاولة الحوار والهدوء، فهل يمكن ذلك؟