رغم حدة تفجيرات العدلية والقضيبية التي وقعت مؤخراً وأهمية تداعياتها وما ترتب عليها من قرارات ونتائج، إلا أن السفير الأمريكي في المنامة مازال ملتزماً الصمت حيالها متبعاً منهجاً دبلوماسياً للغاية يعتمد على التصريحات المقتضبة التي تصدر عن الخارجية الأمريكية بشأن الأوضاع في البحرين. حيث يلاحظ أن السفير تجنب بشكل واضح وسائل الإعلام ولم يدلِ بتعليقات صريحة إزاء التطورات الجارية، وهو أمر قد يبدو غير اعتيادي.
تتناقل بعض الأوساط ما يحاول السفير الأمريكي الترويج له عندما وقعت التفجيرات بالعاصمة بأنها «تفجيرات مفتعلة ومدبرة من الحكومة!». هذه الأنباء يؤكدها موقف الجماعات الراديكالية عبر جمعياتها السياسية مثل الوفاق ووعد وغيرها التي بدأت فور الانفجارات الترويج للمطالبة بلجنة مستقلة للتحقيق في الانفجارات، وتحاول التشكيك في مصداقيتها وأسبابها والدوافع وراءها، بل من يقف وراءها؟
هذه المحاولات يتردد أن السفير جراكيسكي هو من ابتكرها وطرحها لدى الجماعات الراديكالية من خلال اجتماعاته المستمرة مع الوفاق وغيرها من فعاليات هذه الجماعات. وحاولت «الوطن» الاستفسار من السفير نفسه حول صحة هذه الأنباء إلا أنه لم يعلق عليها، بل لم تحصل الصحيفة حتى الآن على رد رسمي من السفارة الأمريكية رغم المحاولات المستمرة.
ما الهدف من وراء تسويق فكرة أن التفجيرات التي حدثت «مفتعلة من الحكومة»؟
لنتتبع المواقف، بدأت من خلال موقف جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» التي كانت السباقة من بين الجماعات الراديكالية في إصدار بيان خاص بتلك التفجيرات، وطالبت بـ»تحقيق شفاف وواضح للوقوف على حقيقة التفجيرات، مؤكدة على أن توتير الوضع الأمني لا يحل الأزمات والمشكلات السياسية والاجتماعية في البلاد». وقالت إن «الانزلاق نحو المربع الأمني يقود البلاد إلى المزيد من تعقيد المشهد السياسي ويؤدي إلى خسائر هائلة وعلى كافة الصعد ولن يكسب أحد البتة من عمليات التوتير والتصعيد الأمني».
أما جمعية الوفاق فطالبت بـ»وجود جهات مستقلة للتحقيق في هذه الحوادث المزعومة والحوادث التي قبلها، وفتح الباب لوجود جهات إعلامية وحقوقية ذات مصداقية للمساهمة في تقديم الحقيقة للرأي العام». مؤكدة أنه «نتيجة لعدم وجود جهات إعلامية أو حقوقية مستقلة فإنه يتعذر الوقوف على حقيقة الحوادث التي يتم تناقلها من ناحية حدوثها أو عدمه ومن يقف خلفها في حال حدوثها».
انتهى مسار تكوين الصورة الإعلامية المشككة في التفجيرات إلى خطبة عيسى قاسم الجمعة الماضية عندما حاول إدانة العنف، ولكنه لم يدن استهداف رجال الأمن، ولم يعتذر أو يتنصل من الفتوى التي أصدرها في وقت لاحق من العام الجاري والشهيرة بـ»اسحقوهم».
إذاً؛ فكرة الموقف المشكك في مصداقية التفجيرات والذي يتهم الدولة بالوقوف وراءها بدأت من السفير الأمريكي توماس جراكيسكي، ثم انتقلت للجماعات الراديكالية، ووصلت إلى عيسى قاسم ليعطيها بعداً دينياً من على منبره الديني، ويبدو فعلاً أن هذا ما حدث.
الهدف من الفكرة التي ابتكرها السفير الأمريكي لا تقوم على مجرد اتهام الدولة بأنها تقف وراء تفجيرات مفتعلة، بل هي أكبر من ذلك بكثير.
فالسفير الذي يملك خبرة واسعة في إدارة الصراعات في المجتمعات المنقسمة بهدف التغيير السياسي عندما كان مستشاراً سياسياً للحاكم الأمريكي بعد غزو العراق، يدرك جيداً أن الصراع يتطلّب استمرار سيطرة القوى السياسية التي يدعمها ممثلة في الجماعات الراديكالية «الوفاق، وعد.. إلخ» على الجمهور، فمتى ما تمت السيطرة عليه تمكن من ضمان استمرار الصراع لصالح الكفة التي يدعمها نحو التغيير السياسي المنشود.
الأمر الذي يتطلّب التشكيك الدائم في سياسات ومواقف الحكومة وفقاً لمعادلة «الخطأ والصواب»، بحيث تكون مخرجات المواقف والسياسات الحكومية خاطئة دائماً، وتبقى مخرجات المواقف وسياسات الجماعات الراديكالية هي الصواب بالنسبة للجمهور طبعاً مهما كانت الظروف.
بذلك يكون السفير الأمريكي قد تمكن من خداع جماهير الوفاق وكذلك الحكومة التي يتفاعل معها دائماً ويحاول تعزيز «علاقات بلاده معها»، ومعروفة هي النتائج التي يسعى لتحقيقها من وراء هذه العلاقات.
{{ article.visit_count }}
تتناقل بعض الأوساط ما يحاول السفير الأمريكي الترويج له عندما وقعت التفجيرات بالعاصمة بأنها «تفجيرات مفتعلة ومدبرة من الحكومة!». هذه الأنباء يؤكدها موقف الجماعات الراديكالية عبر جمعياتها السياسية مثل الوفاق ووعد وغيرها التي بدأت فور الانفجارات الترويج للمطالبة بلجنة مستقلة للتحقيق في الانفجارات، وتحاول التشكيك في مصداقيتها وأسبابها والدوافع وراءها، بل من يقف وراءها؟
هذه المحاولات يتردد أن السفير جراكيسكي هو من ابتكرها وطرحها لدى الجماعات الراديكالية من خلال اجتماعاته المستمرة مع الوفاق وغيرها من فعاليات هذه الجماعات. وحاولت «الوطن» الاستفسار من السفير نفسه حول صحة هذه الأنباء إلا أنه لم يعلق عليها، بل لم تحصل الصحيفة حتى الآن على رد رسمي من السفارة الأمريكية رغم المحاولات المستمرة.
ما الهدف من وراء تسويق فكرة أن التفجيرات التي حدثت «مفتعلة من الحكومة»؟
لنتتبع المواقف، بدأت من خلال موقف جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» التي كانت السباقة من بين الجماعات الراديكالية في إصدار بيان خاص بتلك التفجيرات، وطالبت بـ»تحقيق شفاف وواضح للوقوف على حقيقة التفجيرات، مؤكدة على أن توتير الوضع الأمني لا يحل الأزمات والمشكلات السياسية والاجتماعية في البلاد». وقالت إن «الانزلاق نحو المربع الأمني يقود البلاد إلى المزيد من تعقيد المشهد السياسي ويؤدي إلى خسائر هائلة وعلى كافة الصعد ولن يكسب أحد البتة من عمليات التوتير والتصعيد الأمني».
أما جمعية الوفاق فطالبت بـ»وجود جهات مستقلة للتحقيق في هذه الحوادث المزعومة والحوادث التي قبلها، وفتح الباب لوجود جهات إعلامية وحقوقية ذات مصداقية للمساهمة في تقديم الحقيقة للرأي العام». مؤكدة أنه «نتيجة لعدم وجود جهات إعلامية أو حقوقية مستقلة فإنه يتعذر الوقوف على حقيقة الحوادث التي يتم تناقلها من ناحية حدوثها أو عدمه ومن يقف خلفها في حال حدوثها».
انتهى مسار تكوين الصورة الإعلامية المشككة في التفجيرات إلى خطبة عيسى قاسم الجمعة الماضية عندما حاول إدانة العنف، ولكنه لم يدن استهداف رجال الأمن، ولم يعتذر أو يتنصل من الفتوى التي أصدرها في وقت لاحق من العام الجاري والشهيرة بـ»اسحقوهم».
إذاً؛ فكرة الموقف المشكك في مصداقية التفجيرات والذي يتهم الدولة بالوقوف وراءها بدأت من السفير الأمريكي توماس جراكيسكي، ثم انتقلت للجماعات الراديكالية، ووصلت إلى عيسى قاسم ليعطيها بعداً دينياً من على منبره الديني، ويبدو فعلاً أن هذا ما حدث.
الهدف من الفكرة التي ابتكرها السفير الأمريكي لا تقوم على مجرد اتهام الدولة بأنها تقف وراء تفجيرات مفتعلة، بل هي أكبر من ذلك بكثير.
فالسفير الذي يملك خبرة واسعة في إدارة الصراعات في المجتمعات المنقسمة بهدف التغيير السياسي عندما كان مستشاراً سياسياً للحاكم الأمريكي بعد غزو العراق، يدرك جيداً أن الصراع يتطلّب استمرار سيطرة القوى السياسية التي يدعمها ممثلة في الجماعات الراديكالية «الوفاق، وعد.. إلخ» على الجمهور، فمتى ما تمت السيطرة عليه تمكن من ضمان استمرار الصراع لصالح الكفة التي يدعمها نحو التغيير السياسي المنشود.
الأمر الذي يتطلّب التشكيك الدائم في سياسات ومواقف الحكومة وفقاً لمعادلة «الخطأ والصواب»، بحيث تكون مخرجات المواقف والسياسات الحكومية خاطئة دائماً، وتبقى مخرجات المواقف وسياسات الجماعات الراديكالية هي الصواب بالنسبة للجمهور طبعاً مهما كانت الظروف.
بذلك يكون السفير الأمريكي قد تمكن من خداع جماهير الوفاق وكذلك الحكومة التي يتفاعل معها دائماً ويحاول تعزيز «علاقات بلاده معها»، ومعروفة هي النتائج التي يسعى لتحقيقها من وراء هذه العلاقات.