لا يوجد من تفسير لما جاء في الخطبة الأخيرة لمن قال ذات يوم وهو في حالة (هسترة.. اسحقوهم) من محاولة التنصل وإلقاء رداء العنف والإرهاب وقتل الناس في الشوارع إلا تفسير واحد قريب والآخر بعيد.
الأول هو الخوف من أن يكون إجراء سحب الجنسية سيأتي عليه هو، وبخاصة أنه ممن حصلوا على الجنسية في الستينيات، وبالتالي فإن سحب الجنسية عنه ليس ببعيد كخيار قانوني من بعد ما قام ويقوم به من دور بارز ظاهر وباطن في دعم العنف والتحريض عليه.
التفسير البعيد هو أنه ربما يريد أن يقول للخارج من خلال خطبته وتوثيقها أنه يدين العنف، ولا يدعو له والدليل على ذلك خطبته الأخيرة، وهذا التفسير قد يكون أيضاً من ضمن تفسيرات ما جاء في الخطبة الأخيرة.
حتى وإن كان يعلم الخطيب أن وزارة العدل والوزير نفسه يملك ملفاً موثقاً لكل عبارات وإشارات وكلمات ومفردات العنف والتحريض التي جاءت على لسان (اسحقوهم) وقد عرض الوزير جزءاً من ذلك في جمعية الصحفيين.
ما يحصل لأهل البحرين اليوم هو كما مقولة: (البحر من أمامكم.. والعدو من خلفكم) الفساد أمامنا والإرهاب خلفنا، وهذه أزمة مريرة قاسية جداً على أهل البحرين، فيكفيهم ما هم فيه من حالة الإرهاب التي تضرب البحرين منذ سنوات والدولة تتفرج دون استراتيجيات.
بينما الفساد أقدم من الإرهاب وخطره في تقديري يساوي خطر الإرهاب، مؤلم لنا جميعاً أن يكون لدينا فساد، وليس لدينا مفسدون، لدينا فساد يشبه الرسوم المتحركة (كاسبر) شيء هلامي لا يمكن أن تمسكه، ولا تمسك من صنعه.
تقارير الرقابة جرح في ضمير أهل البحرين، وهي لا تحوي إلا 30% من الفساد الفعلي، وحين نقول فساد فإن هذا يعني أن قدراً كبيراً من المال العام ومقدرات الوطن تذهب في جيوب أفراد، وكل هذا تتفرج عليه الدولة، ولا تضرب عليه بيد من حديد.
فساد الوزارات يتم التستر عليه ولا يقدم أي مسؤول للمحاسبة وتقرير الرقابة به من الفضائح ما يجعلنا نقول (كل هذا يحصل في زمن المحاسبة والرقابة والقانون)؟
تعب أهل البحرين من انتظار مجلس النواب أن تكون له مبادرة محاسبة، وبسبب عجز المجلس التام، ذهبوا إلى إلقاء المسؤولية على رئيس ديوان الرقابة المالية (حتى وإن كان هناك جزء من المسؤولية عليه) إلا أن مسؤولية المحاسبة والرقابة هي مسؤولية مجلس النواب.
إلقاء الكرة في ملعب رئيس ديوان الرقابة المالية يظهر العجز التام من المجلس للقيام بدوره الحقيقي الذي ينتظره المواطن والناخب من النائب.
ألم المواطن كبير ولا يشعر به أحد، ألم المواطن من الإرهاب والمحرضين، الدولة تحاول القبض على من يرهب، وتترك المحرض، وألمه في قضايا الفساد، ينشر الفساد ويعلمه الجميع، لكن لا أحد مدان بالفساد، هذه المعادلة قاسية ومريرة جداً على المواطن.
تحتاج الدولة إلى معالجة قانونية للقضيتين، لا يمكن أن يكون هناك فساد ولا يوجد مفسدون، فبعد فضيحة مستشفى الملك حمد وكل الضجة والعشر سنوات، تمت إحالة كبش فداء واحد للقضاء، وهذا يظهر مدى حجم كوارثنا الحقيقية، لا أحد يحاسب أحداً، والأكثر مرارة أن يتم تدوير المفسدين (نشيله من هالوزارة، ونحطه في الشورى أو هيئة) وهكذا بدل المعاقبة والمحاسبة نعيد تنصيبه في منصب آخر و(انقوله): (تفضل ابتدي بس بسكات لا أحد يدري).
أما الإرهاب فإن هناك الكثير من الأمور التي تدعم الإرهاب أولها التحريض والفتوى، والثاني هو مال الخمس الذي لا تراقبه الدولة، أو المال الذي يأتي من الخارج، أو أموال بعض التجار، وأيضاً التدريب بالخارج على العمليات، كل ذلك يشغل محرك الإرهاب، ونحن كشعب ندفع ثم ما يفعله بنا «ترس الإرهاب» و»ترس الفساد» ننطحن في الوسط، ولا نعلم إلى متى..؟
^ خطة عمل لسارق الدجاج!!
ارتكب سارق الدجاج أخطاء جعلته يسجن عاماً ونصف، فلو أراد أن يسرق هذا العدد من الدجاج (وبالتأكيد يحتاجون إلى ديكة) فقد كان من المفترض أن يفعلها من داخل إحدى الوزارات، لو فعلها لما حاسبه أحد، فقط سيقولون عنه في ديوان الرقابة أن أحد الموظفين (دون ذكر اسمه طبعاً) سرق دجاجاً، وهذا ليس مكلفاً.
السرقة خارج الوزارات تفضي إلى السجن، على من يريد أن يتعلم من تقرير الرقابة أن يدرسه تماماً.
مجلس مناقصات، ديوان الرقابة إدارية ومالية، نيابة عامة، قضاء، برلمان وشورى، لكن ما شاء الله الجماعة ماشية أمورهم، كل شي تمام.. وتقرير الرقابة كل عام يكبر.. الله يرحمنا برحمته..!