رغم الألم الذي يعيشه السوريون في ظل قسوة غير مسبوقة من السلطة السياسية وعجزها عن إيجاد مخرج سلمي سياسي للأزمة التي طالت وأكلت آلاف الضحايا، فإنه من الواضح أن هنالك قراراً بترك الحبل على الغارب في هذا البلد حتى يتم تدميره بشكل كامل، بدءًا بتهشيم الدولة السورية، ومروراً بتدمير البنية الاجتماعية- الاقتصادية، ووصولاً إلى التفكيك الجغرافي على النمط الذي أنجزه الأمريكان في العراق بالتعاون مع الإيرانيين بتكلفة بشرية وعسكرية ومالية ضخمة.
واستخلاصاً من الدرس العراقي الذي كلف الخزينة الأمريكية مئات المليارات، وأكثر من 5 آلاف قتيل، فإن المطلوب هذه المرة هو إنجاز نفس المستوى من التدمير (وربما أكثر وأوسع مجالاً) بدون تكلفة بشرية أو مالية على حساب الأمريكان، إلا من لحم الشعب السوري ومن مقدراته ومن وحدته وأرضه واستقلاله.
ومن مظاهر هذه الإرادة الإبقاء على حالة «تبادل التدمير» بين طرفي النزاع داخل سوريا (المعارضة المسلحة التي تريد إسقاط النظام بالقوة المسلحة، والنظام السياسي المتمسك بالبقاء إلى آخر رمق)، وتهدف هذه الآلية الحالية إلى ألا يكون هنالك منهزم أو منتصر على المدى الفوري (لأن الانتصار أو الهزيمة لأحد الطرفين يعني اختصار الخسائر السورية وتقليل مدى ومجال التدخل الخارجي)، بما يمدد في حالة التدمير والتآكل وبناء شبكة الحقد المتبادل والانتقام وتعزيز الطائفية ليس على صعيد القطر السوري فحسب؛ بل على صعيد المنطقة أيضاً، وذلك من خلال استمرار الفرجة السياسية على ما يحدث دون إرادة دولية للمساعدة على إيجاد حل حقيقي وسريع لهذه الأزمة، بعكس ما حدث في الحالة اليمنية على سبيل المثال، ومن ذلك أيضاً الحرص على استكمال دائرة التدمير البنيوي للإنسان السوري، من خلال تشكيكه في الثوابت المرتبطة بهويته العربية، وإدخاله على خط التناحر الطائفي والإثني على النمط الذي تم إحياؤه في العراق أيام بريمر.
إلا أنه من المهم القول إن سوريا المقسمة طائفياً وقومياً والمثقلة بسلاح الفوضى -على النمط العراقي- هي أسوأ على الجميع من سوريا الموحدة تحت سلطة البعث أو تحت سلطة الجيش حتى، فالتفكيك والتقسيم لن يساهما مطلقاً في تأمين الاستقرار الذي يتحدث عنه الأمريكان والأوربيون، والتجربة العراقية سيئة الصيت أكبر دليل على ذلك. فمنذ تم احتلال العراق لم نشهد سوى القتل اليومي المتبادل ومئات المليارات من الدولارات ومئات الآلاف من القتلى العراقيين وآلاف القتلى الأمريكان الذين ذهبوا هباء، وعشرات الخطط العسكرية والبرامج والحكومات العراقية المتعاقبة التي لم تنجح بعد في استعادة العراق ما قبل الاحتلال حتى، لم تفلح جميعها في استعادة الاستقرار واستعادة أهم مقومات الحياة (الأمن والغذاء والكهرباء والماء)، بل إن العراق اليوم هو أكثر خطورة من أي مكان آخر في العالم، فهو ساحة مفتوحة للحرب والاقتتال الطائفي وتصفية الحسابات الانتقامية، يتداخل فيها السياسي بالطائفي بالإجرامي والإرهابي.
وفي الخلاصة فإنه من الواضح تماماً أن الخطة اللعينة التي تستهدف التدمير المنهجي لسوريا، تريد في النهاية أن يكون الشغل الشاغل للسوريين خلال الثلاثين سنة القادمة هو توفير لقمة العيش والحصول على الحد الأدنى من الكهرباء والماء اليومي، وليتحقق ذلك لابد من ترك سوريا لتدمير نفسها بنفسها مؤقتاً.
{{ article.visit_count }}
واستخلاصاً من الدرس العراقي الذي كلف الخزينة الأمريكية مئات المليارات، وأكثر من 5 آلاف قتيل، فإن المطلوب هذه المرة هو إنجاز نفس المستوى من التدمير (وربما أكثر وأوسع مجالاً) بدون تكلفة بشرية أو مالية على حساب الأمريكان، إلا من لحم الشعب السوري ومن مقدراته ومن وحدته وأرضه واستقلاله.
ومن مظاهر هذه الإرادة الإبقاء على حالة «تبادل التدمير» بين طرفي النزاع داخل سوريا (المعارضة المسلحة التي تريد إسقاط النظام بالقوة المسلحة، والنظام السياسي المتمسك بالبقاء إلى آخر رمق)، وتهدف هذه الآلية الحالية إلى ألا يكون هنالك منهزم أو منتصر على المدى الفوري (لأن الانتصار أو الهزيمة لأحد الطرفين يعني اختصار الخسائر السورية وتقليل مدى ومجال التدخل الخارجي)، بما يمدد في حالة التدمير والتآكل وبناء شبكة الحقد المتبادل والانتقام وتعزيز الطائفية ليس على صعيد القطر السوري فحسب؛ بل على صعيد المنطقة أيضاً، وذلك من خلال استمرار الفرجة السياسية على ما يحدث دون إرادة دولية للمساعدة على إيجاد حل حقيقي وسريع لهذه الأزمة، بعكس ما حدث في الحالة اليمنية على سبيل المثال، ومن ذلك أيضاً الحرص على استكمال دائرة التدمير البنيوي للإنسان السوري، من خلال تشكيكه في الثوابت المرتبطة بهويته العربية، وإدخاله على خط التناحر الطائفي والإثني على النمط الذي تم إحياؤه في العراق أيام بريمر.
إلا أنه من المهم القول إن سوريا المقسمة طائفياً وقومياً والمثقلة بسلاح الفوضى -على النمط العراقي- هي أسوأ على الجميع من سوريا الموحدة تحت سلطة البعث أو تحت سلطة الجيش حتى، فالتفكيك والتقسيم لن يساهما مطلقاً في تأمين الاستقرار الذي يتحدث عنه الأمريكان والأوربيون، والتجربة العراقية سيئة الصيت أكبر دليل على ذلك. فمنذ تم احتلال العراق لم نشهد سوى القتل اليومي المتبادل ومئات المليارات من الدولارات ومئات الآلاف من القتلى العراقيين وآلاف القتلى الأمريكان الذين ذهبوا هباء، وعشرات الخطط العسكرية والبرامج والحكومات العراقية المتعاقبة التي لم تنجح بعد في استعادة العراق ما قبل الاحتلال حتى، لم تفلح جميعها في استعادة الاستقرار واستعادة أهم مقومات الحياة (الأمن والغذاء والكهرباء والماء)، بل إن العراق اليوم هو أكثر خطورة من أي مكان آخر في العالم، فهو ساحة مفتوحة للحرب والاقتتال الطائفي وتصفية الحسابات الانتقامية، يتداخل فيها السياسي بالطائفي بالإجرامي والإرهابي.
وفي الخلاصة فإنه من الواضح تماماً أن الخطة اللعينة التي تستهدف التدمير المنهجي لسوريا، تريد في النهاية أن يكون الشغل الشاغل للسوريين خلال الثلاثين سنة القادمة هو توفير لقمة العيش والحصول على الحد الأدنى من الكهرباء والماء اليومي، وليتحقق ذلك لابد من ترك سوريا لتدمير نفسها بنفسها مؤقتاً.