في المقال السابق تحدثنا عن سياسة التدخل والهيمنة الأمريكية، ووعدنا فيه بالإجابة عن عدد من التساؤلات في بضع مقالات قادمة فيما يتعلق بالفكر السياسي الأمريكي والإسرائيلي إزاء منطقة الشرق الأوسط. ويجيب هذا المقال تحديداً عن تساؤلات الجانب اللاهوتي في ذلك الفكر التدميري المنسوب إلى نبوءات التوراة والإنجيل، والمتمثل في صنيع القادة الأمريكيين في المنطقة فضلاً عما يفعله الإسرائيليون من إبادة للشعب الفلسطيني إعداداً لمعركة (هرمجدون) التي سنتناولها بمزيد من التفصيل في مقالة لاحقة، والتي يقتضي الإيمان بها ذبح المسلمين على أرض الميعاد وتقديمهم كقرابين للرب.!! ولنفس السبب خاضت أمريكا حربها على العراق لتكون على مقربة من أرض المعركة الأخيرة –المرتبطة بنهاية العالم- وفقاً لما جاء في “سفر الرؤيا” عن بداية هرمجدون في أرض الفرات.
ولكن.. ما هو “سفر الرؤيا” أو “سفر يوحنا” وبقية الأسفار الأخرى، كسفر دانيال وحزقيال وغيرهما؟! إنها أسفار العهد الجديد من الكتاب المقدس الإنجيل، والتي تقتضي بذكر ألغاز وأحاجي بداية النهاية -نهاية الكرة الأرضية- وقد جاء تلخيص سفر الرؤيا نقلاً عن “جوناثان كيرش” مؤلف كتاب “تاريخ نهاية العالم” أن النهاية بالنسبة للمسيحي التقي تشير إلى سيناريو يوصف بتفاصيل مخيفة تخلع القلوب في أكثر أسفار الكتاب المقدس إثارة للفزع، و”المشهد المخيف الذي يستحضره كاتب النص يصور الرب والشيطان والحمل والوحش وعاهرة وامرأة تضع حملها، وملائكة وشياطين بأعداد لا حصر لها”.
ويعد “سفر الرؤيا” فكرة يهودية صرفة لما ستكون عليه مملكة المسيح، ولعل ما يثير الغرابة أن كاتب سفر الرؤيا كان يهودي المولد والنشأة ويوصف بأنه “حاخام مسيحي”، ويعد مجدداً راديكالياً لليهودية.
ونجد سفر الرؤيا متأصلاً في التاريخ اليهودي والسياسة اليهودية واللاهوت اليهودي حتى وصف بأنه “وثيقة يهودية ذات لمسة مسيحية طفيفة”، ولطالما كان مضمون ما جاء فيه مصدر حيرة للقارئ المعتدل الواعي بدءاً من عصر الأناجيل وامتداداً دون انقطاع إلى عصرنا الراهن.
ومن أكثر ما اشتهر به سفر الرؤيا -على خلاف بقية الأناجيل- افتقاره للرحمة والمحبة؛ فهو نص للعقاب مليء بالحقد والنقمة، وحاد في تطلعه للثأر الدامي من الأعداء. وقد وصف في بعض المراجع أنه من وحي الرب أو عمل أدبي كبير لكاتب موهوب وحذر من البشر، أو تهاويم مهووس ديني خرف، كما رفضه “جورج برناردشو” باعتباره “سجلاً غريباً لرؤى مدمن مخدرات”، أو كما وصفه “توماس جيفرسن” “تهاويم مخبول”. وسواء تم التعامل مع “سفر الرؤيا” على اعتباره لغواً أو لغزاً إلهياً فإن ثمة حقيقة تبقى وهي أن هناك أعداداً كبيرة من الناس في العالم الحديث لا تزال تؤمن به بجدية بالغة.
فما علاقة سفر الرؤيا بتسمية “العالم الجديد” في أمريكا؟ وكيف اعتُبر النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- مسيحاً دجالاً في مرحلة تاريخية ما؟ ما سر الألقاب المستفزة التي أطلقت على بابل؟ وإلى أي مدى ارتبط الدين بالديمقراطية الأمريكية وبشاغلي البيت الأبيض؟ وما غرض تشجيع التسلح النووي من جهة ومحاربته في الجهة الأخرى وعلاقة كل هذا بالهدف الشيطاني الذي تسعى أمريكا وإسرائيل من أجل الوصول إليه؟ كلها أسئلة حائرة يجيب عنها المقال المقبل بإذن الله تعالى.
{{ article.visit_count }}
ولكن.. ما هو “سفر الرؤيا” أو “سفر يوحنا” وبقية الأسفار الأخرى، كسفر دانيال وحزقيال وغيرهما؟! إنها أسفار العهد الجديد من الكتاب المقدس الإنجيل، والتي تقتضي بذكر ألغاز وأحاجي بداية النهاية -نهاية الكرة الأرضية- وقد جاء تلخيص سفر الرؤيا نقلاً عن “جوناثان كيرش” مؤلف كتاب “تاريخ نهاية العالم” أن النهاية بالنسبة للمسيحي التقي تشير إلى سيناريو يوصف بتفاصيل مخيفة تخلع القلوب في أكثر أسفار الكتاب المقدس إثارة للفزع، و”المشهد المخيف الذي يستحضره كاتب النص يصور الرب والشيطان والحمل والوحش وعاهرة وامرأة تضع حملها، وملائكة وشياطين بأعداد لا حصر لها”.
ويعد “سفر الرؤيا” فكرة يهودية صرفة لما ستكون عليه مملكة المسيح، ولعل ما يثير الغرابة أن كاتب سفر الرؤيا كان يهودي المولد والنشأة ويوصف بأنه “حاخام مسيحي”، ويعد مجدداً راديكالياً لليهودية.
ونجد سفر الرؤيا متأصلاً في التاريخ اليهودي والسياسة اليهودية واللاهوت اليهودي حتى وصف بأنه “وثيقة يهودية ذات لمسة مسيحية طفيفة”، ولطالما كان مضمون ما جاء فيه مصدر حيرة للقارئ المعتدل الواعي بدءاً من عصر الأناجيل وامتداداً دون انقطاع إلى عصرنا الراهن.
ومن أكثر ما اشتهر به سفر الرؤيا -على خلاف بقية الأناجيل- افتقاره للرحمة والمحبة؛ فهو نص للعقاب مليء بالحقد والنقمة، وحاد في تطلعه للثأر الدامي من الأعداء. وقد وصف في بعض المراجع أنه من وحي الرب أو عمل أدبي كبير لكاتب موهوب وحذر من البشر، أو تهاويم مهووس ديني خرف، كما رفضه “جورج برناردشو” باعتباره “سجلاً غريباً لرؤى مدمن مخدرات”، أو كما وصفه “توماس جيفرسن” “تهاويم مخبول”. وسواء تم التعامل مع “سفر الرؤيا” على اعتباره لغواً أو لغزاً إلهياً فإن ثمة حقيقة تبقى وهي أن هناك أعداداً كبيرة من الناس في العالم الحديث لا تزال تؤمن به بجدية بالغة.
فما علاقة سفر الرؤيا بتسمية “العالم الجديد” في أمريكا؟ وكيف اعتُبر النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- مسيحاً دجالاً في مرحلة تاريخية ما؟ ما سر الألقاب المستفزة التي أطلقت على بابل؟ وإلى أي مدى ارتبط الدين بالديمقراطية الأمريكية وبشاغلي البيت الأبيض؟ وما غرض تشجيع التسلح النووي من جهة ومحاربته في الجهة الأخرى وعلاقة كل هذا بالهدف الشيطاني الذي تسعى أمريكا وإسرائيل من أجل الوصول إليه؟ كلها أسئلة حائرة يجيب عنها المقال المقبل بإذن الله تعالى.