بهاتين المفردتين يريد أولئك الرافضون لكل دعوة يؤمل منها الخير تخريب الخطوة التي يكاد الفرقاء المعنيون بالحوار اتخاذها لإخراج البلاد والعباد من المأزق الذي صرنا فيه جميعاً نتيجة تهور البعض وقلة خبرته السياسية، حيث وصفوا الحوار بأنه مؤامرة يراد منها شق صفوف «المعارضة» ووقف «الحراك الثوري»، وهذا يكفي لشحن البسطاء ضد هذه الخطوة التي لا مفر منها إن أردنا الخير لهذا الوطن.
لكن الشحن والتحريض ضد الحوار لا يتوقف عند هذا الحد، حيث يتم ربطه بالإضراب العام الذي تم الترويج له أخيراً فقالوا «إن الإضراب هو الرد الحاسم على مؤامرة الحوار»، وسعوا إلى الربط بين مشروع الإضراب وبين الدعوة إلى الحوار، فقالوا إن الدعوة جاءت ليصرف الناس النظر عن الإضراب! وكأن الناس جميعاً سيقدمون على هذه الخطوة التي تم تجريبها من قبل ولم تنجح.
بهذه البساطة يستخف أولئك بالناس الذين ملوا وتعبوا وصاروا يبحثون عن المخرج الذي يعلمون ويعلم الجميع أنه لا يكون إلا عبر الحوار، فمن دونه لا يمكن أن يعرف أحد ماذا يريد الآخر، ومن دونه لا يمكن الاتفاق على أي شيء ومن ثم لا يمكن الخروج من هذا الوضع. لعل من المناسب هنا الإشارة إلى الجزء الأول من تغريدة لسياسي ووزير سابق حيث يقول «المعترضون على الحوار كمبدأ في العلاقة بين الحكم ومعارضيه لا يقدمون بديلاً»، وهذا للأسف صحيح. لا بد من إيجاد البديل المناسب كي لا يكون الرفض لمجرد الرفض. هذا يعني أنه ليس منطقياً رفض الحوار كمبدأ لأنه ببساطة لا طريق لنا سواه، وطالما أن «المعارضة» لا يتوفر لديها البديل فليس لها إلا القبول بالحوار والدخول فيه بعد إزالة كل «مبهم» لتطمئن وبعد توفر الحد الأدنى من الثقة التي من دونها لن ينفع الحوار.
القول إن الحوار مؤامرة ناتج عن غياب الثقة وهذا أمر طبيعي، ليست «المعارضة» فقط هي التي لا تثق في الحكومة، فالحكومة أيضاً لا تثق في «المعارضة»، ولكل طرف مبرراته، لكن ليس من طريق أمام الطرفين سوى الجلوس إلى طاولة واحدة والاحتكام إلى العقل والاستماع إلى الآخر وطرح المشكلات كافة على الطاولة، فمن دون هذا لا يمكن الوصول إلى شيء وسيستمر الحال على ما هو عليه بل سيزداد الأمر صعوبة، فما هو متاح اليوم قد لا يكون متاحاً في الغد، وما هو متاح بعد قليل لن يكون متاحاً بعد ذلك بقليل.
من الكلام اللافت الذي تردد في الأيام الأخيرة أن الحكومة غير جادة في دعوتها للحوار بدليل أنها لم تتوقف عن استدعاء وحجز المطلوبين، فوزارة الداخلية لا تزال مستمرة في ممارسة دورها! بينما اعتبرت «المعارضة» عدم توقفها عن النشاط الميداني (حقاً) لا يمكن لمشروع الحوار سلبه فصرح متحدثون باسمها أن النشاط الميداني لن يتوقف وأنه سيستمر حتى أثناء الحوار! هذا الكلام يحوي تناقضا في أحد جانبيه وعدم واقعية في الجانب الآخر، فليس معقولا أن تتوقف الجهات الرسمية عن ممارسة دورها وليس معقولاً أن تترك وزارة الداخلية الساحة ليمارس فيها كل فرد ما يريد بحجة أن هناك دعوة للحوار، حيث الأمن لا يقبل التجميد ولا التأجيل ولا علاقة لهذا بذاك. المعقول هنا هو التوقف عن تلك الأنشطة التي تعطل حياة المواطنين والمقيمين والتأكيد على أن الحوار مطلوب، والمعقول هنا هو أن يبادر الحكم والجمعيات السياسية كافة بتهيئة الأرضية المناسبة للولوج في الحوار عبر قيام كل طرف بتوفير ما يدفع على الثقة فيما بين الجميع.
للمرة الألف.. لا تضيعوا هذه الفرصة فقد لا تتعوض.
{{ article.visit_count }}
لكن الشحن والتحريض ضد الحوار لا يتوقف عند هذا الحد، حيث يتم ربطه بالإضراب العام الذي تم الترويج له أخيراً فقالوا «إن الإضراب هو الرد الحاسم على مؤامرة الحوار»، وسعوا إلى الربط بين مشروع الإضراب وبين الدعوة إلى الحوار، فقالوا إن الدعوة جاءت ليصرف الناس النظر عن الإضراب! وكأن الناس جميعاً سيقدمون على هذه الخطوة التي تم تجريبها من قبل ولم تنجح.
بهذه البساطة يستخف أولئك بالناس الذين ملوا وتعبوا وصاروا يبحثون عن المخرج الذي يعلمون ويعلم الجميع أنه لا يكون إلا عبر الحوار، فمن دونه لا يمكن أن يعرف أحد ماذا يريد الآخر، ومن دونه لا يمكن الاتفاق على أي شيء ومن ثم لا يمكن الخروج من هذا الوضع. لعل من المناسب هنا الإشارة إلى الجزء الأول من تغريدة لسياسي ووزير سابق حيث يقول «المعترضون على الحوار كمبدأ في العلاقة بين الحكم ومعارضيه لا يقدمون بديلاً»، وهذا للأسف صحيح. لا بد من إيجاد البديل المناسب كي لا يكون الرفض لمجرد الرفض. هذا يعني أنه ليس منطقياً رفض الحوار كمبدأ لأنه ببساطة لا طريق لنا سواه، وطالما أن «المعارضة» لا يتوفر لديها البديل فليس لها إلا القبول بالحوار والدخول فيه بعد إزالة كل «مبهم» لتطمئن وبعد توفر الحد الأدنى من الثقة التي من دونها لن ينفع الحوار.
القول إن الحوار مؤامرة ناتج عن غياب الثقة وهذا أمر طبيعي، ليست «المعارضة» فقط هي التي لا تثق في الحكومة، فالحكومة أيضاً لا تثق في «المعارضة»، ولكل طرف مبرراته، لكن ليس من طريق أمام الطرفين سوى الجلوس إلى طاولة واحدة والاحتكام إلى العقل والاستماع إلى الآخر وطرح المشكلات كافة على الطاولة، فمن دون هذا لا يمكن الوصول إلى شيء وسيستمر الحال على ما هو عليه بل سيزداد الأمر صعوبة، فما هو متاح اليوم قد لا يكون متاحاً في الغد، وما هو متاح بعد قليل لن يكون متاحاً بعد ذلك بقليل.
من الكلام اللافت الذي تردد في الأيام الأخيرة أن الحكومة غير جادة في دعوتها للحوار بدليل أنها لم تتوقف عن استدعاء وحجز المطلوبين، فوزارة الداخلية لا تزال مستمرة في ممارسة دورها! بينما اعتبرت «المعارضة» عدم توقفها عن النشاط الميداني (حقاً) لا يمكن لمشروع الحوار سلبه فصرح متحدثون باسمها أن النشاط الميداني لن يتوقف وأنه سيستمر حتى أثناء الحوار! هذا الكلام يحوي تناقضا في أحد جانبيه وعدم واقعية في الجانب الآخر، فليس معقولا أن تتوقف الجهات الرسمية عن ممارسة دورها وليس معقولاً أن تترك وزارة الداخلية الساحة ليمارس فيها كل فرد ما يريد بحجة أن هناك دعوة للحوار، حيث الأمن لا يقبل التجميد ولا التأجيل ولا علاقة لهذا بذاك. المعقول هنا هو التوقف عن تلك الأنشطة التي تعطل حياة المواطنين والمقيمين والتأكيد على أن الحوار مطلوب، والمعقول هنا هو أن يبادر الحكم والجمعيات السياسية كافة بتهيئة الأرضية المناسبة للولوج في الحوار عبر قيام كل طرف بتوفير ما يدفع على الثقة فيما بين الجميع.
للمرة الألف.. لا تضيعوا هذه الفرصة فقد لا تتعوض.