لم تلوّح دول مجلس التعاون الخليجي منذ 16 أكتوبر 1973 بسلاح النفط كخيار استراتيجي في مواجهة التحديات التي تواجهها على مدى أربعة عقود منذ سبعينات القرن العشرين.
الأسباب كثيرة، ولكن رغم قوة هذه الأسباب وعدم القناعة ببعضها، إلا أن سلاح النفط مازال موجوداً ويبقى خياراً استراتيجياً لدول المجلس في مواجهة موازين القوى غير التقليدية في المنطقة وعلى المستوى الدولي.
دول مجلس التعاون الخليجي كوّنت لدى نخبها الرسمية وحكوماتها وشريحة واسعة جداً من المواطنين أن ما تواجهه في الوقت الحالي من تحديات أمنية وحراك سياسي غير طبيعي هو أمر خارج عن المألوف، وهو ناتج عن جهود متراكمة من الغرب وتحديداً الولايات المتحدة.
وفي إطار تعاملها مع الحراك غير الطبيعي فإنها حاولت قدر الإمكان الحفاظ على علاقاتها مع واشنطن، وحتى عندما ظهرت محاولة اغتيال سفير خادم الحرمين الشريفين في العاصمة الأمريكية حرصت على ضبط النفس.
واشنطن لم تتمكن حتى الآن من اختبار قدرات دول المجلس وقياس مدى تحملها على مشروع التغيير السياسي في بلدانها. ولكن في النهاية للصبر حدود، فلا يمكن لدول المجلس أن تتحمل السياسات الأمريكية لتغيير أنظمتهـــــا السياسيـــــــــة وتقف دون حراك أو موقف حاسم.
بل إذا كانت دول المجلس غير قادرة على اتخاذ موقف حاسم تجاه محاولات التغيير السياسي لأنظمتها السياسية من قبل واشنطن، فإنها بالفعل لا تستحق الاستمرارية، فلا جدوى في نظام ليس قادراً على الدفاع عن نفسه من التحديات الداخلية والخارجية.
لذلك قد يكون سلاح النفط هو الخيار الأخير لدول المجلس الذي يمكن أن يدفع واشنطن للتفكير جدياً في محاولاتها للتغيير السياسي في المنطقة. ومن المفترض أن دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية تدرك فرص هذا القرار وتداعياته المحتملة.
خيار قطع النفط سلاح موجود ومتاح، ويمكن أن يكون آخر الخيارات، وقبل ذلك على دول مجلس التعاون التفكير في خيارات أخرى أكثر استراتيجية، وهي مطروحة حالياً ولكنها ينبغي حسمها بسرعة قبل أن تظهر تداعيات مشروع التغيير السياسي الغربي على دول مجلس المجلس. خاصة وأن موجة جديدة للتغيير مازالت في بدايتها، ولكن يبدو أنها أكثر عنفاً ومخاضها سيكون عسيراً للغاية تشمل المنامة والكويت والرياض ومسقط وأبوظبي ليست مستبعدة كذلك. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن دول المجلس لم تعتد على مواجهة تحديات أمنية داخلية واسعة النطاق في أكثر من دولة في وقت واحد، وهو ما يجب الانتباه إليه جيداً، فضلاً عن أن عوامل التغيير ستكون أدواتها داخلية وليست خارجية ليتم تصنيفها على أنها “أجنبية دخيلة”.