في التسعينات احتضنت شوارع لندن ومقاهيها كوكبة من المعارضين العرب الهاربين من الشرق، حاملين في نفوسهم العزيمة والإصرار لإحداث التغيير حسب مفاهيمهم، وأي مكان سيكون أكثر حناناً ودفئاً منها، خصوصاً أن علاقة لندن «النظام - والمصلحة» بهم ليس جديداً. فوفقاً للوثائق التاريخية فإن علاقة بريطانيا بتنظيم الإخوان المسلمين تعود للعام 1942، وخلال سنوات المواجهة مع النظام كانت بريطانيا سنداً للإخوان المسلمين تبعاً لما ذكر في العديد من الوثائق التاريخية.
لم يكونوا وحدهم هناك؛ بل إن آخرين كانوا قد سبقوهم أو لحقوا بهم إلى لندن، فقد سبقهم العراقيون؛ ليث كبه وموفق الربيعي وفلاح السوداني وجاسم حسين وحيدر العبادي، مضافاً إليهم سعيد الشهابي وغيرهم، وعقدوا اجتماعات حزب الدعوة الأُولى في لندن أوائل الثمانينات إبان مقتل الصدر، وعدت تلك اللقاءات مرحلة تأسيسية لانطلاق حزب الدعوة في أوروبا وأمريكا الشمالية، وبقيت حبال الود موصولة حتى ساعة اكتمال العقد في التسعينات، وهناك كانت اللقاءات لا تنقطع بين الغنوشي، الهارب التونسي، والهلباوي، الهارب المصري، وغيرهم من أساطين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وأقطاب المعارضة البحرينية الفارة إلى لندن آنذاك.
وعند إنشاء مؤسسة الخوئي في عام 1989 كانت أروقة أنشطتها حاضنة للهاربين ممن لم يجدوا غضاضة في ذلك، وتطور التعاون من قبل ذلك وبعده بدار الحكمة ومؤسسة الأبرار، ثم أصبح المركز الثقافي الإيراني بلندن محضناً إضافياً مشجعاً على عملية التقارب التي تصل في بعض جوانبها للتلاحم والانصهار في بوتقة التفكير المشترك.
لم يكن إخوان الإمارات يقفون بعيداً عن هذا المشهد؛ فالغنوشي ليس غريباً عنهم وكذلك الهلباوي وهويدي.. إلخ، فقد كانوا كما سبق وذكرنا أعضاء ممثلين في مجلس شورى الجماعة، وكانت الإمارات إحدى المحطات الاقتصادية البارزة، وكان إخوان الإمارات من خلال مواقعهم المتقدمة في الدولة وإمكاناتهم الاقتصادية الكبيرة يسهلون أنواعاً من الدعم لا يقدر عليها إخوانهم في دول أخرى، ولو أن أسماءهم بقيت في الظل.
لكن شعورهم بالملاحقة والتضييق والصدام الذي كان في مراحله الأولى مع دولتهم جعلهم يتعلمون فنوناً أخرى لا تتقنها الإمارات، والتي ذكرت في الحلقة الأولى، إذ إن حساباتها كانت منحصرة في توفير الرفاه لمواطنيها والنهضة لكيانها الحديث.
وكان هناك من يجس النبض «المعهد الديمقراطي الأمريكي مثالاً» ومنظمات حقوق الإنسان التي وجدت أن معلوماتها عن الإمارات بدائية وملفها شبه فارغ وهناك من هو مستعد لملئه، ولأن بعضاً من معارضة البحرين كانت ذات علاقة بملف حقوق الإنسان في المنطقة؛ فقد كان حظ هؤلاء كبيراً، وتوالت اللقاءات بين عبدالهادي الخواجة ممثلاً عن منظمة فرونت لاين وبعض الإخوان في الإمارات عام 2009، وجرى الترتيب للحصول على دورات «حقوقية» ولكنها لا تخلو أبداً من دروس أمنية مكثفة مبررها أن لها أهدافها في حماية النشطاء، ولم تنقطع الاتصالات والدورات من الراية سويتس في سنابس إلى الغولدن توليب إلى لندن فالولايات المتحدة الأمريكية، تتعدد الأسماء والغاية واحدة، ويعيد الشريط نفسه؛ فالأسماء الحقوقية والإعلامية «شخوص طبيعية - واعتبارية» التي تنشط في الدفاع والترويج لهم وتتبنى وجهات نظرهم عندما يتعلق الأمر بالبحرين هي التي تملأ الدنيا ضجيجاً عندما يتعلق الأمر بالإمارات أو السعودية.
.. وللحديث بقية
لم يكونوا وحدهم هناك؛ بل إن آخرين كانوا قد سبقوهم أو لحقوا بهم إلى لندن، فقد سبقهم العراقيون؛ ليث كبه وموفق الربيعي وفلاح السوداني وجاسم حسين وحيدر العبادي، مضافاً إليهم سعيد الشهابي وغيرهم، وعقدوا اجتماعات حزب الدعوة الأُولى في لندن أوائل الثمانينات إبان مقتل الصدر، وعدت تلك اللقاءات مرحلة تأسيسية لانطلاق حزب الدعوة في أوروبا وأمريكا الشمالية، وبقيت حبال الود موصولة حتى ساعة اكتمال العقد في التسعينات، وهناك كانت اللقاءات لا تنقطع بين الغنوشي، الهارب التونسي، والهلباوي، الهارب المصري، وغيرهم من أساطين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وأقطاب المعارضة البحرينية الفارة إلى لندن آنذاك.
وعند إنشاء مؤسسة الخوئي في عام 1989 كانت أروقة أنشطتها حاضنة للهاربين ممن لم يجدوا غضاضة في ذلك، وتطور التعاون من قبل ذلك وبعده بدار الحكمة ومؤسسة الأبرار، ثم أصبح المركز الثقافي الإيراني بلندن محضناً إضافياً مشجعاً على عملية التقارب التي تصل في بعض جوانبها للتلاحم والانصهار في بوتقة التفكير المشترك.
لم يكن إخوان الإمارات يقفون بعيداً عن هذا المشهد؛ فالغنوشي ليس غريباً عنهم وكذلك الهلباوي وهويدي.. إلخ، فقد كانوا كما سبق وذكرنا أعضاء ممثلين في مجلس شورى الجماعة، وكانت الإمارات إحدى المحطات الاقتصادية البارزة، وكان إخوان الإمارات من خلال مواقعهم المتقدمة في الدولة وإمكاناتهم الاقتصادية الكبيرة يسهلون أنواعاً من الدعم لا يقدر عليها إخوانهم في دول أخرى، ولو أن أسماءهم بقيت في الظل.
لكن شعورهم بالملاحقة والتضييق والصدام الذي كان في مراحله الأولى مع دولتهم جعلهم يتعلمون فنوناً أخرى لا تتقنها الإمارات، والتي ذكرت في الحلقة الأولى، إذ إن حساباتها كانت منحصرة في توفير الرفاه لمواطنيها والنهضة لكيانها الحديث.
وكان هناك من يجس النبض «المعهد الديمقراطي الأمريكي مثالاً» ومنظمات حقوق الإنسان التي وجدت أن معلوماتها عن الإمارات بدائية وملفها شبه فارغ وهناك من هو مستعد لملئه، ولأن بعضاً من معارضة البحرين كانت ذات علاقة بملف حقوق الإنسان في المنطقة؛ فقد كان حظ هؤلاء كبيراً، وتوالت اللقاءات بين عبدالهادي الخواجة ممثلاً عن منظمة فرونت لاين وبعض الإخوان في الإمارات عام 2009، وجرى الترتيب للحصول على دورات «حقوقية» ولكنها لا تخلو أبداً من دروس أمنية مكثفة مبررها أن لها أهدافها في حماية النشطاء، ولم تنقطع الاتصالات والدورات من الراية سويتس في سنابس إلى الغولدن توليب إلى لندن فالولايات المتحدة الأمريكية، تتعدد الأسماء والغاية واحدة، ويعيد الشريط نفسه؛ فالأسماء الحقوقية والإعلامية «شخوص طبيعية - واعتبارية» التي تنشط في الدفاع والترويج لهم وتتبنى وجهات نظرهم عندما يتعلق الأمر بالبحرين هي التي تملأ الدنيا ضجيجاً عندما يتعلق الأمر بالإمارات أو السعودية.
.. وللحديث بقية