يسمون الحركات الإسلامية في مالي متشددة وإرهابية، ويسمونهم في البحرين معارضة، يطالبون الدولة بالحوار معها مباشرة، وذلك كما ورد في تصريح البرلمان الأوروبي «دعا البرلمان الأوروبي السلطات البحرينية إلى تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية والحوار الشامل المباشر بين الحكومة ومجموعات المعارضة، والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الذين اعتقلوا»، هذا هو الغرب الذي يهاجم حركات إسلامية في عقر دارها، ويهدد بهجوم عسكري أجنبي على أراضيها، أليس هذا ما يسمى «الكيل بمكيالين»؟ أليس هذا الدجل السياسي الغربي الأمريكي الذي لا ينظر إلى الاحتلال المسلح الذي قامت به الحركات المسلحة المتشددة والإرهابية في البحرين.
إنه الغرب الأوروبي والأمريكي الذي يستخدم اليوم دولاً عميلة لضرب الدول الإسلامية الخليجية، ففي دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربي يستخدم إيران، وهو نفس العمل الإجرامي يقوم به في «مالي»، حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قائلاً «في لحظة أو أخرى من المحتمل أن يتم استخدام القوة بقيادة أفريقية بدعم من قوى دولية».
إن مملكة البحرين التي مضى عليها قرابة العامين، وهي تئن تحت نار الإرهاب، من متشددين تابعين لإيران، يعربدون في شوارع البحرين ومناطقها، من حرق وقتل وتفجيرات، وصلت إلى المناطق السكينة والتجارية، لايزال هذا الغرب الأوروبي والأمريكي المجرم يسميهم بـ «المعارضين»، ويطالب السلطات في البحرين بتنفيذ شروطهم والجلوس معهم مباشرة في حوار، وذلك لأنهم من المتشددين الذين يساعدونهم على احتلال الدول العربية، فساعدوهم على احتلال العراق ولبنان وأفغانستان وفي أفريقيا واليمن، ولكن عندما تكون الحركات الإسلامية هي المقاومة العراقية، والجيش الحر في سوريا، فإنهم يدكونهم دكاً بالصواريخ والقنابل، ويهدمون المنازل والبنايات على رؤوسهم وأطفالهم ونسائهم بتهمة الإرهاب، الذين يخافون يوماً أن تتحول هذه الحركات الإسلامية إلى دول تقطع اليد الأمريكية والغربية والإيرانية، وتمنع عنها الإمدادات النفطية، التي تحصل عليها الآن بالمجان من الحكومة العراقية العميلة، التي تريد أن تؤمن حدودها ممن لا يقبل التآمر، ولا الخيانة، فهم قد قرؤوا التاريخ الإسلامي، وعرفوا من هم أهل الخيانة والإجرام.
نعود إلى قضية مالي، عندما رفضت الجزائر الحوار المباشر مع مختطفي الرهائن، وقالت إن «التفاوض معهم خطاً أحمر يمس أمنها القومي»، كما ذكر التقرير أيضاً «أن هذا الخط الأحمر الجزائري أخرج مسؤوليها بتصريحات رافضة للتفاوض وقرار محاصرة المجمع السكني الذي يتواجد فيه الخاطفون والرهائن»، حيث جاء الرد مباشراً من الخاطفين «بالطلب من الجيش الانسحاب حتى يتسنى للخاطفين التفاوض مع الدول التي يحتجز مواطنوها، ثم طالبوا بضمان خروج آمن لهم وللرهائن»، مؤكدين أن «العملية جاءت رداً على التدخل «الصارخ» للجزائر في الهجمات الفرنسية وفتح أجوائها أمام الطائرات». الأمر الذي يجعلنا نتبصر ونتعجب، حين ترى دولة مثل الجزائر أن التفاوض مع مختطفي رهائن هو خطاً أحمر يمس أمنها القومي، ولكن في البحرين يعتبر التفاوض مع الإرهابيين الذين اختطفوا شعباً بأكمله هي ضرورة ملحة ومطلباً فورياً غير مشروط للإفراج عن الإرهابيين، الذين يسموهم ناشطين، بل والمطالبة بتنفيذ جميع شروط الإرهابيين، بتنصيبهم وزراء وتسليم الحكومة لهم، وهذا هو المكيال الغربي الأمريكي للتعاطي مع الدول، حسب مصالحه، فتسمي الإرهاب في بلادنا حركة ديمقراطية وحقوقية، وفي دول أخرى يسمي الحركات الإسلامية حركات إرهابية يقضى عليها بهجوم عسكري بالطائرات والقنابل، مبررا تدخله وهجومه بالقضاء على الإرهاب الذي لا يهدد أمنه، ولم يقترب من حدود أراضيه.
إن هذه العربدة والطغيان الغربي الأمريكي، ومعه الغول المجرم الصفوي، هو نفسه الذي يدير الإرهاب للحركة المتشددة التابعة لإيران في البحرين، وها هي نفس الدول التي تستعد لشن حرب على مالي، نفسها اليوم تطالب البحرين بالجلوس مع حركات أشد تشدداً من الحركات الإسلامية في مالي وغيرها.
إن الحركة المتشددة في البحرين هي ليست حركة إرهابية فقط بل إجرامية، لن تتردد عن الذبح والقتل ونحر الرقاب، فهم ينتمون إلى مرجعية واحدة، أفتت بقتل أطفال ونساء سوريا والعراق، كما أفتت بقتل اللاجئين في لبنان. إنها حركات إرهابية إجرامية تم دعمها دولياً، لتسهيل عودة الاستعمار الغربي الأمريكي الذي نفدت موارده، وجفت خزائنه، بالتحالف مع عدو الخلافة الإسلامية الأول الذي قضى على دول الإسلام، الواحدة تلو الأخرى، ويقضي الآن على لبنان والعراق واليمن وسوريا والبحرين، ولايزال أتباعه وحركاته يسميهم البرلمان الأوروبي والجانب الأمريكي «معارضة سياسية»، وعلى السلطات في البحرين الجلوس مباشرة معها للتفاوض وتنفيذ شروطها بدون حدود ولا سدود.
نقول هنا للبرلمان الأوروبي والجانب الأمريكي وللحركة الإرهابية في البحرين إن البحرين ليست مالي، فإذا كانت هناك في مالي حركة إسلامية متشددة، ففي البحرين شعب سيقف في وجه جيوش العالم، يموت أو ينتصر، ولا تفاوض يمس الأمن القومي البحريني، ويسقط هيبة الدولة، أمام شرذمة إيرانية عميلة، يدفعها للتجرؤ على أسيادها بطلب كرسي السلطة.