في موضوع إعادة طرح ملف الحوار الوطني بعد دعوة جلالة الملك حفظه الله، أشعر أن هناك أموراً كثيرة إما أنها غائبة عنا بسبب إننا نتقوقع في مكاننا، وإما أننا نرى الحوار من زاوية واحدة، بينما هناك من يطرح أسئلة أعتبرها مشروعة تماماً. وهناك من يطرح توجسات، وأيضاً هي مشروعة، أما الجانب الآخر من الصورة، وربما البعض لا يراه الآن، ألا وهو أن الدعوة للحوار إنما هي إحراج للوفاق وأتباعها، وسنأتي على ذلك لاحقاً.
أسئلة المواطن البسيط تقول: إن الكثير من القوى والجمعيات السياسية أعلنت سابقاً أنها لن تشارك في الحوار والإرهاب مستمر في الشارع، فهل ترى هذه القوى أن الإرهاب توقف؟
السؤال الآخر: وهو هل كان هناك حوار أو تفاهم حصل قبل بدء الحوار، وأن ما سيحدث إنما هو أمر متفاهم عليه سابقاً، خاصة مع الوفاق؟
الأسئلة المشروعة الأخرى؛ هل ستعبر القوى السياسية الوطنية عن إرادة وضمير ومطالب الشارع في جلسة الحوار، وستطرح مشروعها بعيداً عن أن تكون فقط (حائط صد) للغير، أم أنها لا تملك مشروعاً أصلاً، رغم أن الحوار هو مكان مناسب لطرح الملفات المعيشية أيضاً، التي تتطلب قرارات سياسية.
ليسمح لي الجميع أن أشبه الحوار بلعبة الكرة الطائرة، فحين تمتلك حائط صد قوي وطويل القامة ليس هذا سبباً للفوز، أنت تحتاج إلى أكثر من ضارب (سوبر) يملك أن يضرب حتى من المنطقة الخلفية.
هل وصلت الصورة، هل وصل المثال؟
أن من يملك حائط صد قوي ليس هو من يحقق الفوز، الضرب الساحق هو من يقلب الطاولة ويحقق الانتصار.
وهنا نسأل عن مشروع القوى السياسية، أو ما أطلق عليه ائتلاف الجمعيات الوطنية، فما هو مشروعكم للحوار؟ وأين أنتم من صوت الناس؟ وهل ستطرحون ما يشعر به ويريده المواطن أم أنكم ستطرحون أفكار بعض مسؤولي الجمعيات السياسية؟
بعيداً عن كل هذا، ما قلت عنه في صدر العمود أني بصدد طرحه هنا، وأقول أن فكرة طرح الحوار، حتى وإن امتعض منها أناس مع وجود الإرهاب، إلا أنها من زاوية أخرى تعتبر فكرة ذكية بالغة الذكاء، حين نتجرد من فكرة بعينها وموقع بعينه ونرى من زاوية أخرى.
لماذا ذكية هذه الدعوة؟
هذا سؤال مهم، أولاً الدعوة أحرجت الوفاق، وستحرجها أكثر إن وافقت على الدخول، وستحرجها بصورة أكبر، إن رفضت وستكون مدانة خارجياً.
إن دخلت الوفاق الحوار، فإن قائمة المطالب التي تطرحها لن تحصل عليها كما يروق لها لوجود قوى سياسية أخرى على الطاولة تطالب بمطالب أخرى، أو مناقضة لمطالب الوفاق، وبالتالي فإنها ستقف لها بالمرصاد.
الصورة التي أتحدث عنها هي أن مطالب الوفاق وعنتريتها في الخطابات لن تحصل عليها على الطاولة، وهذا سيحرقها أمام شارعها، فهناك من يقول إن الانشقاقات بدأت في الوفاق بين مشارك وبين رافض، لكن ذلك سيظهر أكثر أثناء الحوار بعد أن قررت الوفاق المشاركة، ويزيد الانشقاقات والخلافات، بل إن الوفاق ستحترق أمام شارعها، خاصة حين ترفع سقف المطالب، وتحصل على ما هو دونه بكثير.
من هنا ومن هذه الزاوية أرى أن الدعوة للحوار، إنما هي دعوة ذكية بالغة الذكاء حتى وإن امتعضنا من موضوع الجلوس مع الخائن الذي باع وطنه، ويضع أياديه مع شيطان الغرب، وشيطان الشرق ضد بلده، لكن الذكاء والدهاء السياسي يحتاج إلى أن تلاعب الذي أمامك كما يلاعبك.
من بعد كل ذلك، أجد أن الأسئلة أيضاً لا تبارح عقل كل مراقب ومحلل للمشهد السياسي، ما هي خيارات الدولة إذا ما شاركت الوفاق في الحوار وانسحبت كما فعلت سابقاً، وعادت إلى الإرهاب بالشارع؟
ما هي خيارات الدولة بعد مشاركة الوفاق، ونجاح الحوار، واستمر الإرهاب يضرب المجتمع البحريني، وقالت الوفاق مقولتها التي تتنصل فيها من شركائها الذي تقول عنهم إنها لا تملك يداً عليهم؟
كلها أسئلة مواطن يراقب ويرى ويحلل، مواطن تعب من طعنات الظهر والغدر، ولا أحد يداوي جراح طعناته، بينما هناك من يبحث عن تطييب خواطر من يطعن ويسترضيه، فقط حتى لا يؤجل طعناته القادمات.
إن كانت الدولة والقوى الوطنية السياسية الأخرى تظن أن جولة الانقلاب على الدولة ستطوى بانتهاء الحوار، فالطرفان يعيشان في الوهم، الانقلاب تم تأجيله إلى مرحلة قادمة، متى وأين، لا ندري، لكنها ليست بعيدة.
رذاذ
الوفاق دعت لمسيرة جماهيرية حاشدة في المنامة الجمعة القادمة، وهو مشروع تسخين الشارع قبل 14 فبراير، فكيف ترى الدولة ذلك؟
كيف يستقيم الحوار مع طرف يخالف القانون، ويدعو إلى التظاهر في مكان أقر حوار التوافق الوطني أن يكون بعيداً عن التظاهرات؟
إنها (لخبطة) المسؤول عنها هي الدولة.
إلى الإخوة الكرام في وزارة الداخلية
لم أحص عدد من هربوا من أيادي الأمن منذ بداية عامين وحتى اليوم، لكن ألا تراجع الداخلية إجراءاتها في نقل الموقوفين؟
هروب من السجن حدث ذات مرة، هروب من سيارات الأمن حدث ذات مرة، هل يعقل هذا؟
فقط عليكم الاقتداء بالإنجليز والأمريكان في طرق نقل المتهمين، وأولها لا تكون أيادي المتهم مطلقة السراح، هذا من جانب، أما إن كان هناك من يعمل بالداخلية وهو الذي ساهم في تهريب المتهمين فتلك كارثة أخرى تحتاج إلى تحقيق.