الفن هو ضمير الأمة، كان ومازال حالة بين (العلم والسحر)، إنه إلهام مجهول من عالم الغيب وقدرة على التنبؤ، وحث على البعث والثورة والتغيير، ليس الفن ابتذالاً وليس ساحة للعري واللهو وتغييب الوعي. أما الرياضة فهي رئة الأمة وجسدها المفعم بالحيوية والنشاط والصحة والإقدام والشجاعة. وليست الرياضة ميداناً لخلق الصراعات وتصديرها، ولا مكاناً لشحن الخلافات والمتاجرة بها. خارج هذا التصور فإننا ندخل في المبالغات، ونضع شباب الأمة أمام (فتنة المليونيرات)، ونضع أنفسنا أمام تناقض وازدواجية في الحكم والتقدير، هي في واقع الأمر، جزء من واقعنا المشوه.
في العديد من البرامج الفنية التي تستضيف الفنانين وتعرض سيرة حياتهم، تخرج علينا بعض الممثلات والمطربات والراقصات يتحدثن عن أيام الفقر والجوع والحرمان، وكيف أصبحن الآن (مليونيرات)، إحداهن وصفت شكلها الشاحب ولونها الداكن من الجوع والتشرد في الشوارع، والأخرى تحدثت عن طفولتها في ملجأ الأيتام الذي أودعها والداها فيه عندما عجزا عن النفقة عليها، أما اليوم، فإن الأولى سجلت لكل طفل من أبنائها فيلا فاخرة باسمه تأميناً لمستقبله، والثانية تملك قصراً منيفاً متعدد الأجنحة لكل فرد من أفراد عائلتها، والثالثة راقصة بدأت ترقص بالجلابية لعجزها عن شراء بدلة رقص رخيصة الثمن واليوم تصرح أنها ترتدي الألماس من التاج إلى الحذاء!!
أمام هذه الفتنة التي تمجد الجسد والجمال والمكياج وتسريحات الشعر والأزياء والسجاد الأحمر والأضواء والشهرة، كيف يمكننا أن نقنع فتياتنا بالصورة النموذجية للمرأة العربية المسلمة، وكيف نعيد شرح مفهوم الفن الراقي والهادف ووظيفته البناءة في المجتمع، في الوقت الذي تتقاضى فيه بعض الفنانات والإعلاميات الملايين نظير إقامة الحفلات العامة والخاصة ونظير الظهور في الإعلانات التجارية؟!
ومنذ وصول المنتخب السعودي إلى تصفيات كأس العالم لكرة القدم، ونحن نسمع عن الإغداق على اللاعبين ودعمهم وتشجيعهم بآلاف الريالات والسيارات والمنازل وغيرها من الهدايا النفيسة، واليوم نعود إلى مشهد أكثر مبالغة، حين نتابع ما تناقله الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن ملايين الدراهم التي أعطيت لأعضاء المنتخب الإماراتي وكم الهدايا والعطايا التي تقاذفت عليهم بمناسبة حصولهم على بطولة خليجي 21، ونحن إذ نهنئ أبطال المنتخب الإماراتي ونحيي إنجازهم الكبير اعتماداً على كوادر وطنية ومدرب وطني، فإننا نتساءل أمام هذا المشهد؛ كيف سنقنع شبابنا بأهمية الاختراعات والبحث العلمي والتوجه نحو العلم والإنجاز والإبداع والتفوق، في الوقت الذي لا نسمع فيه عن تكريم المخترعين ولا جوائز كبيرة للإبداع الأدبي والفكري والبحث العلمي؟!
إن ظاهرة المبالغة في الاحتفاء بالفن والرياضة ظاهرة عالمية موجودة، بل مستوردة من الغرب، لكن الغرب يعيش حالة من الاتزان في دعم جميع مجالات العلم والثقافة، ويعيش حالة تكامل في مستوى الإنجاز في كافة مجالات الإبداع العلمي والتكنولوجي والرياضي والثقافي والفني، أما نحن في الوطن العربي فنعيش حالة من الاضطراب في مختلف المجالات، فمراكز البحث العلمي ومراكز الموهوبين والمخترعين، ونوادي الأدباء والكتاب والمثقفين تغيب خارج دائرة الضوء، بل إن هناك انحداراً ملحوظاً في المستوى الفني على صعيد الإنتاج الدرامي والسينمائي وسوق الأغاني، فنموذج المسرح الغنائي الذي أبدعه الأخوان الرحباني نموذج فريد يجمع بين الإبداع الفني والهدف الإنساني، لكنه خارج اهتمام الدول والمؤسسات الثقافية والإعلامية وتشجيعها واستضافتها، كما إن المسرح الذي ظل لعقود طويلة خشبة للتنوير تحول إلى خشبة للرقص والابتذال والكوميديا الرخيصة، والفرق الغنائية الشعبية والشبابية ذات التوجهات الخاصة في المجال الفني تغني مجاناً في الشوارع، أو في المحافل الثقافية ولا تعامل باعتبارها فناً، بل باعتبارها محتوى ثقافياً رسمياً ثقيل الظل يتمم به بروتوكولات الفعاليات الثقافية.
حالة الاتزان في الغرب تفرض، أخلاقياً، على نجوم الفن والرياضة الانخراط في الأعمال التطوعية التي تحارب الفقر والمخدرات والحروب وتلوث البيئة، وتفرض عليهم، أخلاقياً، كذلك الاشتراك في النشاطات الخيرية التي تدعم الأيتام والفقراء واللاجئين والمرضى، إن المجتمع الغربي يستثمر نجومية هؤلاء الرموز في توجيه المجتمع، والشباب خاصة، وتطوير الوعي العام بقضايا إنسانية وإنمائية تخدم المجتمع والإنسانية، أما نحن فمازال أغلب فنانينا يحتكرون السلع الإنتاجية من المجوهرات والمكياج وصبغات الشعر وصابون الغسيل كحقوق إعلانية تخصهم وتدر عليهم الملايين، وفي زمن سابق كانت فيه السيدة أم كلثوم تطوف العالم وتخصص ريع حفلاتها كاملاً لدعم المجهود الحربي المصري والترويج لعدالة الحرب ضد إسرائيل!!
إن الحديث المبالغ فيه عن الفن والرياضة يغدو حديث (فتنة) في أمة يعيش ما بين 40%-60% من شعوبها تحت خط الفقر، ويعاني، في بعض الدول العربية، أكثر من 50% من الأمية، الحديث عن الملايين التي تنفق على الفن والرياضة يصطدم مع وجود اللاجئين والمهجرين وسكان العشوائيات وأطفال الشوارع والتسول والبطالة والفقر، فأين هي أولويات أمتنا؟ وماذا أنجزت ملاييننا العربية في تاريخنا الحديث وفي سجل الإنسانية؟
حكمة نبوية..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل” رواه البخاري.
في العديد من البرامج الفنية التي تستضيف الفنانين وتعرض سيرة حياتهم، تخرج علينا بعض الممثلات والمطربات والراقصات يتحدثن عن أيام الفقر والجوع والحرمان، وكيف أصبحن الآن (مليونيرات)، إحداهن وصفت شكلها الشاحب ولونها الداكن من الجوع والتشرد في الشوارع، والأخرى تحدثت عن طفولتها في ملجأ الأيتام الذي أودعها والداها فيه عندما عجزا عن النفقة عليها، أما اليوم، فإن الأولى سجلت لكل طفل من أبنائها فيلا فاخرة باسمه تأميناً لمستقبله، والثانية تملك قصراً منيفاً متعدد الأجنحة لكل فرد من أفراد عائلتها، والثالثة راقصة بدأت ترقص بالجلابية لعجزها عن شراء بدلة رقص رخيصة الثمن واليوم تصرح أنها ترتدي الألماس من التاج إلى الحذاء!!
أمام هذه الفتنة التي تمجد الجسد والجمال والمكياج وتسريحات الشعر والأزياء والسجاد الأحمر والأضواء والشهرة، كيف يمكننا أن نقنع فتياتنا بالصورة النموذجية للمرأة العربية المسلمة، وكيف نعيد شرح مفهوم الفن الراقي والهادف ووظيفته البناءة في المجتمع، في الوقت الذي تتقاضى فيه بعض الفنانات والإعلاميات الملايين نظير إقامة الحفلات العامة والخاصة ونظير الظهور في الإعلانات التجارية؟!
ومنذ وصول المنتخب السعودي إلى تصفيات كأس العالم لكرة القدم، ونحن نسمع عن الإغداق على اللاعبين ودعمهم وتشجيعهم بآلاف الريالات والسيارات والمنازل وغيرها من الهدايا النفيسة، واليوم نعود إلى مشهد أكثر مبالغة، حين نتابع ما تناقله الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن ملايين الدراهم التي أعطيت لأعضاء المنتخب الإماراتي وكم الهدايا والعطايا التي تقاذفت عليهم بمناسبة حصولهم على بطولة خليجي 21، ونحن إذ نهنئ أبطال المنتخب الإماراتي ونحيي إنجازهم الكبير اعتماداً على كوادر وطنية ومدرب وطني، فإننا نتساءل أمام هذا المشهد؛ كيف سنقنع شبابنا بأهمية الاختراعات والبحث العلمي والتوجه نحو العلم والإنجاز والإبداع والتفوق، في الوقت الذي لا نسمع فيه عن تكريم المخترعين ولا جوائز كبيرة للإبداع الأدبي والفكري والبحث العلمي؟!
إن ظاهرة المبالغة في الاحتفاء بالفن والرياضة ظاهرة عالمية موجودة، بل مستوردة من الغرب، لكن الغرب يعيش حالة من الاتزان في دعم جميع مجالات العلم والثقافة، ويعيش حالة تكامل في مستوى الإنجاز في كافة مجالات الإبداع العلمي والتكنولوجي والرياضي والثقافي والفني، أما نحن في الوطن العربي فنعيش حالة من الاضطراب في مختلف المجالات، فمراكز البحث العلمي ومراكز الموهوبين والمخترعين، ونوادي الأدباء والكتاب والمثقفين تغيب خارج دائرة الضوء، بل إن هناك انحداراً ملحوظاً في المستوى الفني على صعيد الإنتاج الدرامي والسينمائي وسوق الأغاني، فنموذج المسرح الغنائي الذي أبدعه الأخوان الرحباني نموذج فريد يجمع بين الإبداع الفني والهدف الإنساني، لكنه خارج اهتمام الدول والمؤسسات الثقافية والإعلامية وتشجيعها واستضافتها، كما إن المسرح الذي ظل لعقود طويلة خشبة للتنوير تحول إلى خشبة للرقص والابتذال والكوميديا الرخيصة، والفرق الغنائية الشعبية والشبابية ذات التوجهات الخاصة في المجال الفني تغني مجاناً في الشوارع، أو في المحافل الثقافية ولا تعامل باعتبارها فناً، بل باعتبارها محتوى ثقافياً رسمياً ثقيل الظل يتمم به بروتوكولات الفعاليات الثقافية.
حالة الاتزان في الغرب تفرض، أخلاقياً، على نجوم الفن والرياضة الانخراط في الأعمال التطوعية التي تحارب الفقر والمخدرات والحروب وتلوث البيئة، وتفرض عليهم، أخلاقياً، كذلك الاشتراك في النشاطات الخيرية التي تدعم الأيتام والفقراء واللاجئين والمرضى، إن المجتمع الغربي يستثمر نجومية هؤلاء الرموز في توجيه المجتمع، والشباب خاصة، وتطوير الوعي العام بقضايا إنسانية وإنمائية تخدم المجتمع والإنسانية، أما نحن فمازال أغلب فنانينا يحتكرون السلع الإنتاجية من المجوهرات والمكياج وصبغات الشعر وصابون الغسيل كحقوق إعلانية تخصهم وتدر عليهم الملايين، وفي زمن سابق كانت فيه السيدة أم كلثوم تطوف العالم وتخصص ريع حفلاتها كاملاً لدعم المجهود الحربي المصري والترويج لعدالة الحرب ضد إسرائيل!!
إن الحديث المبالغ فيه عن الفن والرياضة يغدو حديث (فتنة) في أمة يعيش ما بين 40%-60% من شعوبها تحت خط الفقر، ويعاني، في بعض الدول العربية، أكثر من 50% من الأمية، الحديث عن الملايين التي تنفق على الفن والرياضة يصطدم مع وجود اللاجئين والمهجرين وسكان العشوائيات وأطفال الشوارع والتسول والبطالة والفقر، فأين هي أولويات أمتنا؟ وماذا أنجزت ملاييننا العربية في تاريخنا الحديث وفي سجل الإنسانية؟
حكمة نبوية..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل” رواه البخاري.