سؤال بسيط جداً يطرح نفسه هنا؛ أليس من حق أي دولة أن تتخذ إجراءات إزاء أشخاص يساهمون في إقلاق أمنها الداخلي، وتجاه أشخاص يعملون على تنفيذ مؤامرة انقلابية، وتجاه أشخاص يمارسون التحريض والحض على العنف الذي يوقع أبرياء سواء مدنيين أو أفراد شرطة؟!
كل دولة لها الحق في اتخاذ الإجراءات التي من خلالها تثبت دعائم الأمن وتحفظ سلامة الناس، وفي قوانين كل بلد هناك عقوبات مغلظة تجاه من يقوم بالأعمال الإرهابية، وتجاه من يحاول قلب نظام الحكم بالقوة، هناك قوانين معنية بما يسمى «الخيانة العظمى» تصل إلى مستوى الإعدام.
لا نريد ضرب أمثلة هنا، باعتبار أن البحرين لا تقوم بخطوات متفردة من نوعها لم تسبقها إليها دول عديدة، بل فعلت سابقاً أمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول التي لا تتعامل بـ «حسن نوايا» مع أي «شبهات» معنية بالإرهاب، فما بالكم بتعاملها مع الإرهاب الواضح.
إسقاط الجنسية عن أشخاص مارسوا كل أنواع الأفعال التي توضع تحت توصيف الانقلاب على النظام والتطاول على قيادة البلد والتحريض على العنف والإرهاب وتشويه صورة البلد في الخارج، هو حق مكفول لأي دولة.
المفارقة أن هناك من يتباكون على هذه الخطوة، ووصلوا لمستوى التهديد والوعيد، رغم أنهم ومن خلال ممارساتهم لم يقيموا وزناً أصلاً ولا احتراماً للدولة، وأثبتوا من خلال حراكهم بأن الجنسية البحرينية لا تهمهم أصلاً، فهم باعوا بلداً بأكمله، وشرحوه تشريحاً لا يقوم به إلا الكارهون في القنوات الإيرانية وغيرها.
قلناها منذ زمن، من باع بلده ورخص بها لا يستحق جنسيتها، بل لا يستحق حتى ترابها ليدفن فيه.
الدولة لم تطلب منهم أن يكونوا «عبيداً» أو «خدماً» لها، طلبت منهم أن يكونوا مواطنين صالحين، لكنهم آثروا أن يكونوا «خدماً» للخارج ولمن لهم أطماع في البحرين، ألم يقل أحد الذين سحبت منهم الجنسية لمسؤول إيراني بأنه «خادمكم فلان»؟! بالتالي لماذا ينزعج «خدم إيران» من سحب جنسية البحرين منهم؟! اذهبوا لمخدومتكم لتمنحكم جنسيتها.
إن كنتم تريدون الحق، فإن مثل هذه الإجراءات كان يجب أن تتم منذ زمن طويل وليس الآن. كان يفترض أن يتم التعامل بهذه الطريقة مع كل شخص باع الوطن وساهم في التأجيج الأمني داخله، كان يفترض إجبار من يحملون جنسيات أخرى بسببها حولوا بلادنا للعبة لهم أن يختاروا بين الجنسية البحرينية أو الجنسية الأجنبية، البقاء في البحرين أو الرحيل عنها، وإن ارتكبوا مخالفات فيها فيحاكمون بموجب قانونها.
السكوت عن هذه الأفعال والصبر عليها لفترات طويلة هو ما أدى إلى وصول بلادنا لعيش أجواء الخوف والتشبع بثقافة الإرهاب، حتى قتل البشر صار أمراً عادياً.
هذه خطوة على الطريق الصحيح، لا علاقة لها بحقوق إنسان ولا شيء آخر، فمن تم سحب جنسيتهم هم في الأساس وفي مقام أول لم يراعوا في هذا الشعب لا حقوق إنسان ولا شيئاً آخر، هم من يحرضون على العنف ومواجهة الدولة، وهم من ينفذون أوامر «السحق» والتخريب، فإن جاؤوا للحديث اليوم من منطلق حقوق إنسان فإن الرد عليهم يجب أن يكون بأنهم هم من تطاولوا على حقوق الإنسان بشأن المكونات الأخرى في المجتمع البحريني، هم السبب في هذا الإرهاب والفوضى، وعلى الدولة واجب محاسبتهم وتطبيق القانون عليهم.
نقول إنها خطوة أولى، نتمنى أن تعقبها خطوات في اتجاه تطبيق القانون والحفاظ على الأمن وعدم التهاون في ذلك، والأهم -وهنا ضعوا خطاً أحمر- ألا يكون هناك أي تراجع أو تخاذل في التعامل الصارم مع هذا الانفلات في البلد، فالتجربة علمتنا بأن كثيراً من هؤلاء الانقلابيين لا يرتدعون حينمـــا يــــــواجهــــون بـ «حســـن النــــوايــا» ويعـــاملـــون بـ «التسامح» وثقافة «العفو»، بل هم يرون كل ذلك مؤشرات ضعف تجعلهم يتمادون ويتمادون.
الوضع في البحرين لم يعد قابلاً للشد والجذب، ولا للعبة «الشرطي والحرامي»، أرواح البشر على المحك هنا، وأمن البلد بات سلعة تتم المساومة بها.
إجراء الدولة يأتي في وقت ليعزز من ثقة الناس بأن القانون يجب أن يطبق، وأن الضرب بيد من حديد على الإرهاب وبؤره مسألة واقعة لا ريب فيها، بالتالي أي رضوخ لأية ضغوط يؤدي إلى «تراجعات» بشأن أية إجراءات لن تعود إلا بالسلب ولن تقود إلا لمزيد من الفوضى والإرهاب، «التراجعات» هي التي جعلتهم يطمعون في البلد ويمارسون أبشع الممارسات، اتخاذ قرارات ثم التراجع عنها، إصدار أحكام ثم تخفيفها، إعادة محاكمات إلى غيرها من أمور، كلها تعطي مؤشراً لـ «التردد» في حسم الأمور، بالتالي إن كانت هذه الخطوة بداية الغيث في تصحيح الأمور وتطبيق القانون، فرجاء لا تكرروا نفس الأخطاء.