الوعي الحقيقي هو أن تعرف من تكون، ولماذا خلقك الله على هذه الأرض بشكلك الخارجي والداخلي، بالجينات الخاصة بك وحدك، والسبب الذي أخرجك من والدين محددين، ولماذا خلقك الله في هذا الزمان وهذا المكان بالذات.الوعي أيضاً هو أن تعرف في إي مكان تضع أقدامك، لا بد وأن تكون أقدامك على أرض ثابتة لا تتحرك أو تهتز، إن لم تقم بذلك فإنك ستسقط دون محالة، سواء كانت الأرض مستوية أو متهرئة، يابسة أو موحلة، إن لم تكن ثابتة فالسقوط قادم.والوعي للمرة الثالثة وليست الأخيرة، هو أن تعرف كيفية التخلص من همومك اليومية التي هي جزء طبيعي من تعلم العيش في هذه الحياة، ومشاركة الآخرين في محاولة دائمة لإعمار الأرض وتقديم الخدمة لكل من يطلبها دون منّة. مهما كانت الظروف التي تعيشها ومهما كانت المكانة التي وصلت إليها، فأنت لا يمكن أن تحمل هموم الوظيفة التي تشغلها وتحملها معك إلى البيت، لأنك بذلك تحول البيت إلى مكان للعمل، وهذا يفقده خصوصيته ومعناه؛ ما للبيت للبيت وما للعمل للعمل.قبل عدة أيام قرأت قصة طريفة من الممكن التأمل في معناها؛ للوصول إلى صيغة حياة مناسبة لكل منا، اقصد كل إنسان يحاول أن يتعلم من تجارب الآخرين.. تقول القصة.. أنهى نجار استأجرته ليصلح بيت مزرعة لي أول يوم عمل له وكان يوماً عصيباً، عجلة هابطة أخرته ساعة كاملة عن الوصول في الصباح، ثم تعطل منشاره الكهربائي والآن تأبى شاحنته العجوز أن تشتغل، جلس في سيارتي صامتاً كالحجر بينما أوصلته إلى بيته. عند وصولنا دعاني لأقابل عائلته، وبينما نحن نقترب من الباب توقف برهة عند شجرة صغيرة وتلمسها بكلنا يديه، عندما عبرنا الباب حدث له تحوّل مدهش، امتلأ وجهه الذي لوحته الشمس بابتسامة عريضة وعانق طفليه الصغيرين وقبّل زوجته.فيما بعد، خرج معي الرجل ليوصلني إلى السيارة، وعندما مررنا بجانب الشجرة تملّكني الفضول فسألته عما رأيته يفعل فيما قبل. «آه.. هذه شجرة المتاعب خاصتي» رد مجيباً، «أعلم أنه لا بد من حصول بعض المتاعب في العمل، ولكن من المؤكد أن هذه المتاعب لا تنتمي للبيت ولزوجتي وأبنائي، لذا فأنا أعلّق متاعبي على الشجرة قبل أن أدخل البيت كل مساء، ثم آخذها عنها في الصباح التالي».سكت لبرهة ثم قال مبتسماً «الجميل هو أنه عندما أخرج في الصباح لالتقط المتاعب لا يكون على الشجرة إلا نزر يسير مما أذكر أنني علقته في المساء».وإذا كان هذا الإنسان اختار أن يعلق همومه على الشجرة ولا يدخلها معه في البيت، فأنت أيضاً يمكن أن تفعل ذلك، للتخلص من جميع متاعبك الذهنية أو الجسدية، الصحية أو المالية. وإذا لم تكن مثلي تملك شجرة لتعلق عليها متاعبك اليومية التي تكسر ظهرك، ابحث عن مشجب قديم لا تحتاج إلى استعماله وضعه قريباً من باب بيتك، قبل أن تفتح الباب لتدخل ضع كل المتاعب التي مررت بها في عملك أو الشارع وعلقها على المشجب، وإذا خرجت لعملك ضع جميع متاعب البيت فوق هذا المشجب، واحمد الله على كل النعم التي تملكها واذهب إلى العمل مبتسما كأنك تملك الكون.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90