البحرين هذا الأرخبيل الجغرافي التاريخي الجميل تحوَّل من إمارة تحت الحماية تتنازع عليها الدول من غربية وشرقية إلى دولة مستقلة ذات سيادة، ومن دولة إلى مملكة دستورية. هذه الإمارة ومن ثم الدولة وتالياً المملكة احتضنها التاريخ منذُ الأمد البعيد، وخلال هذه السنوات كانت البحرين مكاناً للتجمع الإنساني وحلقة للاتصال الحضاري والتجاري مع كل الحضارات، فأصبحت مرفأ لتلاقي تلك الحضارات ومركزاً مؤثراً لتجارة أهلها، فهذه الأرض يعود تاريخها إلى أكثر من (5000) عام عندما كانت مركزاً لحضارة دلمون التي كانت مسيطرة على الخطوط التجارية بين الحضارة السومرية وحضارة السند.
ولم يكن عام 1971 «عام الاستقلال» إلا نتاجاً لأعوام سبقت من السعي والجهد المتواصلين لقيادة البحرين وشعبها، وسبقت هذا العام بدايات أولى تمثلت في الإعداد المُبكر للجهاز الإداري الحكومي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بعد أن تولى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة «طيب الله ثراه» مقاليد الحُكم خلفاً لآبائه وأجداده في 2 نوفمبر 1961. وقد جسد الأمير الراحل تطلعات وآمال الشعب البحريني، ومع توالي الأيام والسنوات استطاعت البحرين بفضل التفاف شعبها مع أميرها أن تنجز الكثير والكثير، بفضل اقتدار قيادتها وثقة الشعب. وكانت الدعامة الأولى لبناء الدولة هو تأسيس الأجهزة والمؤسسات الحكومية وتشييد عدد من الدوائر كالإعلام والخارجية والأمن العام والصحة والتعليم، وهذه الإدارات تحولت في عام 1971 إلى وزارات في أول وزارة لدولة البحرين وبعدد (10) وزارات. هذا الاقتدار وهذه الثقة استمرا بل زادا أكثر بعد أن تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قيادة البلاد في 6 مارس 1999، مما رسخ أكثر فأكثر الإنجازات والمكاسب التي أضافت بُعداً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مُشرقاً لمملكة البحرين بالرغم من صغر مساحتها ومحدودية إمكانياتها.
كان لإمارة البحرين قبل الاستقلال خياران لا ثالث لهما، الأول هو انضمامها إلى اتحاد الإمارات العربية، والثاني هو أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة وطنية، وكان خيارها هو الثاني. وكانت للظروف الدولية والإقليمية أسباب لحدوث استقلال البحرين وذلك بعد أن أعلنت بريطانيا في عام 1968 عن قيامها بانسحاب قواتها العسكرية من منطقة الخليج العربي في فترة أقصاها ديسمبر 1971 مع تعديل الاتفاقيات المعقودة بين إمارات الخليج العربي التي أبرمت في القرن التاسع عشر باتفاقيات صداقة وتعاون مع الإبقاء على بعض التسهيلات العسكرية والتدريبية واللوجستية البريطانية في منطقة الخليج العربي. هذا الانسحاب جدد المطالبة الإيرانية الرسمية بالبحرين التي بدأت منذ معاهدة عام (1820م) بين إمارات الخليج العربي وبريطانيا، وبالمذكرة التي رفعتها إيران لعصبة الأمم المتحدة في عام (1928م)، ومنذ عام (1968م) أخذت المطالبة الإيرانية مؤشراً خطيراً ليس فقط على إمارة البحرين بل على أمن واستقرار الخليج العربي. مما أدى إلى عقد مجموعة من الاجتماعات واللقاءات السياسية بين الشاه إيران وحُكام الدول الخليجية وبريطانيا لحل مشكلة البحرين قبل تنفيذ الانسحاب البريطاني من الخليج العربي، هذه الاجتماعات أسفرت إلى ثلاثة خيارات؛ خيار الاستفتاء، مبدأ تصفية الاستعمار، الذهاب إلى محكمة العدل الدولية.
ولم تحظ هذه الخيارات الثلاثة بقبول البحرين وأقطار الخليج العربي وتم استبدالها باقتراح (تكوين لجنة لتقصي الحقائق) من قبل هيئة الأمم المتحدة، وبدلاً من تشكيل هذه اللجنة قام السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة «يوثانت» بإرسال نائبه «فيتوريو ونسبير جويسياردي» مبعوثاً شخصياً برفقة خمسة مساعدين (هندي، فرنسي، إيرلندي، أندونيسي، أردني) للسفر إلى البحرين في 29 مارس 1970، وفي 30 مارس لحقهم رئيس اللجنة، وذلك بغرض تقصي الحقائق والالتقاء بأهلها لمعرفة رأيهم بحق تقرير مصيرهم، وتقديم تقرير للمنظمة الدولية عن ذلك. وبقيت هذه اللجنة في البحرين (18) يوماً التقت بالعديد من الفعاليات والمؤسسات والجمعيات والشخصيات من المجتمعين المدني والأهلي إلى جانب الوجهاء والتجار وعموم الشعب البحريني بمختلف انتماءاته وأعراقه. وقد توافق رأي الأكثرية الغالبة للبحرينيين على (العيش في دولة مستقلة وعدم رغبتهم في تبعية بلدهم لأي دولة). وفي 30 أبريل 1970 رفع رئيس لجنة تقصي الحقائق تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذي حوله إلى مجلس الأمن، فعقد مجلس الأمن اجتماعاً في 11 مايو 1970م وصوَّت المجلس بالإجماع على تقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المؤيد لعروبة واستقلال البحرين. وقد اتفق مُسبقاً الجانب الإيراني والبريطاني على هذه البعثة وعلى ما يصدر من قرار أممي بشأن البحرين، مما ساهم في إنهاء النزاع بينهما، ونالت البحرين بذلك استقلالها في 15 أغسطس 1971، وأصبحت دولة عربية ذات سيادة وجزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية. لقد نالت البحرين استقلالها بفضل التوافق بين الإرادة الدولية والإرادة الشعبية، وكان لموقف الشعب البحريني دور كبير في دعم هوية البحرين واستقلالها، واليوم تكون مسؤوليتهم أكبر في الحفاظ على هذه الهوية العربية والسيادة الوطنية. وكل عام وبحريننا بخير.
ولم يكن عام 1971 «عام الاستقلال» إلا نتاجاً لأعوام سبقت من السعي والجهد المتواصلين لقيادة البحرين وشعبها، وسبقت هذا العام بدايات أولى تمثلت في الإعداد المُبكر للجهاز الإداري الحكومي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بعد أن تولى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة «طيب الله ثراه» مقاليد الحُكم خلفاً لآبائه وأجداده في 2 نوفمبر 1961. وقد جسد الأمير الراحل تطلعات وآمال الشعب البحريني، ومع توالي الأيام والسنوات استطاعت البحرين بفضل التفاف شعبها مع أميرها أن تنجز الكثير والكثير، بفضل اقتدار قيادتها وثقة الشعب. وكانت الدعامة الأولى لبناء الدولة هو تأسيس الأجهزة والمؤسسات الحكومية وتشييد عدد من الدوائر كالإعلام والخارجية والأمن العام والصحة والتعليم، وهذه الإدارات تحولت في عام 1971 إلى وزارات في أول وزارة لدولة البحرين وبعدد (10) وزارات. هذا الاقتدار وهذه الثقة استمرا بل زادا أكثر بعد أن تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قيادة البلاد في 6 مارس 1999، مما رسخ أكثر فأكثر الإنجازات والمكاسب التي أضافت بُعداً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مُشرقاً لمملكة البحرين بالرغم من صغر مساحتها ومحدودية إمكانياتها.
كان لإمارة البحرين قبل الاستقلال خياران لا ثالث لهما، الأول هو انضمامها إلى اتحاد الإمارات العربية، والثاني هو أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة وطنية، وكان خيارها هو الثاني. وكانت للظروف الدولية والإقليمية أسباب لحدوث استقلال البحرين وذلك بعد أن أعلنت بريطانيا في عام 1968 عن قيامها بانسحاب قواتها العسكرية من منطقة الخليج العربي في فترة أقصاها ديسمبر 1971 مع تعديل الاتفاقيات المعقودة بين إمارات الخليج العربي التي أبرمت في القرن التاسع عشر باتفاقيات صداقة وتعاون مع الإبقاء على بعض التسهيلات العسكرية والتدريبية واللوجستية البريطانية في منطقة الخليج العربي. هذا الانسحاب جدد المطالبة الإيرانية الرسمية بالبحرين التي بدأت منذ معاهدة عام (1820م) بين إمارات الخليج العربي وبريطانيا، وبالمذكرة التي رفعتها إيران لعصبة الأمم المتحدة في عام (1928م)، ومنذ عام (1968م) أخذت المطالبة الإيرانية مؤشراً خطيراً ليس فقط على إمارة البحرين بل على أمن واستقرار الخليج العربي. مما أدى إلى عقد مجموعة من الاجتماعات واللقاءات السياسية بين الشاه إيران وحُكام الدول الخليجية وبريطانيا لحل مشكلة البحرين قبل تنفيذ الانسحاب البريطاني من الخليج العربي، هذه الاجتماعات أسفرت إلى ثلاثة خيارات؛ خيار الاستفتاء، مبدأ تصفية الاستعمار، الذهاب إلى محكمة العدل الدولية.
ولم تحظ هذه الخيارات الثلاثة بقبول البحرين وأقطار الخليج العربي وتم استبدالها باقتراح (تكوين لجنة لتقصي الحقائق) من قبل هيئة الأمم المتحدة، وبدلاً من تشكيل هذه اللجنة قام السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة «يوثانت» بإرسال نائبه «فيتوريو ونسبير جويسياردي» مبعوثاً شخصياً برفقة خمسة مساعدين (هندي، فرنسي، إيرلندي، أندونيسي، أردني) للسفر إلى البحرين في 29 مارس 1970، وفي 30 مارس لحقهم رئيس اللجنة، وذلك بغرض تقصي الحقائق والالتقاء بأهلها لمعرفة رأيهم بحق تقرير مصيرهم، وتقديم تقرير للمنظمة الدولية عن ذلك. وبقيت هذه اللجنة في البحرين (18) يوماً التقت بالعديد من الفعاليات والمؤسسات والجمعيات والشخصيات من المجتمعين المدني والأهلي إلى جانب الوجهاء والتجار وعموم الشعب البحريني بمختلف انتماءاته وأعراقه. وقد توافق رأي الأكثرية الغالبة للبحرينيين على (العيش في دولة مستقلة وعدم رغبتهم في تبعية بلدهم لأي دولة). وفي 30 أبريل 1970 رفع رئيس لجنة تقصي الحقائق تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذي حوله إلى مجلس الأمن، فعقد مجلس الأمن اجتماعاً في 11 مايو 1970م وصوَّت المجلس بالإجماع على تقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المؤيد لعروبة واستقلال البحرين. وقد اتفق مُسبقاً الجانب الإيراني والبريطاني على هذه البعثة وعلى ما يصدر من قرار أممي بشأن البحرين، مما ساهم في إنهاء النزاع بينهما، ونالت البحرين بذلك استقلالها في 15 أغسطس 1971، وأصبحت دولة عربية ذات سيادة وجزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية. لقد نالت البحرين استقلالها بفضل التوافق بين الإرادة الدولية والإرادة الشعبية، وكان لموقف الشعب البحريني دور كبير في دعم هوية البحرين واستقلالها، واليوم تكون مسؤوليتهم أكبر في الحفاظ على هذه الهوية العربية والسيادة الوطنية. وكل عام وبحريننا بخير.