البعض يعتقد أن معركة كسر العظام الدائرة حالياً داخل النظام السياسي البحريني نهايتها لم تكن العام الفائت، ولن تكون العام الجاري، بل ستكون خلال العام المقبل 2014، وهو ما دفع أمين عام الوفاق لإثارة زوبعة إعلامية حول الموضوع عندما أكد عدم مشاركة جمعيته وبقية الجمعيات السياسية التابعة لها في الانتخابات التشريعية المقبلة.
تصريح من حيث التوقيت مبكر جداً، وقد يكون حاله مشابهاً لتلك التصريحات التي كانت سائدة خلال العام 2005 عندما كانت الوفاق وبقية الجمعيات السياسية التابعة لها منذ ذلك الوقت تتحفظ على دستور مملكة البحرين، وشكلت ما يسمى بلجنة المؤتمر الدستوري، وأقامت سلسلة من الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية داخل وخارج البلاد وكانت النتيجة بالطبع صفراً، وخرجت من تلك المعركة خالية اليدين بعد أن نعتت في الداخل والخارج بـ»الغباء السياسي».في العام 2005 وما قبله كانت تصريحات أمين عام الوفاق -الذي مازال يتربع في منصب الأمانة العامة لأكثر من 10 سنوات دون أي تداول سلمي للسلطة والمسؤولية داخل الوفاق- تعتمد على التحدي وتؤكد رفضها المشاركة في العملية السياسية لأسباب كانت تسوقها سوقاً، وتختلف شكلاً ولا تختلف مضموناً، مفادها أنها ستحقق مطالبها السياسية بالعودة لمكتسبات دستور 1973، وستحقق مطالبها ببرلمان المجلس الواحد، في النهاية أنهت فتوى عيسى قاسم وغيره من المراجع الدينية في الداخل والخارج القرار السياسي الذي اتخذته الوفاق، وانتهت كافة المبررات التي ساقتها الوفاق لتخدع بها جماهيرها خلال الفترة من 2002 ـ 2006، وكانت تلك الفتوى الشهيرة بـ«القائمة الإيمانية».
إذن ما الذي يمنع الوفاق من تغيير موقفها السياسي تجاه المشاركة في العملية السياسية إذا قررت المؤسسة الدينية في أي لحظة موقفها من هذه القضية كما حدث في 2006؟
وبالتالي ليست تصريحات أمين عام الوفاق ذات أهمية وقيمة مادام الحديث مبكراً عن الانتخابات التشريعية المقبلة، إلا إذا كانت الوفاق والجماعات الراديكالية التابعة لها تحاول إرسال إشارة للنظام بإمكانية الدخول في صفقة سياسية العام المقبل مقابل تحقيق عدد من المكتسبات لحفظ ماء الوجه!
ولذلك فإن تصريح الأمين العام هدفه إثارة موضوع الانتخابات التشريعية المقبلة لتكون إشارة بضرورة الإسراع والتحرك لتحقيق مكاسب وفاقية قبل أن يشهد النظام «إحراجاً جديداً بضعف المشاركة الانتخابية، وعدم تمثيل كافة مكونات المجتمع»!
مثل هذه القراءة سطحية للغاية، ولا تعكس حقيقة الواقع، فلا يمكن التعويل كثيراً على مشاركة الوفاق في العملية السياسية لأنها مسلوبة الإرادة في هذا الموضوع، والقرار النهائي مرتبط بالمؤسسة الدينية التابعة لها. فمشاركة الوفاق خسارة لها، لأنها ستخسر جمهورها الذي تضامن معها لتحقيق الحلم «الجمهورية الإسلامية»، وعدم مشاركتها يعني مزيداً من الخسارة لجمهورها الذي سيفتقد من يدافع عنه تحت قبة البرلمان، وسيفقد مصداقية الوفاق في الحالتين، وطبعاً كوادر الوفاق وفعالياتها هي الخاسر الأكبر من هذه العملية.