الرأي العام البحريني يعيش حالة تذمر غير اعتيادية تجاه ممارسات السفير الأمريكي بالمنامة وتدخلاته في تفاعلات النظام السياسي البحريني التي باتت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى. ويعيش أيضاً حيرة شديدة تتعلق بكيفية تجاوز المأزق الذي أدخل السفير العلاقات الأمريكية ـ البحرينية فيه. ومازال الرأي العام كذلك يطالب بمخرج لإنقاذ العلاقات مع واشنطن من السلوك السياسي الذي ينتهجه السفير.
واشنطن تؤكد أن العلاقات مع المنامة استراتيجية، والمنامة تؤكد بالمقابل أن العلاقات مع واشنطن استراتيجية أيضاً، فأين الخلل والمشكلة؟
زاوية هامة من المشكلة التي ظهرت تفاصيلها جلية بعد أزمة 2011 أن السفير الأمريكي اختزل العلاقات البحرينية ـ الأمريكية في الجهود التي يقوم بها في العاصمة المنامة. فهو يقابل الوزراء والمسؤولين، ويلتقي بممثلي مؤسسات المجتمع المدني باستمرار دون ضوابط متجاوزاً الأعراف الدبلوماسية المتبعة، وباتت هذه الجهود واضحة المقاصد والأجندة؛ فهو عندما يلتقي الوزراء والمسؤولين يكون المدافع الأول عن حقوق وحريات الجماعات الراديكالية، فهم في نظره «سلميين»، وينبغي السماح لهم بأن يفعلوا ما يشاؤوا لأنه «حقهم في التجمع والتعبير عن الرأي».
أما إذا التقى السفير ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً الجمعيات السياسية، فإن لغته السياسية تختلف، حيث يؤكد قناعته بضرورة تغيير الأنظمة «الأوتوقراطية» الحاكمة في الخليج، وتحويلها لأنظمة ديمقراطية حديثة على غرار الديمقراطية العراقية التي كان أحد مهندسيها بعد الغزو عندما تولى مهمة المستشار السياسي للحاكم الأمريكي للعراق.
وتجاه حكومته في واشنطن فإنه يقدم رؤية واضحة تقوم على ضرورة تقديم الدعم للجماعات الراديكالية لأنها من وجهة نظره «حركة ديمقراطية وليدة البحرين وليس لأطراف أخرى تدخل فيها». ففي إحدى المرات التي قدم فيها السفير إفادته بشأن الأوضاع في البحرين أمام مجلس الشيوخ دار الحوار الآتي:
- إلى أي حد كان هناك إشارات على أن إيران تقف وراء الأزمة السياسية؟
- شكراً أيها السيناتور، الأحداث في فبراير ومارس في وجهة نظرنا من الواضح أنها بدأت من قبل البحرينيين. كما أعتقد أنهم كانوا يعبرون عن حقوقهم للتجمع وإبداء آرائهم، لم نر أي دليل على تحريض إيراني. إلا أننا قلقون من الاستغلال الإيراني، حيث إنهم سيستغلون أي وضع مثيل في دول أخرى، ونحن قلقون على البحرين أيضاً، ولكن هذه الحركة هي وليدة البحرين. (انتهى الحوار..).
من الواضح أن السفير لا يتابع تماماً الفضائيات الإيرانية الناطقة بالفارسية أو العربية التي يجيدها ليرى حجم الأكاذيب التي تروّج ونوعية الخطاب السياسي ـ الإعلامي المنتشر فيها.
ما يؤكد ذلك أن السفير الأمريكي رفض في حوار أجرته (الوطن) ونشرت تفاصيله يوم 24 يونيو الماضي الرد على سؤال حول إمكانية إطلاق حوار بينما تنتهج المعارضة العنف المسلح في الشارع وقال: «لا تعليق»، إلا أنه اعتبر أن العنف في الشارع يوازيه إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية ما يضع الأُسر في حالات صعبة. مشيراً إلى أن «رد فعل الشرطة مبالغ به على بعض الاحتجاجات السلمية في القرى». ومن غير المعروف ما هي القرى التي يتحدث السفير هنا حولها، فجميع القرى التي تشهد «الاحتجاجات السلمية» تتضمن استهدافاً لرجال الأمن بالقنابل الحارقة «المولوتوف».
لا يمكن القبول باختزال العلاقات البحرينية ـ الأمريكية في مواقف وجهود السفير الأمريكي بالمنامة تماماً، بل إن السماح باستمرارها من شأنه الإضرار بهذه العلاقات «الاستراتيجية» على المديين المتوسط والطويل.
نتفهم جيداً الموقف المحرج والحساس لحكومة البحرين تجاه السفير الأمريكي الذي يزداد تذمر الوزراء بشأن أدواره المختلفة. ولكن هناك حاجة لرفع هذا الحرج شعبياً وبرلمانياً، فبعد تزايد حالة مقاطعة المجالس الشعبية لاستقبال السفير، وتحفظ العديد من النواب على الالتقاء به، فإن المطلوب أكثر وأكثر.
الرأي العام يطالب اليوم بطرد السفير الأمريكي من المنامة أو استبداله بشخصية أخرى أكثر اعتدالاً حريصة أكثر على العلاقات البحرينية ـ الأمريكية، وهو بلا شك حق مشروع في إطار الديمقراطية البحرينية. ولكن الخيار الأكثر نجاعة هو تحرك نيابي سريع يقدم اقتراحاً برغبة للحكومة يتضمن رغبة ممثلي الشعب استبدال السفير الأمريكي بحيث يتم التفاهم مع الخارجية الأمريكية لتغييره حرصاً على العلاقات مع واشنطن، وهذا هو الخيار المطلوب اليوم.
{{ article.visit_count }}
واشنطن تؤكد أن العلاقات مع المنامة استراتيجية، والمنامة تؤكد بالمقابل أن العلاقات مع واشنطن استراتيجية أيضاً، فأين الخلل والمشكلة؟
زاوية هامة من المشكلة التي ظهرت تفاصيلها جلية بعد أزمة 2011 أن السفير الأمريكي اختزل العلاقات البحرينية ـ الأمريكية في الجهود التي يقوم بها في العاصمة المنامة. فهو يقابل الوزراء والمسؤولين، ويلتقي بممثلي مؤسسات المجتمع المدني باستمرار دون ضوابط متجاوزاً الأعراف الدبلوماسية المتبعة، وباتت هذه الجهود واضحة المقاصد والأجندة؛ فهو عندما يلتقي الوزراء والمسؤولين يكون المدافع الأول عن حقوق وحريات الجماعات الراديكالية، فهم في نظره «سلميين»، وينبغي السماح لهم بأن يفعلوا ما يشاؤوا لأنه «حقهم في التجمع والتعبير عن الرأي».
أما إذا التقى السفير ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً الجمعيات السياسية، فإن لغته السياسية تختلف، حيث يؤكد قناعته بضرورة تغيير الأنظمة «الأوتوقراطية» الحاكمة في الخليج، وتحويلها لأنظمة ديمقراطية حديثة على غرار الديمقراطية العراقية التي كان أحد مهندسيها بعد الغزو عندما تولى مهمة المستشار السياسي للحاكم الأمريكي للعراق.
وتجاه حكومته في واشنطن فإنه يقدم رؤية واضحة تقوم على ضرورة تقديم الدعم للجماعات الراديكالية لأنها من وجهة نظره «حركة ديمقراطية وليدة البحرين وليس لأطراف أخرى تدخل فيها». ففي إحدى المرات التي قدم فيها السفير إفادته بشأن الأوضاع في البحرين أمام مجلس الشيوخ دار الحوار الآتي:
- إلى أي حد كان هناك إشارات على أن إيران تقف وراء الأزمة السياسية؟
- شكراً أيها السيناتور، الأحداث في فبراير ومارس في وجهة نظرنا من الواضح أنها بدأت من قبل البحرينيين. كما أعتقد أنهم كانوا يعبرون عن حقوقهم للتجمع وإبداء آرائهم، لم نر أي دليل على تحريض إيراني. إلا أننا قلقون من الاستغلال الإيراني، حيث إنهم سيستغلون أي وضع مثيل في دول أخرى، ونحن قلقون على البحرين أيضاً، ولكن هذه الحركة هي وليدة البحرين. (انتهى الحوار..).
من الواضح أن السفير لا يتابع تماماً الفضائيات الإيرانية الناطقة بالفارسية أو العربية التي يجيدها ليرى حجم الأكاذيب التي تروّج ونوعية الخطاب السياسي ـ الإعلامي المنتشر فيها.
ما يؤكد ذلك أن السفير الأمريكي رفض في حوار أجرته (الوطن) ونشرت تفاصيله يوم 24 يونيو الماضي الرد على سؤال حول إمكانية إطلاق حوار بينما تنتهج المعارضة العنف المسلح في الشارع وقال: «لا تعليق»، إلا أنه اعتبر أن العنف في الشارع يوازيه إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية ما يضع الأُسر في حالات صعبة. مشيراً إلى أن «رد فعل الشرطة مبالغ به على بعض الاحتجاجات السلمية في القرى». ومن غير المعروف ما هي القرى التي يتحدث السفير هنا حولها، فجميع القرى التي تشهد «الاحتجاجات السلمية» تتضمن استهدافاً لرجال الأمن بالقنابل الحارقة «المولوتوف».
لا يمكن القبول باختزال العلاقات البحرينية ـ الأمريكية في مواقف وجهود السفير الأمريكي بالمنامة تماماً، بل إن السماح باستمرارها من شأنه الإضرار بهذه العلاقات «الاستراتيجية» على المديين المتوسط والطويل.
نتفهم جيداً الموقف المحرج والحساس لحكومة البحرين تجاه السفير الأمريكي الذي يزداد تذمر الوزراء بشأن أدواره المختلفة. ولكن هناك حاجة لرفع هذا الحرج شعبياً وبرلمانياً، فبعد تزايد حالة مقاطعة المجالس الشعبية لاستقبال السفير، وتحفظ العديد من النواب على الالتقاء به، فإن المطلوب أكثر وأكثر.
الرأي العام يطالب اليوم بطرد السفير الأمريكي من المنامة أو استبداله بشخصية أخرى أكثر اعتدالاً حريصة أكثر على العلاقات البحرينية ـ الأمريكية، وهو بلا شك حق مشروع في إطار الديمقراطية البحرينية. ولكن الخيار الأكثر نجاعة هو تحرك نيابي سريع يقدم اقتراحاً برغبة للحكومة يتضمن رغبة ممثلي الشعب استبدال السفير الأمريكي بحيث يتم التفاهم مع الخارجية الأمريكية لتغييره حرصاً على العلاقات مع واشنطن، وهذا هو الخيار المطلوب اليوم.