يعلم الجميع أنه عندما زحفت البحرين من رضيعها إلى كبيرها إلى الفاتح، لم يكن زحفها لأجل حوار أو مطالب معيشية أو دعوة إلى تهدئة، بل كان لأجل كرامة القيادة والبحرين التي أهانها علي سلمان وأتباعه عندما هتفوا بإسقاط النظام، ولم تتحرك الدولة في وقتها للقضاء على هذا الانقلاب كما تفعل أمريكا وبريطانيا عندما تتعرض لخروج مظاهرات، حتى لو كان خروجها لتحسين وضع معيشي، حيث يكون الأمن بالنسبة لهم خطوطاً لا يمكن تجاوزها من حزب ولا لوردات ولا رهبان أو راهبات، إلا البحرين يكون أمنها ورقة رهان بين أتباع إيران والأمريكان، الذين لم يعيشوا الليالي السوداء التي عاشها شعب البحرين، والذي ينزف اليوم قلبه دماً كلما رأى هذه الرويبضات تشتري خواطرها وتدارى مشاعرها، إلى أن بطرت وأصبح لها شأن لا يقل عن شأن دولة.يحاول علي سلمان اليوم إثارة مشاعر أهل الفاتح باستعراض دعوة الحوار، وذلك لعلمه أن أهل الفاتح مقتنعون بأن ما حدث في البحرين هو مؤامرة انقلابية، وأن العرف الدولي في التعامل مع رؤوس المؤامرة الانقلابية هو السجن أو النفي. كما إن الحكم الخليفي في البحرين ليس مثل أمريكا ولا بريطانيا ولا إيران ولا سوريا، وذلك للطبيعة التاريخية والجغرافية والاجتماعية والدينية في البحرين ودول الخليج، إذ أن الحكم في هذه الدول القريبة من مهبط الرسالة قائمة على قناعة شعوبها وقبولها بحكم الأسر الحاكمة، كأسر لها الفضل بعد الله في تأسيس حضاراتها، لذلك لا ترى هذه الشعوب منافس من أي شخص أو أي قبيلة أو أسرة مهما بلغ شأنها نسباً أو مالاً، وذلك لعدم قبول هذه الشعوب أن يكون ولاؤها لأقل من مستوى الأسرة الحاكمة، خصوصاً عندما نعرف أن هذه الأسر لها صولات وجولات وتاريخ مشرف، وليس فرداً واحداً منها، إنما قد يكون جميع أفرادها عرفوا بسمات متميزة تعجب هذه الشعوب وتفخر بها، بأن يكون هؤلاء الذين يحكمونهم من خيرة الناس، وأن الله سبحانه وتعالى خصهم بهذا الشرف والنبل وكرمهم وفضلهم على كثير من خلقه أن ولاهم ولاة على أهل الإسلام الأصيل.لذلك فإن قلوب أبناء الفاتح تتمزق وعيونهم تتطاير منها الشرر عندما ترى من ليس له تاريخ ولا له فصل ولا مكانة، وكان شيء نكرة يأتي بكل وقاحة ورذالة محاولاً استثارة أهل الفاتح ويطالب بإقالة الحكومة، أو يريد أن يستفتي أو أن يجلس مع ملك أو أمير يتحاور ويتفاوض في شؤون أمة الفاتح، وقبل أن يطالب بحكومة منتخبة، فليخبرنا بأصله وفصله ومن أين جاء وماذا قدم للبحرين، وبماذا خدم أمة الإسلام غير الموت وخراب الديار، وبماذا ساهم؛ هل ساهم في بناء اقتصاد ليكون شفيعاً له، أم أقام صرحاً تربوياً أو عملاً خيرياً أو خدمة دينية قدمها لرفعة الإسلام أو أهله.. لم يأت منه أي شيء من هذا كله، بل كان مصدر ضياع جهود الدولة عندما هدم اقتصادها ونزع أمنها لكي تكون سهلة المضغ في فم الوحش الإيراني التي لا يشبع إلا بشرب دماء أهل السنة التي لم يكتف بسفك دمائهم في العراق.يسعى علي سلمان لإقصاء أهل الفاتح من جميع مشاريع الدولة وتقديم أتباعه تحت أكذوبة المظلومية والتمييز، ويريد أن يخترق أجهزة الدولة حتى يحرم أهل الفاتح من لقمة عيشهم بعدما تصدوا له ولأتباعه في كل وزارة ومؤسسة، ولا ننسى ما فعلته وزارة العمل آنذاك حين أقصت جماهير الفاتح، وما قدمته «تمكين» لخدمة أهداف الانقلابيين الذين أقيمت لهم الورش والمؤتمرات وقدمت لهم فرص التوظيف تحت أكذوبة التدريب والتأهيل حتى استطاعت أن تشغل جميع الشواغر في الشركات الكبرى؛ طيران الخليج وبابكو والبا وبتلكو وغيرها من وزارات الدولة، وهناك الكثير الكثير الذي لا يمكن عده ومنه ما علم ومنه ما لم يعلم.عيون أهل الفاتح تترقب مصيرها ومستقبلها المجهول، وذلك بعد أن ظلمها تقرير بسيوني وهضم حق الذين هوجم أبناؤهم وبناتهم في صفوفهم الدراسية، وقتل منهم من قتل وأصيب من أصيب بإصابات بليغة، وما حدث لرجال الأمن الذين لم يذكرهم التقرير ما تعرضوا له من مخاطر الموت من المليشيات التي حاولت أن تدهسهم، وغير الأسلحة القاتلة التي استخدمت ضدهم، مما كان يجدر بهذا التقرير أن يصنفهم بأنهم عصابات إرهابية تستحق أقصى العقوبة على أصحابها، لكن مع الأسف تمت تبرئتهم تحت بند «التعبير عن الرأي».لكن يبقى الأمر لأولي الأمر، وما لنا إلا الصبر والطاعة، ولأجل البحرين وخيرها سيتحمل أهل الفاتح، فهم أهل مروءة وغيرة لا يكسرون كلمة ولاة أمورهم، وبالمقابل ينتظرون التقدير، بأن مطلبهم تبقى الحكومة وعلى رأسها خليفة بن سلمان، عين البحرين ونورها، ولا يخترق جهاز الأمن ولا تدنس المؤسسة العسكرية، ولا تتغير الدوائر الانتخابية، إذ إن الوضع اليوم أسوء من قبل 14 فبراير، خاصة في ظهور المنافقين الذين سرقوا زحف تلك الليلة ليحققوا أحلامهم بأن يكون لهم نصيب في دولة أو زعامة، لكن هيهات، وكما يقول الشاعر «إنّ الزرازيرَ لمّا قامَ قائمُها، تَوَهّمَتْ أنّها صارَتْ شَواهينا».
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90