عبرت المجموعات السورية المعارضة أول حواجز طريق خلافاتها عندما وقعت في الدوحة قبل أمس بالأحرف الأولى اتفاق إنشاء «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة»، وصرح القيادي في المجلس الوطني السوري أحمد رمضان «أن أهم نقاط هذا الاتفاق هو العمل على إسقاط النظام وعدم الدخول في أي حوار معه مشيراً إلى أن الائتلاف سيعمل على توحيد المجالس العسكرية التي تحارب الجيش النظامي داخل سورية»، من جانب آخر أوضح القيادي في المجلس الوطني السوري سمير نشار أن هناك «ضغوطاً دولية هائلة مورست على المجلس من أجل القبول بالاتفاق».
رغم كل هذا الزخم وكل هذا الإصرار على إسقاط نظام الأسد، ما يزال هذا النظام قادراً على مواجهة الصعوبات التي تبرز أمامه، وناجحاً في تحقيق درجة الاستمرار التي يحتاجها، وهو أمر يثير الدهشة ويرفع أكثر من علامة استفهام؛ فما هو السر الكامن وراء قدرة هذا النظام على البقاء رغم التحالفات المحلية والإقليمية والدولية التي قامت ضده؟ فليس هناك ما يميزه عن أنظمة عربية أخرى مشابهة في مصر وليبيا لم تستطع الصمود أكثر من أسابيع. فأساليبه القمعية لا تقل عنها شراسة، واستشراء الفساد في مفاصلة لا يقل عنها سوءاً، إذا لا بد أن يكون هناك عاملاً آخر غير واضح المعالم يمارس دوره الفعال في معادلة الصراع السورية.
هناك إشارات غير مباشرة تحدثت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال يوروب» تنبه إلى دور النفط العالمي في تلك المعادلة، ففي مقالة نشرتها الصحيفة مؤخراً، كان هناك تلميح إلى التحولات التي باتت تشهدها الأسواق النفطية عن انتقال «مركز السوق النفطية العالمي إلى آسيا»، منوهة إلى أنه «قد يصبح سعر النفط الذي تصدره روسيا إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية والبيرو نموذجاً لسعر النفط في العالم»، مؤكدة «استعداد الصين لخدمة التجارة النفطية بوساطة اليوان يضع بداية لنهاية عصر النفط - الدولار». وارتأت الصحيفة أنه طالما «تزيد آسيا من طلبها على النفط، وقريباً ما ستحدد الوضع في السوق العالمية، لذلك تملك الحق أن يكون سعر النفط في سوق المنطقة مبنيا على أساس طلبها، لهذا من الطبيعي أن يكون نوع النفط الذي يستخرج في آسيا وينتشر فيها نموذجاً للنفط المطلوب».
يشارك الصحيفة في رأيها مدير معهد الطاقة والاقتصاد فلاديمير فيغين، حيث نجده يقول «تتزايد عروض النفط، ويتشكل نوع جديد منه، ويصل أغلبه إلى السوق الآسيوية وسوق الشرق الأقصى التي تكبر باستمرار، لذلك يمكن لهذه الأنواع من النفط أن تصبح نموذجاً دولياً».
الأهم من ذلك هو ما بات يرجحه بعض المختصين في حقل النفط من تطور «نفط سيبيريا كي يصبح ماركة إيسبو قريباً معياراً لأسعار النفط في السوق العالمي محل مزيج برنت الذي ما زال حتى اليوم يمثل معياراً لمعظم صفقات النفط في السوق العالمي والذي تتناقص احتياطاته باستمرار، الشيء الذي يدفع لاعبي السوق للتفكير في بديل».
بطبيعة الحال، وكي يحتل نفط سيبريا مكان النفط الأمريكي برنت، من المفروض كما تقتضي المعايير الدولية لجودة النفط أن تتوفر فيه عدة شروط؛ «أولاً: حتمية وجود حجم تجاري مطلوب، ثانياً: جودة النفط، ثالثاً: لا يجب أن تكون أسعار النفط مرتبطة بالعوامل الداخلية». ووفقاً لتوقعات خبراء نفطيين فمن المحتمل أن «يكون لدى النفط السيبيري ماركة إيسبو، في مجال النفط والغاز، بحلول العام 2015 كلّ الحظوظ لكي يصبح معيار أسعار النفط لدول آسيا».
ليس هذا فحسب؛ فهناك المشروعات النفطية المستقبلية الضخمة التي أصبحت تخطط لها وتنفذها شركة النفط الروسية العملاقة «غازبروم»، كما أعلن عنها رئيس الشركة أليكسي ميلر، من أجل توسيع أسواقها «بإنشاء البنية التحتية لإيصال الغاز الطبيعي المسال إلى بلدان آسيا والمحيط الهادئ، وهو اتجاه جديد وواعد، وفي نفس الوقت حققت الشركة انتصاراً تكتيكياً في أوروبا من خلال كسبها الموافقة على مرور التيار الجنوبي في أراضي المجر».
وتتعاون شركة غاز بروم، كما تؤكد الكثير من الوثائق «مع واحدة من الشركات الرائدة في هذه الصناعة وهي شركة (شيل) التي لديها تجربة غنية جداً في الموارد الهيدروكربونية غير التقليدية مثل نفط القار، والنفط اللزج، والرمال النفطية. وبهذه الصورة تكون غاز بروم قد امتلكت كل الأدوات اللازمة لاستخراج النفط من الصخر الزيتي»، تجدر الإشارة هنا إلى دخول القطاع الخاص الروسي بقوة في الصناعة النفطية، فوفقاً لإحصاءات روسية رسمية «بلغت استثمارات القطاع الخاص في العام 2011 في مجال استكشاف النفط والغاز وحدها 500 مليون دولار».
وتتكامل الأدوار بين ما تقوم به موسكو كدولة مصدرة للنفط مع ما تمارسه بكين ودول آسيوية أخرى مثل اليابان من أدوار كأسواق مستوردة، وكما يبدو فإن روسيا ماضية في سياساتها الرامية إلى تعزيز أوضاعها في تلك الأسواق، تؤكد ذلك مجموعة من الإجراءات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين روس.
فقبل أيام أعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف عن مضي روسيا «قدماً في خططها لخصخصة شركة النفط الوطنية روسنفت بعد استحواذها على تي. إن. كيه - بي.بي في صفقة لشراء حصص بي. بي وشركاء لها»، منوهاً كما نقلت وكالة أنباء إنترفاكس عنه قوله خلال زيارة إلى لاوس أن «الصفقة لا تعني أننا لن تقوم بخصخصة روسنفت». من جانبها كانت المجموعة النفطية الروسية «روسنفت»، قد أعلنت أنها عازمة على شراء «كامل المجموعة المشتركة تي إن كا- بريتش بتروليوم في صفقة قيمتها 61 مليار دولار وستجعل الشركة الجديدة أول المجموعة الأولى لإنتاج النفط المسجلة في البورصة في العالم».
على نحو متصل؛ أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتعاون مع منتدى الدول المصدرة للغاز ورئيس مجلس إدارة «غازبروم» فيكتور زوبكوف، أثناء ترؤسه الوفد الروسي في منتدى الطاقة العالمي لعام 2012 في دبي «أن روسيا تحافظ على مصداقيتها كمصدر لموارد الطاقة في الأسواق العالمية، (مؤكداً عزم روسيا على) تنفيذ عدد من المشاريع الصناعية في منطقة الخليج».
مقابل ذلك أعلنت مصادر في حكومة محافظة أومسك الروسية «أن مستثمرين من الكويت أبدوا استعدادهم للمشاركة في تمويل بناء مطار (أوسك فيودَرَفكه) في مدينة أومسك، ويبلغ حجم تكلفته 7 مليارات روبل. ووفقاً لتصريحات مدير شركة «غولد فيكتوري» الكويتية محمد الأصبحي، فإن ذلك يعكس توجها كويتيا للاستثمار في السوق الروسية، مشيراً إلى «أن شركات كويتية كثيرة تعمل في روسيا، موضحاً أن الشركة الكويتية تهتم بالعمل في أومسك لموقعها المميز كمحطة في الطريق إلى كازخستان والصين وغيرها من الدول الآسيوية».
{{ article.visit_count }}
رغم كل هذا الزخم وكل هذا الإصرار على إسقاط نظام الأسد، ما يزال هذا النظام قادراً على مواجهة الصعوبات التي تبرز أمامه، وناجحاً في تحقيق درجة الاستمرار التي يحتاجها، وهو أمر يثير الدهشة ويرفع أكثر من علامة استفهام؛ فما هو السر الكامن وراء قدرة هذا النظام على البقاء رغم التحالفات المحلية والإقليمية والدولية التي قامت ضده؟ فليس هناك ما يميزه عن أنظمة عربية أخرى مشابهة في مصر وليبيا لم تستطع الصمود أكثر من أسابيع. فأساليبه القمعية لا تقل عنها شراسة، واستشراء الفساد في مفاصلة لا يقل عنها سوءاً، إذا لا بد أن يكون هناك عاملاً آخر غير واضح المعالم يمارس دوره الفعال في معادلة الصراع السورية.
هناك إشارات غير مباشرة تحدثت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال يوروب» تنبه إلى دور النفط العالمي في تلك المعادلة، ففي مقالة نشرتها الصحيفة مؤخراً، كان هناك تلميح إلى التحولات التي باتت تشهدها الأسواق النفطية عن انتقال «مركز السوق النفطية العالمي إلى آسيا»، منوهة إلى أنه «قد يصبح سعر النفط الذي تصدره روسيا إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية والبيرو نموذجاً لسعر النفط في العالم»، مؤكدة «استعداد الصين لخدمة التجارة النفطية بوساطة اليوان يضع بداية لنهاية عصر النفط - الدولار». وارتأت الصحيفة أنه طالما «تزيد آسيا من طلبها على النفط، وقريباً ما ستحدد الوضع في السوق العالمية، لذلك تملك الحق أن يكون سعر النفط في سوق المنطقة مبنيا على أساس طلبها، لهذا من الطبيعي أن يكون نوع النفط الذي يستخرج في آسيا وينتشر فيها نموذجاً للنفط المطلوب».
يشارك الصحيفة في رأيها مدير معهد الطاقة والاقتصاد فلاديمير فيغين، حيث نجده يقول «تتزايد عروض النفط، ويتشكل نوع جديد منه، ويصل أغلبه إلى السوق الآسيوية وسوق الشرق الأقصى التي تكبر باستمرار، لذلك يمكن لهذه الأنواع من النفط أن تصبح نموذجاً دولياً».
الأهم من ذلك هو ما بات يرجحه بعض المختصين في حقل النفط من تطور «نفط سيبيريا كي يصبح ماركة إيسبو قريباً معياراً لأسعار النفط في السوق العالمي محل مزيج برنت الذي ما زال حتى اليوم يمثل معياراً لمعظم صفقات النفط في السوق العالمي والذي تتناقص احتياطاته باستمرار، الشيء الذي يدفع لاعبي السوق للتفكير في بديل».
بطبيعة الحال، وكي يحتل نفط سيبريا مكان النفط الأمريكي برنت، من المفروض كما تقتضي المعايير الدولية لجودة النفط أن تتوفر فيه عدة شروط؛ «أولاً: حتمية وجود حجم تجاري مطلوب، ثانياً: جودة النفط، ثالثاً: لا يجب أن تكون أسعار النفط مرتبطة بالعوامل الداخلية». ووفقاً لتوقعات خبراء نفطيين فمن المحتمل أن «يكون لدى النفط السيبيري ماركة إيسبو، في مجال النفط والغاز، بحلول العام 2015 كلّ الحظوظ لكي يصبح معيار أسعار النفط لدول آسيا».
ليس هذا فحسب؛ فهناك المشروعات النفطية المستقبلية الضخمة التي أصبحت تخطط لها وتنفذها شركة النفط الروسية العملاقة «غازبروم»، كما أعلن عنها رئيس الشركة أليكسي ميلر، من أجل توسيع أسواقها «بإنشاء البنية التحتية لإيصال الغاز الطبيعي المسال إلى بلدان آسيا والمحيط الهادئ، وهو اتجاه جديد وواعد، وفي نفس الوقت حققت الشركة انتصاراً تكتيكياً في أوروبا من خلال كسبها الموافقة على مرور التيار الجنوبي في أراضي المجر».
وتتعاون شركة غاز بروم، كما تؤكد الكثير من الوثائق «مع واحدة من الشركات الرائدة في هذه الصناعة وهي شركة (شيل) التي لديها تجربة غنية جداً في الموارد الهيدروكربونية غير التقليدية مثل نفط القار، والنفط اللزج، والرمال النفطية. وبهذه الصورة تكون غاز بروم قد امتلكت كل الأدوات اللازمة لاستخراج النفط من الصخر الزيتي»، تجدر الإشارة هنا إلى دخول القطاع الخاص الروسي بقوة في الصناعة النفطية، فوفقاً لإحصاءات روسية رسمية «بلغت استثمارات القطاع الخاص في العام 2011 في مجال استكشاف النفط والغاز وحدها 500 مليون دولار».
وتتكامل الأدوار بين ما تقوم به موسكو كدولة مصدرة للنفط مع ما تمارسه بكين ودول آسيوية أخرى مثل اليابان من أدوار كأسواق مستوردة، وكما يبدو فإن روسيا ماضية في سياساتها الرامية إلى تعزيز أوضاعها في تلك الأسواق، تؤكد ذلك مجموعة من الإجراءات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين روس.
فقبل أيام أعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف عن مضي روسيا «قدماً في خططها لخصخصة شركة النفط الوطنية روسنفت بعد استحواذها على تي. إن. كيه - بي.بي في صفقة لشراء حصص بي. بي وشركاء لها»، منوهاً كما نقلت وكالة أنباء إنترفاكس عنه قوله خلال زيارة إلى لاوس أن «الصفقة لا تعني أننا لن تقوم بخصخصة روسنفت». من جانبها كانت المجموعة النفطية الروسية «روسنفت»، قد أعلنت أنها عازمة على شراء «كامل المجموعة المشتركة تي إن كا- بريتش بتروليوم في صفقة قيمتها 61 مليار دولار وستجعل الشركة الجديدة أول المجموعة الأولى لإنتاج النفط المسجلة في البورصة في العالم».
على نحو متصل؛ أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتعاون مع منتدى الدول المصدرة للغاز ورئيس مجلس إدارة «غازبروم» فيكتور زوبكوف، أثناء ترؤسه الوفد الروسي في منتدى الطاقة العالمي لعام 2012 في دبي «أن روسيا تحافظ على مصداقيتها كمصدر لموارد الطاقة في الأسواق العالمية، (مؤكداً عزم روسيا على) تنفيذ عدد من المشاريع الصناعية في منطقة الخليج».
مقابل ذلك أعلنت مصادر في حكومة محافظة أومسك الروسية «أن مستثمرين من الكويت أبدوا استعدادهم للمشاركة في تمويل بناء مطار (أوسك فيودَرَفكه) في مدينة أومسك، ويبلغ حجم تكلفته 7 مليارات روبل. ووفقاً لتصريحات مدير شركة «غولد فيكتوري» الكويتية محمد الأصبحي، فإن ذلك يعكس توجها كويتيا للاستثمار في السوق الروسية، مشيراً إلى «أن شركات كويتية كثيرة تعمل في روسيا، موضحاً أن الشركة الكويتية تهتم بالعمل في أومسك لموقعها المميز كمحطة في الطريق إلى كازخستان والصين وغيرها من الدول الآسيوية».