لا يقتصر الأمر على جبهة النفط وحدها؛ ففي منتصف العام 2009 توقع الخبراء من مجموعة ميريل لينش «Merrill Lyn?h» المصرفية الأمريكية بتجاوز الاقتصاد الروسي أي من أزماته متكهنين «ببدء انتعاش الاقتصاد الروسي» في وقت قريب، بنوا قراءتهم المتفائلة على «أن إحياء سوق العقارات على خلفية ارتفاع أسعار النفط سيقود إلى إنعاش سوق القروض مجدداً». وفي الاتجاه ذاته أكد فلاديمير بوتين، وهو الذي حكم روسيا في الفترة بين 2000 - 2008، في حديث مطول له حول الاقتصاد الروسي «الانتعاش الاقتصادي محسوم لكن الأهم هو المحافظة عليه، بعدما سجلت روسيا التي تعتمد بشكل كبير على أسعار المواد الأولية تراجعا في إجمالي ناتجها المحلي بواقع 7.9% عام 2009، علماً أن الاقتصاد الروسي كان يزداد سنوياً على مدى العقد الأخير بمعدل متوسط 7%». وكما تجمع العديد من المراصد الاقتصادية فقد «شهد الاقتصاد الروسي نمواً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام 2010، وهو ما يشير إلى أنه بدأ يتجه نحو التعافي بعد الانكماش الكبير الذي سجله عام 2009». وهو أمر تحدث عنه أيضاً نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي حينها أندريه كليباتش، الذي أكد على «أن الناتج المحلي الإجمالي (2010) ارتفع في الربع الثاني بنسبة 5.4% على أساس سنوي، مشيراً إلى أن هناك تسارعاً في النمو، الذي سجل نسبة 2.9% في الربع الأول من العام».
هذا على صعيد روسيا؛ فيما تبدو الصورة الصينية قريبة من نظيرتها الروسية، فكما تشير الإحصاءات الرسمية «سجل قطاع الخدمات في الصين زيادة في النمو في شهر أكتوبر 2012 حسب المؤشرات الأخيرة التي تبشر بإمكانية انتعاش الاقتصاد الصيني. فقد ارتفع مؤشر الشراء في هذا القطاع من 5.55 إلى 7.53 في شهر سبتمبر، وفق ما أفاد به مكتب الإحصائيات في نهاية الأسبوع. كما إن النشاط الصيني غير المنتج توسع في شهر أكتوبر 2012، وذلك لأول مرة في ثلاثة أشهر. وعرف الاقتصاد الصيني نمواً بمعدل 7.4% بين شهري يوليو وسبتمبر من عام 2012، وهو أدنى معدل في ثلاث سنوات، وذلك بسبب تراجع الطلب على صادراتها من قبل أهم الأسواق في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو». وقام البنك المركزي الصيني «بالتصديق على مشاريع البنى التحتية التي تفوق كلفتها 150 مليار دولار».
بل وصل الأمر، كما تتوقعه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى «تحول جذري في ميزان القوى في الاقتصاد العالمي». حيث يرى تقرير صادر منظمة التعاون والتنمية «أن الصين ستتفوق على أمريكا بحلول عام 2016، ففي نصف القرن القادم، كما هو متوقع من قبل المنظمة سوف تنتج البلدان الرائدة في العالم -تضم 34 بلداً- الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وسوف يزداد نموها بشكل سريع».
هذا النمو الاقتصادي أدى كما ترى بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية وتلك التي تراقب سير العلاقات الدولية إلى أن «روسيا والصين تسعيان للحد من نفوذ التمدد الأمريكي في الشرق وأفريقيا ومن سيطرة رأس المال الأمريكي على منابع الطاقة وأسواق الدول النامية»، مقابل استماتة «الولايات المتحدة لتقويض أية إمكانية مستقبلية لتمدد روسيا والصين باتجاه المياه الدافئة وتريد كذلك الاستمرار في التحكم بأسعار البترول والغاز العربي الذي يتيح لها تحجيم نمو اقتصاديات الدول الصاعدة وكذلك فرض استمرار الدولار كعملة دولية رسمية للتجارة العالمية».
هذا ما دفع صحيفة متزنة مثل صحيفة الفايننشل تايمز البريطانية أن تعترف بأن «التجمع الثنائي (الصين وروسيا) بات بإمكانه تغيير العالم»، وأرغم المحلل السياسي الأمريكي زبينيو برزيزنسكي ومستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حملته الانتخابية الأولى ومستشار مجلس الأمن الدولي السابق للرئيس كارتر، على أن «يقترح بأن المفاوضات الجماعية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية قادرة على حل جميع مشاكل العالم».
مقابل ذلك نرى المعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، وهو الممسك حتى الآن بزمام السوق النفطية يغوص في رمال الأزمة المالية العالمية المتحركة، التي عمت دول ذلك المعسكر منذ العام 2008، وما يزال يئن تحت رحمة تداعياتها لكونها، بخلاف ما تحاول نفيه وتؤكده صحيفة الفايننشال تايمز «معضلة بنيوية سببها الأعمق العولمة النيو- ليبرالية المنفلتة من عقالها والفجوة التي لا تزال تتوسّع في داخل الدول بين الفقراء والأغنياء، والتضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة».
ومن ثم فهي ليست حكومية محضة، فلو كانت كذلك لاختلفت مداخل ومن ثم حلول خطة الإنقاذ المالي الرسمية التي صاغها وزير الخزانة الأمريكية هنري بولسون «وذلك لإنقاذ النظام المالي الأمريكي بعد أزمة الرهن العقاري، والتي ظهرت على السطح سنة 2007، واستمرت تداعياتها حتى عام 2008، وتركت آثارها على قطاع البنوك والأسواق المالية الأمريكية مهددةً بانهيار الاقتصاد الأمريكي وتداعي الاقتصاد العالمي». وهو ما دفع بولسون إلى الاعتراف أن «التدخل غير المسبوق والشامل للحكومة يعتبر الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الأمريكي بشكل أكبر، موضحاً أن خطة وزارته تركز على إنشاء وكالة حكومية جديدة من شأنها ابتلاع كافة الأصول التي تهوي بالمؤسسات المالية الأمريكية». وقد شاركه هذه الرؤية رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي بن برنانكي حينها عندما وصفها بأنها «ضرورية لضمان ألا تؤدي الديون المعدومة إلى انهيار النظام المالي والاقتصاد».
وليس أدل من كون تلك الأزمة بنيوية وتمس النظام الرأسمالي برمته من انتقالها إلى أسواق دول اليورو، التي «تسببت أزمة منطقة اليورو الناجمة عن ركود اقتصادي تحول إلى كساد عام 2009 في هبوط الطلب الأوروبي على جميع المواد الأولية المصدَّرة من قبل الدول العربية وفي مقدمتها النفط. كما ألقى بظلاله على اقتصاديات البلدان الصناعية غير الأوروبية؛ فانخفضت وارداتها من هذه المواد. وهكذا تحملت الدول العربية النفطية وغير النفطية خسائر مالية فادحة فأصبحت ميزانيتها العامة في حالة عجز، وهبط بشدة فائض موازينها التجارية فانخفضت احتياطياتها الرسمية».
وبما أن أوروبا هي الشريك التجاري الأول لمجموعة الدول العربية، نظراً لضخامة حجم التبادل التجاري بين الكتلتين، فمن الطبيعي أن تنعكس تداعيات تلك الأزمة على الاقتصاد العربي وفي القلب منه النفط الخام. وما يقول الخبراء فإن «ضعف الاقتصاديات الأوروبية وانكماش الطلب فيها من شأنه أن ينعكس سلباً على الاقتصاديات العربية. هذا ينسحب على طلب أوروبا من بترول المنطقة العربية الأمر الذي يتضح حالياً في شكل انخفاض أسعار النفط الذي يمثل المصدر الرئيس لدخل كثير من الدول العربية، التي تعتمد على الأسواق الأوروبية في تصريف 60?-80% من صادراتها».
هذا على صعيد روسيا؛ فيما تبدو الصورة الصينية قريبة من نظيرتها الروسية، فكما تشير الإحصاءات الرسمية «سجل قطاع الخدمات في الصين زيادة في النمو في شهر أكتوبر 2012 حسب المؤشرات الأخيرة التي تبشر بإمكانية انتعاش الاقتصاد الصيني. فقد ارتفع مؤشر الشراء في هذا القطاع من 5.55 إلى 7.53 في شهر سبتمبر، وفق ما أفاد به مكتب الإحصائيات في نهاية الأسبوع. كما إن النشاط الصيني غير المنتج توسع في شهر أكتوبر 2012، وذلك لأول مرة في ثلاثة أشهر. وعرف الاقتصاد الصيني نمواً بمعدل 7.4% بين شهري يوليو وسبتمبر من عام 2012، وهو أدنى معدل في ثلاث سنوات، وذلك بسبب تراجع الطلب على صادراتها من قبل أهم الأسواق في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو». وقام البنك المركزي الصيني «بالتصديق على مشاريع البنى التحتية التي تفوق كلفتها 150 مليار دولار».
بل وصل الأمر، كما تتوقعه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى «تحول جذري في ميزان القوى في الاقتصاد العالمي». حيث يرى تقرير صادر منظمة التعاون والتنمية «أن الصين ستتفوق على أمريكا بحلول عام 2016، ففي نصف القرن القادم، كما هو متوقع من قبل المنظمة سوف تنتج البلدان الرائدة في العالم -تضم 34 بلداً- الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وسوف يزداد نموها بشكل سريع».
هذا النمو الاقتصادي أدى كما ترى بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية وتلك التي تراقب سير العلاقات الدولية إلى أن «روسيا والصين تسعيان للحد من نفوذ التمدد الأمريكي في الشرق وأفريقيا ومن سيطرة رأس المال الأمريكي على منابع الطاقة وأسواق الدول النامية»، مقابل استماتة «الولايات المتحدة لتقويض أية إمكانية مستقبلية لتمدد روسيا والصين باتجاه المياه الدافئة وتريد كذلك الاستمرار في التحكم بأسعار البترول والغاز العربي الذي يتيح لها تحجيم نمو اقتصاديات الدول الصاعدة وكذلك فرض استمرار الدولار كعملة دولية رسمية للتجارة العالمية».
هذا ما دفع صحيفة متزنة مثل صحيفة الفايننشل تايمز البريطانية أن تعترف بأن «التجمع الثنائي (الصين وروسيا) بات بإمكانه تغيير العالم»، وأرغم المحلل السياسي الأمريكي زبينيو برزيزنسكي ومستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حملته الانتخابية الأولى ومستشار مجلس الأمن الدولي السابق للرئيس كارتر، على أن «يقترح بأن المفاوضات الجماعية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية قادرة على حل جميع مشاكل العالم».
مقابل ذلك نرى المعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، وهو الممسك حتى الآن بزمام السوق النفطية يغوص في رمال الأزمة المالية العالمية المتحركة، التي عمت دول ذلك المعسكر منذ العام 2008، وما يزال يئن تحت رحمة تداعياتها لكونها، بخلاف ما تحاول نفيه وتؤكده صحيفة الفايننشال تايمز «معضلة بنيوية سببها الأعمق العولمة النيو- ليبرالية المنفلتة من عقالها والفجوة التي لا تزال تتوسّع في داخل الدول بين الفقراء والأغنياء، والتضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة».
ومن ثم فهي ليست حكومية محضة، فلو كانت كذلك لاختلفت مداخل ومن ثم حلول خطة الإنقاذ المالي الرسمية التي صاغها وزير الخزانة الأمريكية هنري بولسون «وذلك لإنقاذ النظام المالي الأمريكي بعد أزمة الرهن العقاري، والتي ظهرت على السطح سنة 2007، واستمرت تداعياتها حتى عام 2008، وتركت آثارها على قطاع البنوك والأسواق المالية الأمريكية مهددةً بانهيار الاقتصاد الأمريكي وتداعي الاقتصاد العالمي». وهو ما دفع بولسون إلى الاعتراف أن «التدخل غير المسبوق والشامل للحكومة يعتبر الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الأمريكي بشكل أكبر، موضحاً أن خطة وزارته تركز على إنشاء وكالة حكومية جديدة من شأنها ابتلاع كافة الأصول التي تهوي بالمؤسسات المالية الأمريكية». وقد شاركه هذه الرؤية رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي بن برنانكي حينها عندما وصفها بأنها «ضرورية لضمان ألا تؤدي الديون المعدومة إلى انهيار النظام المالي والاقتصاد».
وليس أدل من كون تلك الأزمة بنيوية وتمس النظام الرأسمالي برمته من انتقالها إلى أسواق دول اليورو، التي «تسببت أزمة منطقة اليورو الناجمة عن ركود اقتصادي تحول إلى كساد عام 2009 في هبوط الطلب الأوروبي على جميع المواد الأولية المصدَّرة من قبل الدول العربية وفي مقدمتها النفط. كما ألقى بظلاله على اقتصاديات البلدان الصناعية غير الأوروبية؛ فانخفضت وارداتها من هذه المواد. وهكذا تحملت الدول العربية النفطية وغير النفطية خسائر مالية فادحة فأصبحت ميزانيتها العامة في حالة عجز، وهبط بشدة فائض موازينها التجارية فانخفضت احتياطياتها الرسمية».
وبما أن أوروبا هي الشريك التجاري الأول لمجموعة الدول العربية، نظراً لضخامة حجم التبادل التجاري بين الكتلتين، فمن الطبيعي أن تنعكس تداعيات تلك الأزمة على الاقتصاد العربي وفي القلب منه النفط الخام. وما يقول الخبراء فإن «ضعف الاقتصاديات الأوروبية وانكماش الطلب فيها من شأنه أن ينعكس سلباً على الاقتصاديات العربية. هذا ينسحب على طلب أوروبا من بترول المنطقة العربية الأمر الذي يتضح حالياً في شكل انخفاض أسعار النفط الذي يمثل المصدر الرئيس لدخل كثير من الدول العربية، التي تعتمد على الأسواق الأوروبية في تصريف 60?-80% من صادراتها».