مصطلح الربيع العربي غربي النشأة وله دلالات رمزية في التغيير السياسي، وهو مصطلح قد يكون مرغوباً ومقبولاً في البلدان الممتدة من اليمن جنوباً إلى سوريا شمالاً مروراً بكل من مصر وليبيا وتونس، وهي البلدان العربية غير الملكية تحديداً. بالمقابل فإنه مصطلح مرفوض وغير مقبول تماماً لدى الأنظمة الملكية العربية التي بدأت تتأثر بتداعيات مرور الربيع على هذه الدول. الربيع العربي صار مرادفاً للتغيير السياسي، وهي عملية لم تهتم بها دول مجلس التعاون الخليجي خاصة طوال العقود الماضية رغم ما تملكه من موارد وإمكانات هائلة. وليس المقصود التغيير السياسي في دول المجلس نفسها، فالتحول يمضي فيها بشكل متفاوت من بلد لآخر طبقاً لظروفه. والمقصود هنا حاجة دول مجلس التعاون لدعم التغيير السياسي في عدد من البلدان لتحقيق هدفين لا أكثر، تحرير وتحقيق تطلعات شعوب هذه الدول التي يجب استهدافها بالتغيير أولاً، وثانياً تعزيز الأمن الإقليمي الخليجي. أخطاء استراتيجية ارتكبتها دول المجلس مرتين بشكل أساسي، وكانت نتائجها وخيمة للغاية، ومازالت دول المجلس تدفع الثمن غالياً بسبب هذه الأخطاء التي كان بالإمكان معالجتها بسهولة. فإذا رجعنا بالذاكرة قليلاً إلى مطلع العام 2003 حيث كان النظام العراقي السابق على وشك السقوط، ولم تهتم دول المجلس بإيجاد بدائل يمكن أن تتحالف معها مستقبلاً، فكانت النتيجة سيطرة القوى السياسية المتحالفة مع طهران على مقاليد الحكم لتبدأ العمل مباشرة ضد منظومة مجلس التعاون الخليجي، ومن المرتقب أن تظهر نتائجها أكثر مستقبلاً. الخطأ الآخر، هو ما حدث في منتصف العام 2009 واستمر حتى العام 2010، في هذه الفترة اندلعت الثورة الخضراء في إيران، وهي ثورة الإيرانيين على النظام الثيوقراطي الحاكم بعد اتهامات وجهت للنظام بتزوير نتائج الانتخابات التي فاز فيها الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد، ونتذكر جيداً تلك الاحتجاجات المليونية التي شهدتها عدة مدن إيرانية. تلك الثورة الخضراء سبقت الثورات العربية الأخيرة، ولكنها لم تحظ بدعم من دول مجلس التعاون الخليجي إعلامياً أو حتى مادياً أو دبلوماسياً. اليوم إيران تشهد ثورة كامنة غير ظاهرة من مكوناتها على النظام الثيوقراطي الحاكم، وقد تقود الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة إلى ثورة جديدة، سيما مع إقامة الانتخابات الرئاسية المقبلة في 14 يونيو المقبل. ولم يسبق أن شهدت إيران موجة استياء عارمة كالتي تشهدها الآن، وما يميز هذه الموجة النشاط المحموم لمكونات المجتمع الإيراني لكسب تأييد الرأي العام العربي والدولي. فرصة كبيرة كانت أمام دول مجلس التعاون للاستفادة من قدراتها وإمكاناتها للتغيير السياسي في دول الجوار الجغرافي لها، بدلاً من الاعتماد على التصريحات ومواقف دبلوماسية لا تضيف جديداً، ومتابعة ما تقوم به كل من طهران وبغداد من مساس بالأمن الإقليمي الخليجي.