في الوقت الذي تتسابق فيه عدد من دول الشرق الأوسط إلى تبني دبلوماسية نشطة على مستوى المنطقة تعالج القضايا الإقليمية التي لا تخلو منها المنطقة، وفي ظل صراعات متفاقمة منذ عدة سنوات بين ثورات وحروب أهلية وصراعات كامنة، من المستبعد أن تتبنى إحدى الدول دبلوماسية إنسانية نشطة. هذا الخيار مفتوح ومتاح لكافة دول العالم، وهناك حكومات عديدة تبنت مثل هذا النوع من الدبلوماسية بين وقت وآخر. ولكن على مستوى الدبلوماسية البحرينية فإنها فترة نادرة تشهدها في تاريخها الحديث لتبني الدبلوماسية الإنسانية. نشاط إنساني لافت في القارة الإفريقية، ينتقل بسرعة وفورية إلى الشمال العربي حيث الصراع مازال محتدماً في الأراضي السورية، والأوضاع الإنسانية متفاقمة في الأراضي الفلسطينية، هذا هو حال الدبلوماسية الإنسانية البحرينية. البحرين رغم مواردها المحدودة، إلا أنها لم تتجاهل مسؤوليتها القومية لدعم الشعب السوري أو الفلسطيني، فإنشاء مشروع مدرسة البحرين في غزة، ومجموعة من المشاريع للاجئين السوريين في عدة دول كلها أنشطة تعد من مظاهر الدبلوماسية الإنسانية البحرينية. بالأمس أمر جلالة الملك ببناء 500 كبينة سكنية جاهزة للاجئين السوريين بالأردن، وهي لفتة إنسانية مهمة قبل أي تفسير أو تحليل سياسي لها. فالشعب السوري قدم الكثير للبحرين منذ عقود طويلة، وتحديداً قبل قرن من الزمن عندما توافد المدرسون السوريون وساهموا في تأسيس التعليم النظامي، فما تقدمه البحرين لهم اليوم، هو أقل ما يمكن تقديمه لهذا الشعب الشقيق. وهي بلا شك مبادرة محل تقدير من حكومة وشعب البحرين. أداة الدبلوماسية الإنسانية البحرينية المؤسسة الخيرية الملكية بإدارة وإشراف مباشر من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، وهي مؤسسة توقع البعض في بداية تأسيسها أن يكون دورها محدوداً كبقية المؤسسات الخيرية في الدولة، إلا أنه بمرور الوقت تأكد أن هذا المؤسسة هي المناطة بها تنفيذ دبلوماسية البحرين الإنسانية، وهي ما تمكنت منها ببراعة. الدبلوماسية الإنسانية ليست ترفاً، وليست دون نتائج، فإذا لم تكن نتائجها سريعة اليوم، فإنها على المدى الطويل لها الكثير من النتائج سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً. هذا النوع من الدبلوماسية ينبغي دعمه شعبياً بالدرجة الأولى، ومن ثم دعمه عبر مؤسسات المجتمع المدني، لأنها دبلوماسية في أحايين كثيرة لها تأثير أكبر بكثير من الدبلوماسية التقليدية.