هذا عنوان مقال للشيخ الدكتور طه حامد الدليمي، يتحدث فيه عن «التخبط السني في الانتفاضة الشعبية العراقية الحالية»، وقبول زعاماتها بوساطة من قادة التيار الصدري و«جيش المهدي» حيث صور الكاتب قبولهم بالوساطة بـ«الكارثة»، هذه الحالة تذكرنا بتشابه الأحوال بين ما حدث لـ«تجمع الفاتح» وما يحدث الآن للانتفاضة العراقية، الأمر الذي يدل على أن هناك تخطيطاً هندسياً ديناميكياً يعتمد على قياس واستشعار من أين يؤكل أهل «السنة» بمجرد أن ترتفع لهم راية أو يعلو لهم صوت؟ وهم بالطبع يعرفون جيداً أن أهل السنة متى ما تأهبوا ونفروا، فلا ولن تتمكن جيوش العالم أن تصدهم أو تقف أمامهم، وهو ما حصل في العراق، عندما تصدت المقاومة العراقية البطلة آنذاك للمستعمر الأمريكي والإيراني، الذين بسببهم تغير تكتيك تنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد، وكذلك هو «تجمع الفاتح» حين أسقط المؤامرة الانقلابية، وتراجعت على أثره السفن الإيرانية إلى محيطها ومرافئها.
اليوم يحصل لـ«تجمع الفاتح» الشيء نفسه، عندما تم استخدام بعض المحسوبين عليه من الذين رفعوا راية الدفاع عن الوطن وركبوا «موجة الفاتح»، فإذا بالبعض منهم يقدم على الالتحام مع قادة الانقلابيين والانسجام والذوبان في موكبهم، والذي قرأنا كيف تشابهت فيه تقاريرهم، وكيف توزعت الأدوار بينهم، وهو نفس ما حدث في الانتفاضة السنية العراقية الحالية التي فيها بدل «جيش المهدي» جلده ليندس بين هذه الانتفاضة فتتحول لصالح «جيش المهدي» المتحالف مع الحكومة العراقية، وهكذا تموت الانتفاضة السنية لأنها خرجت باسم السنة، وكذلك يموت تجمع الفاتح لأنه خرج باسم أهل السنة.
وفي كليهما، استطاع التكتيك الصفوي الأمريكي قتل الانتفاضتين بواسطة أشخاص منهما، وذلك عندما قبلت قيادات السنة في الانتفاضة العراقية بوساطة جيش المهدي، وقبل أشخاص محسوبون على أهل الفاتح أن يخرجوا من الفاتح بمعارضة ضد الحكومة تتشابه وتتشابك مع «الوفاق» في رؤيتها واستراتجيتها، فتتلاقى المصالح وتتوحد الجهود، وهكذا استطاع التكتيك الصفوي الأمريكي أن يقتل راية الاستنفار السني كلما ارتفعت، حيث إن ارتفاعه ينذر بخطر كبير على الوجود الصفوي الأمريكي، وهم على علم كيف ستكون قوته وشجاعته، فقد جربوه وعاشوا وجعه وضيمه وبأسه في أفغانستان والعراق.
نعود إلى مقال الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي الذي يقول فيه «فإذا كان المجرم الأول هو الوسيط، وهو الذي يراد منه إحقاق الحق وإزالة الظلم، فعلى أي ظالم خرجت هذه الجماهير؟ وإذا كان المظلوم يبرئ ظالمه، بل يمجده ويرفعه فمن أين يأخذ حقوقه؟ وإذا كان أكابر سفاحي الدنيا ينفذون جرائمهم بنا ثم يجدوننا بعد ذلك نستقبلهم في كبار مساجدنا، ونرفع إلى «مقاماتهم» طلباتنا، ونشكو إليهم حالنا، ماذا سيقولون عنا؟ وماذا سيفعلون بنا يوم تنتهي الانتفاضة؟ ما من شك أنهم اليوم يتضاحكون فيما بينهم وعلى موائد سكرهم وعربدتهم قائلين: «هل رأيتم في حياتكم سذجة خانعين كهؤلاء؟! وقد صرح بمثلها المدعو «محمد حسن الموسوي» ممثل أحمد الجلبي في لندن، بعدما حصل للسنة في بغداد من قبل مليشيا «جيش المهدي» من تفجير مساجدهم والاستيلاء عليها، والقيام بعمليات الإبادة، قال: «ما كنا نظن السنة بهذا الهوان! ظنناهم سيثورون ويكون لهم موقف آخر أما وقد تبين ضعفهم فاعملوا ما شئتم بهم». وها هو مقال أحد الانقلابيين تحت عنوان «معارك «أهل الفاتح» وحقيقة ما يجري»، حيث ذكر في نصه عن الجماعة التي استخدمت لإنهاء التجمع السني، يبين العامل المشترك بين انتفاضة أهل السنة في العراق وتجمع الفاتح حيث يذكر في مقاله: «المشهد الحالي كان واضح المعالم في التقرير السياسي للتجمع والذي نص بوضوح أن كل من يحاول الخروج عن عباءة السلطة من أهل الفاتح سيتم تأليب «الشارع السني عليه» وهو ما نشهده حالياً من عمليات تأليب ممنهجة على أطراف داخل التجمع بدأت في مراجعة حساباتها السياسية، والنظر بشكل أكثر وضوحاً للمشهد السياسي، وهو ما أقلق كثيرين في ظل تراجع أعداد الموالين، وتحولهم لمعارضين يطالبون هم أيضاً بإصلاحات سياسية، وإن لم تتفق في مضمونها بشكل واضح مع المعارضة»، وهو ما يفسر أن «الوفاق» قد حاولت من خلال بعض الذين دخلوا في تجمع «الوحدة الوطنية» أن تفشل وتنهي «تجمع الفاتح»، إنه نفس الأسلوب يستخدم الآن في العراق وفي البحرين، وإن اختلفت طرقه وأساليبه، ولكن ستكون النتيجة واحدة، وهو إفشال أي انتفاضة سنية في أي دولة ضد الحكومات الطائفية التابعة لإيران، أو انتفاضة تقف في وجه التمدد الإيراني ووصوله إلى الحكم، وهذا لا يحدث في البحرين والعراق فقط، بل يحدث اليوم في سوريا، وذلك حين نرى المؤامرات تحاك غربية أمريكية إيرانية، لإنهاء المعركة في سوريا لصالح قوى سياسية اسمياً، وعميلة خائنة فعلياً، فالعملاء والخونة موجودون في كل زمان ومكان.
ونعود إلى ختام مقال الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي الذي قال فيه «ترى! هل كان الشاعر ينظر إلينا من وراء سجف الغيب ليقول: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، ولا سراة إذا جهالهم سادوا»، ونقول هنا السراة لأهل الفاتح باقون، ولأهل العراق باقون، وإنما هي ساعات ويتقهقر أهل الجهل وينتصر الحق.