الإصرار على زيادة رواتب القطاعين العام والخاص والمتقاعدين، والاستمرار في مشروع البيوت الآيلة، وتضمين كل ذلك في الميزانية العامة للدولة، أي بالبحريني الصريح الميزانية «ما بتمشي» إلا بعد الموافقة على هذه الطلبات الصادرة عن النواب.
أعلاه أبرز مضامين اجتماع اللجنة التنسيقية للكتل النيابية، والتي من المهم التوقف عندها، دون نسيان النقاط التي أثاروها بشأن ممارسة دورهم الرقابي والمحاسبي للدولة.
كلنا مع النواب في مساعيهم لرفع الرواتب، لاستمرار مشروع البيوت الآيلة، وغيرها من الملفات المعيشية التي تمس وضع المواطنين، لكن نختلف معهم في أسلوب التعاطي مع هذه الأمور.
ما نراه يحصل سنوياً سيناريو مكرر، إذ يتم أخذ عملية تمرير موازنة الدولة بأسلوب «المساومة» مع الحكومة، بمعنى أن النواب سيعطلونها بقصد إن لم تمرر مطالباتهم.
طيب، المشكلة ليست هنا، المشكلة تكمن في أننا طوال حراك في دور تشريعي كامل لا يتحرك النواب بجدية على تلك المشاريع التي تمس المواطن، وحين يأتي الحديث عن الموازنة يتحركون بأسلوب «مرروا لنا ونمرر لكم».
لو كان المبرر هنا أنها الطريقة الوحيدة لدفع الدولة لقبول مقترحات النواب بشأن تحسين الوضع المعيشي، لقلنا «معذورين» النواب، و«لا حول ولا قوة»، لكن المشكلة أننا ندرك بأنه لو اتفق كل النواب بواقع 40 نائباً على زيادة رواتب الناس، وأجمعوا على ذلك، فإن الحكومة ستكون مضطرة للتعاطي إيجاباً معهم، يعني الجماعة بإمكانهم لو أجمعوا واتفقوا مع بعض أن يضعوا الدولة في «كورنر»، وأن يجعلوا عليها ضغطاً كبيراً سيدعمه تأييد الرأي العام لهم، وبإمكانهم أيضا تسجيل مواقف في حينها.
أقول في حينها، لأن الصورة التي ترتسم لدينا حينما يتم التعامل مع الميزانية بهذه الطريقة، لا تعني إلا عجز النواب عن تمرير مشاريعهم ومقترحاتهم إلا حينما يمتلكون ورقة ضغط، وهذه صورة خاطئة لا يجب أن توجد من الأساس.
علاوة الغلاء سببت أزمة، في حين كان بالإمكان حسمها بسرعة وسهولة، حتى زيادة الرواتب، خاصة أن فلوس «الدعم الخليجي» موجودة، وكان يكفي الضغط بقوة بشأنها لاستقطاع ميزانية خاصة بهذه المشاريع على وجه السرعة، لكن هذا لا يحصل للأسف، قد نجده في التصريحات الإعلامية، لكننا لا نراه واقعاً من منطلق إجماع جميع النواب وإصرارهم على تمرير هذه المشاريع وإلزام الدولة بالتعاطي إيجاباً بشأنها.
فقط أقول، لو أجمع كل النواب على تمرير مشروع فإنه من الصعوبة إجهاض ذلك، وحتى لو تم، فبسهولة يمكن للنواب اتخاذ موقف، علقوا جلساتكم، اخرجوا في اعتصام أمام مبنى برلمانكم، مارسوا الضغط بكل أنواعه، لكن أن نصل للمساومة الدائمة بشأن الميزانية، فهذا ما نراه استخدام لورقة ضغط تدل على العجز، إذ كلنا ندرك أن الميزانية ستمرر عاجلاً أم آجلاً، إذ لا يمكن للدولة أن تعمل بميزانية مجمدة.
زبدة القول أنه لا يجب تضييع الوقت في مساجلات وطرح مشاريع يتبناها 4 أو 5 نواب أو كتلة دون أخرى، يكون نصيبها من التحقق في إطار نسبة محدودة، بينما يمكن في حال توحد كلمة ومواقف جميع النواب أن تمرر مشاريع مؤثرة بنسب تحقق كبيرة.
هذا جانب، أما الجانب الآخر الذي «زعلنا» من الإخوة النواب، هو توصيفهم لمضامين تقرير ديوان الرقابة المالية بأن الكتل وجدت أن العديد من المخالفات في التقرير تندرج تحت «سوء الإدارة» والتي لا ترتقي للجرم الجنائي!
أكيد يا جماعة الخير، اسمه تقرير الرقابة المالية والإدارية، وأغلب المخالفات فيه هي ناتجة عن سوء إدارة، باعتبار أن زمن السرقة عيني عينك، والأخذ من مال الدولة، ووضعه في الجيب الخاص، ما يعني وصف القائم بالفعل على أنه «حرامي»، هذا الزمن يفترض أنه انتهى، فالمغفل وحده الذي سيقوم باختلاس في وضح النهار هكذا، وفي ظل تدقيق ومتابعة، بيد أن الواضح هو استهتار وإهدار لملايين الدنانير تحت توصيف «سوء الإدارة».
المشكلة أن الناس ستفهم من الكلام أنه حتى لو طارت ملايين بسبب «سوء الإدارة» فإنه لا يمكن محاسبة «الفاشلين إدارياً» لأن هذه ليست جريمة جنائية!
يا جماعة صلوا على النبي، واتركوا عنكم اللعب بالكلام، فما أضاع عقداً كاملاً من عمل المجلس وبيان فاعليته إلا «الكلام» دون الأفعال. من وجدتموه سارقا للمال العام حاسبوه، ومن وجدتموه فاشلاً في إدارة الأمور أيضا حاسبوه وأقيلوه من موقعه لأنه لا ينفع ولأن أموال الدولة ليست موجودة لتكون ضريبة لـ«حقول تجارب» أو «مشاريع فاشلة».
أما ما يزعل أكثر منكم فهو القول بأن «الكتل أكدت حرصها على حماية المال العام ومحاسبة المخالفين، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار القانون واللوائح الداخلية للمجلس، وليس فقط من أجل إرضاء الرأي العام»! معقولة يا جماعة «الرأي العام» أي رأي الناس، أصبح «يزعل لهذه الدرجة»؟!
الرأي العام «رأي الناس» يطالبكم بمحاربة الأخطاء والفساد المالي والإداري، والناس أصلاً لا يطالبون إلا بتطبيق القوانين واللوائح، لا يريدون التصرف بخلاف ما ينص عليه القانون، فلا تلقوا باللائمة على الناس وتصوروهم بأنهم صانعو ضغط عليكم وهو الذي قد يدفعكم للتعامل دون مهنية أو بخلاف القانون.
طيب، مقبولة منكم، لكن أقلها في المقابل نريد أن نرى محاسبة بحسب القانون، ملايين أهدرت وتقارير عديدة كتبت، وحتى الآن ولا مسؤول طار، ولا أحد تمت محاسبته.
لا يوجد أي شيء، أي إجراء، ولا تطبيق فعلياً للكلام، وبعدها تزعلون من «الرأي العام»، والله «ما عندكم سالفة»، مع شديد الاحترام!
{{ article.visit_count }}
أعلاه أبرز مضامين اجتماع اللجنة التنسيقية للكتل النيابية، والتي من المهم التوقف عندها، دون نسيان النقاط التي أثاروها بشأن ممارسة دورهم الرقابي والمحاسبي للدولة.
كلنا مع النواب في مساعيهم لرفع الرواتب، لاستمرار مشروع البيوت الآيلة، وغيرها من الملفات المعيشية التي تمس وضع المواطنين، لكن نختلف معهم في أسلوب التعاطي مع هذه الأمور.
ما نراه يحصل سنوياً سيناريو مكرر، إذ يتم أخذ عملية تمرير موازنة الدولة بأسلوب «المساومة» مع الحكومة، بمعنى أن النواب سيعطلونها بقصد إن لم تمرر مطالباتهم.
طيب، المشكلة ليست هنا، المشكلة تكمن في أننا طوال حراك في دور تشريعي كامل لا يتحرك النواب بجدية على تلك المشاريع التي تمس المواطن، وحين يأتي الحديث عن الموازنة يتحركون بأسلوب «مرروا لنا ونمرر لكم».
لو كان المبرر هنا أنها الطريقة الوحيدة لدفع الدولة لقبول مقترحات النواب بشأن تحسين الوضع المعيشي، لقلنا «معذورين» النواب، و«لا حول ولا قوة»، لكن المشكلة أننا ندرك بأنه لو اتفق كل النواب بواقع 40 نائباً على زيادة رواتب الناس، وأجمعوا على ذلك، فإن الحكومة ستكون مضطرة للتعاطي إيجاباً معهم، يعني الجماعة بإمكانهم لو أجمعوا واتفقوا مع بعض أن يضعوا الدولة في «كورنر»، وأن يجعلوا عليها ضغطاً كبيراً سيدعمه تأييد الرأي العام لهم، وبإمكانهم أيضا تسجيل مواقف في حينها.
أقول في حينها، لأن الصورة التي ترتسم لدينا حينما يتم التعامل مع الميزانية بهذه الطريقة، لا تعني إلا عجز النواب عن تمرير مشاريعهم ومقترحاتهم إلا حينما يمتلكون ورقة ضغط، وهذه صورة خاطئة لا يجب أن توجد من الأساس.
علاوة الغلاء سببت أزمة، في حين كان بالإمكان حسمها بسرعة وسهولة، حتى زيادة الرواتب، خاصة أن فلوس «الدعم الخليجي» موجودة، وكان يكفي الضغط بقوة بشأنها لاستقطاع ميزانية خاصة بهذه المشاريع على وجه السرعة، لكن هذا لا يحصل للأسف، قد نجده في التصريحات الإعلامية، لكننا لا نراه واقعاً من منطلق إجماع جميع النواب وإصرارهم على تمرير هذه المشاريع وإلزام الدولة بالتعاطي إيجاباً بشأنها.
فقط أقول، لو أجمع كل النواب على تمرير مشروع فإنه من الصعوبة إجهاض ذلك، وحتى لو تم، فبسهولة يمكن للنواب اتخاذ موقف، علقوا جلساتكم، اخرجوا في اعتصام أمام مبنى برلمانكم، مارسوا الضغط بكل أنواعه، لكن أن نصل للمساومة الدائمة بشأن الميزانية، فهذا ما نراه استخدام لورقة ضغط تدل على العجز، إذ كلنا ندرك أن الميزانية ستمرر عاجلاً أم آجلاً، إذ لا يمكن للدولة أن تعمل بميزانية مجمدة.
زبدة القول أنه لا يجب تضييع الوقت في مساجلات وطرح مشاريع يتبناها 4 أو 5 نواب أو كتلة دون أخرى، يكون نصيبها من التحقق في إطار نسبة محدودة، بينما يمكن في حال توحد كلمة ومواقف جميع النواب أن تمرر مشاريع مؤثرة بنسب تحقق كبيرة.
هذا جانب، أما الجانب الآخر الذي «زعلنا» من الإخوة النواب، هو توصيفهم لمضامين تقرير ديوان الرقابة المالية بأن الكتل وجدت أن العديد من المخالفات في التقرير تندرج تحت «سوء الإدارة» والتي لا ترتقي للجرم الجنائي!
أكيد يا جماعة الخير، اسمه تقرير الرقابة المالية والإدارية، وأغلب المخالفات فيه هي ناتجة عن سوء إدارة، باعتبار أن زمن السرقة عيني عينك، والأخذ من مال الدولة، ووضعه في الجيب الخاص، ما يعني وصف القائم بالفعل على أنه «حرامي»، هذا الزمن يفترض أنه انتهى، فالمغفل وحده الذي سيقوم باختلاس في وضح النهار هكذا، وفي ظل تدقيق ومتابعة، بيد أن الواضح هو استهتار وإهدار لملايين الدنانير تحت توصيف «سوء الإدارة».
المشكلة أن الناس ستفهم من الكلام أنه حتى لو طارت ملايين بسبب «سوء الإدارة» فإنه لا يمكن محاسبة «الفاشلين إدارياً» لأن هذه ليست جريمة جنائية!
يا جماعة صلوا على النبي، واتركوا عنكم اللعب بالكلام، فما أضاع عقداً كاملاً من عمل المجلس وبيان فاعليته إلا «الكلام» دون الأفعال. من وجدتموه سارقا للمال العام حاسبوه، ومن وجدتموه فاشلاً في إدارة الأمور أيضا حاسبوه وأقيلوه من موقعه لأنه لا ينفع ولأن أموال الدولة ليست موجودة لتكون ضريبة لـ«حقول تجارب» أو «مشاريع فاشلة».
أما ما يزعل أكثر منكم فهو القول بأن «الكتل أكدت حرصها على حماية المال العام ومحاسبة المخالفين، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار القانون واللوائح الداخلية للمجلس، وليس فقط من أجل إرضاء الرأي العام»! معقولة يا جماعة «الرأي العام» أي رأي الناس، أصبح «يزعل لهذه الدرجة»؟!
الرأي العام «رأي الناس» يطالبكم بمحاربة الأخطاء والفساد المالي والإداري، والناس أصلاً لا يطالبون إلا بتطبيق القوانين واللوائح، لا يريدون التصرف بخلاف ما ينص عليه القانون، فلا تلقوا باللائمة على الناس وتصوروهم بأنهم صانعو ضغط عليكم وهو الذي قد يدفعكم للتعامل دون مهنية أو بخلاف القانون.
طيب، مقبولة منكم، لكن أقلها في المقابل نريد أن نرى محاسبة بحسب القانون، ملايين أهدرت وتقارير عديدة كتبت، وحتى الآن ولا مسؤول طار، ولا أحد تمت محاسبته.
لا يوجد أي شيء، أي إجراء، ولا تطبيق فعلياً للكلام، وبعدها تزعلون من «الرأي العام»، والله «ما عندكم سالفة»، مع شديد الاحترام!